قال الكاتب والناشط الإنساني طاهر المعتصم، إن الكثير من السودانيين ينظرون بتفاؤل وحذر إلى الاجتماع المرتقب لدول الرباعية الدولية، آملين أن يشكل خطوة عملية نحو إنهاء الحرب المستمرة في السودان منذ أكثر من عامين، والتي وصفها بأنها "الأسوأ في تاريخ البلاد الحديث من حيث المدى الإنساني والدمار الاجتماعي".
وأوضح المعتصم في تصريحات خاصة لـ “الدستور”، أن الحرب التي اندلعت قبل أكثر من سبعمائة يوم أدت إلى نزوح ولجوء أكثر من خمسة عشر مليون سوداني، بعضهم يعيش أوضاعًا مأساوية داخل البلاد، وآخرون موزعون بين دول الجوار التي استقبلت مئات الآلاف في ظروف قاسية.
السودان يدخل عامه الثالث من الحرب وسط مأساة إنسانية
وأضاف: "يدخل السودان عامه الثالث من الحرب وسط مأساة إنسانية طاحنة، حيث يعيش الملايين بلا غذاء كافٍ أو رعاية صحية أو أمن. المدن الكبرى التي كانت يومًا نابضة بالحياة أصبحت أطلالًا، والمدنيون هم من يدفعون الثمن الأكبر."
وأشار المعتصم إلى أن أربع مدن رئيسية في السودان، على رأسها مدينة الفاشر، ما تزال تحت الحصار منذ أكثر من خمسمائة يوم، حيث يعيش سكانها أوضاعًا وصفتها منظمات الإغاثة الدولية بأنها الأسوأ عالميًا.
وقال: "الفاشر تعيش مأساة حقيقية، فالمدنيون هناك يعانون من نقص حاد في الغذاء إلى درجة أن بعضهم اضطر لتناول العلف وهو غذاء الحيوانات للبقاء على قيد الحياة. إنها صورة موجعة تختزل الكارثة الإنسانية الكبرى التي يعيشها السودان."
وأكد الكاتب أن أي جهد دولي أو إقليمي للوصول إلى مخرج إنساني أو سياسي من هذه الأزمة سيكون موضع ترحيب واسع، مشيرًا إلى أن ما ورد في بيان دول الرباعية (الولايات المتحدة، مصر، المملكة العربية السعودية، والإمارات) بشأن فترة التسعين يومًا المقترحة لفتح الممرات الإنسانية ووقف إطلاق النار يمثل فرصة ينبغي البناء عليها.
وأضاف: "هذه المهلة يمكن أن تكون بداية الطريق نحو إنقاذ المدنيين، ووقف نزيف الدم، وتهيئة الأجواء لتسوية سياسية مستدامة تعيد للدولة السودانية وحدتها واستقرارها."
ورأى المعتصم أن الدول الأربع المعنية تملك مفاتيح أساسية لإنجاح أي مبادرة سياسية جديدة، لما لها من ثقل سياسي واقتصادي وعلاقات مباشرة بالأطراف الفاعلة في المشهد السوداني.
وقال: "الولايات المتحدة تمتلك أدوات ضغط دولية فاعلة، ومصر لديها فهم عميق لتعقيدات الملف السوداني، بينما تملك السعودية والإمارات نفوذًا اقتصاديًا ودبلوماسيًا يمكن أن يُحدث فارقًا كبيرًا في أي تسوية قادمة."
وفي السياق ذاته، أشار إلى أن تسريبات متزايدة تتحدث عن وجود اتصالات غير مباشرة بين الأطراف السودانية المتحاربة، تمهيدًا لجولة تفاوض غير رسمية قد تسبق أي وقف إنساني لإطلاق النار، مضيفًا أن هذه التطورات "تبعث بعض الأمل لكنها لا تزال هشة ومشروطة بإرادة سياسية حقيقية من الجانبين".
وتابع المعتصم قائلًا: "الشعب السوداني يتطلع إلى أي مبادرة توقف الحرب وتعيد للبلاد وحدتها، لكن التجارب السابقة جعلته حذرًا. السودانيون يريدون سلامًا حقيقيًا لا صفقة مؤقتة، يريدون دولة موحدة لا مناطق نفوذ متصارعة."
واختتم طاهر المعتصم تصريحه قائلًا إن نجاح الاجتماع المقبل للرباعية مرهون بمدى قدرتها على ترجمة وعودها إلى أفعال ملموسة، والاستماع بجدية إلى صوت الضحايا في الداخل السوداني، مضيفًا: "نأمل أن يكون هذا الاجتماع نقطة تحول حقيقية تضع حدًا لمعاناة الملايين، وتؤكد على وحدة السودان وسيادته، فاستمرار الحرب لا يهدد فقط حياة الناس، بل يهدد بقاء الدولة نفسها، لقد آن الأوان أن يُنصت العالم لمعاناة السودانيين وأن يتحرك قبل فوات الأوان."
0 تعليق