«اليوم عمرى ٥٦، وبالأمس كنت فى السادسة والعشرين، الوقت يمر بسرعة وأعتقد أنك ستندم يومًا ما على عدم استغلالك لإمكاناتك».. تلك كانت كلمات جوزيه مورينيو، أسطورة التدريب، وقت توليه تدريب فريق توتنهام هوتسبير الإنجليزى، لـ«ديلى ألى»، صانع ألعاب السبيرز فى تلك الفترة، عتابًا له بعد تذبذب مستواه من انطلاقة صاروخية لأعلى القمة، إلى هبوط غير مسبوق، وبعد ٥ أعوام فقط من تلك المقولة.. «ديلى ألى» يدرس اعتزال كرة القدم فى سن الـ٢٩ عامًا فقط.
«ديلى ألى» كان أهم موهبة إنجليزية فى فترته، عُقدت عليه آمال مستقبلية للمنتخب الإنجليزى وتوتنهام، أو حتى الانتقال لأندية أكبر فى الدورى الإنجليزى أو خارجه، ولكن ما الحياة إلا قرارات، فإما أن تتخذ قرارًا يدفعك للقمة، أو آخر يقودك للهاوية.
نشأة ديلى ألى «غير السوية» وحياته الصعبة فُرضت عليه ولم يخترها بنفسه، فغياب والده وإدمان والدته على الكحول، دفعاه لصدمات وضغوط نفسية، وصل به الأمر لإدمان الحبوب المنومة، والإفراط فى شرب الكحول.
ومنذ أيام قليلة، صدر حكم باستمرار حبس رمضان صبحى، لاعب فريق بيراميدز، بتهمة التزوير فى محررات رسمية، بعد اتهامه باستئجار أحد الأشخاص لحضور امتحانات أحد معاهد السياحة والفنادق، بدلًا منه.
لم تغفل عينا رمضان فى محبسه، قبل أن يتعرض لصدمة أخرى بعدما قررت المحكمة الرياضية CAS، إيقافه ٤ سنوات بسبب تعاطيه المنشطات، ليصبح «العفيجى» ابن الـ٢٨ عامًا عرضة لانتهاء مسيرته بشكل مأساوى.
يُحكى عن رمضان صبحى فى الناشئين أن مواجهته كانت كابوسًا، بل إن العديد من اللاعبين كانوا يظنون أنه لاعب من الفريق الأول، وليس ناشئًا مثلهم، ليصعد للفريق الأول فى سن مبكرة.
٦ فبراير ٢٠١٤، كانت المباراة الرسمية الأولى لرمضان صبحى مع الأهلى، فى مواجهة غزل المحلة بالدورى الممتاز، فى سن الـ١٧ عامًا، ليصعد بسرعة الصاروخ بين نجوم الأهلى.
وتألق رمضان صبحى مع نادى الأهلى فى الفترة بين ٢٠١٤ و٢٠١٦. وأصبح يعول عليه كنجم المرحلة وقائد الفريق المستقبلى للنادى الأهلى.
لكننا لا نسرد اليوم مسيرته الكروية، فجميعنا يعرفها جيدًا.. دعونا نخبركم كيف يمكن لقرار واحد أن يدمر مسيرة كاملة؟
فى ٢٠١٦، تلقى نادى الأهلى عرضًا من ستوك سيتى الإنجليزى للتعاقد مع رمضان صبحى، وانتقل بالفعل للدورى الإنجليزى.
«صبحى» رغم موهبته الفذة فى الدورى المصرى، إلا أنه لم ينجح فى التأقلم مع الدورى الإنجليزى»، ولم يستوعب اختلاف طبيعة الحياة والبيئة، فضلًا عن الصعوبات التى واجهته فى تعلم اللغة الإنجليزية، كل هذه الأشياء وأكثر أحبطت مسيرته الاحترافية التى دامت عامين فقط.
الموهبة وحدها لا تكفى للنجاح، كان لزامًا على رمضان صبحى أن يدرك مبكرًا أن موهبته وحدها ليست كافية، فالعفيجى منذ ظهوره عام ٢٠١٤، وحتى قدوم رينيه فايلر لتدريب الأهلى عام ٢٠١٩، ظل يراوغ اللاعبين بقوته وسرعته، لا يجيد التسديد على المرمى، يركض فى نفس الأماكن بنفس الطريقة على كل ملعب، وفى كل مباراة.
كان لا بد لرمضان أن يدرك جيدًا أن اللاعب المحترف ليس داخل الملعب فقط، بل خارجه أيضًا.
محمد صلاح، قائد منتخبنا الوطنى، ونجم ليفربول، أدرك ذلك مبكرًا، واستطاع أن يثقل خبراته داخل الملعب بتطوير مستواه كرويًا، وخارجه بتعلم لغات البلدان التى احترف بها، لتسهيل التواصل مع زملائه والمدربين.
قرر «صبحى» العودة للنادى الأهلى عام ٢٠١٨، ليبنى النادى من حوله الآمال مرة أخرى، وبدت العودة فى تلك الفترة خيارًا منطقيًا للاعب فى الـ٢١ من عمره، وما زالت لديه الفرصة لاستعادة بريقه مرة أخرى، واستطاع بالفعل التألق مع الفريق.
كان «صبحى» اللاعب الأبرز فى تشكيل نادى الأهلى، وامتلك شخصية قوية وحماسًا جعلا منه قائدًا مستقبليًا للفريق فى أعين الجماهير، خاصة بعدما تألق مع المنتخب الأوليمبى فى أمم إفريقيا عام ٢٠١٩.
أما القرار الأصعب فى تاريخ رمضان صبحى، الذى كان بداية السقوط «رياضيًا» هو الانضمام إلى بيراميدز، بالرغم من تصريحه الشهير بالبحث عن تحدٍ جديد وطموح مختلف، إلا أن ما حرك رمضان وقتها كان الإغراءات المالية والراتب التاريخى، وهو حق مشروع لأى شخص، ففى النهاية هذا عمله وغرضه منه كسب المال.
نحن فى عصر الاحتراف، هكذا دافع الكثيرون وقتها عن قرار «صبحى»، وهم على حق، هو عصر الاحتراف فعلًا، لكن أى احتراف يتحدثون عنه؟ الاحتراف الذى قاد واحدًا من أفضل مواهب الكرة المصرية إلى هاوية دكة البدلاء؟
رمضان صبحى لم يدرك وقت انتقاله لبيراميدز، أن من أحاطوا به لإقناعه بهذه الخطوة تحت مسمى «الطموح» لم ينجحوا أصلًا فى تحقيق طموحهم، ولولا العلاقات والصداقات التى غلبت على اختيارات الأندية لما سمع عنهم أحد، نفسهم هم الذين خرجوا للاحتراف فى أوروبا وعادوا يجرون خيبات الأمل.
«هناك فارق بين لاعب لديه استمرارية، وآخر لديه لحظات من التألق، وهذا ما يصنع الفارق بين لاعب فى القمة، وآخر لديه القدرة على أن يكون فى القمة».
الحياة قرارات، وأيًا كان قرارك عليك تحمل نتيجته، نرجو من الله أن يلطف بـ«رمضان صبحى» وأسرته، فلسنا دعاة الشماتة فى المصيبة، بل نذكره، وأنفسنا، أن القرارات المصيرية لا تؤخذ عبثًا.















0 تعليق