أستاذ قانون دولي يكشف مخطط الاحتلال الجديد لتهجير الفلسطينيين من الضفة (خاص)

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

حذر الدكتور عامر فاخوري، أستاذ القانون الدولي، في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، من أن القانون الذي أقرته لجنة الخارجية والأمن في الكنيست الإسرائيلي بشأن السماح للإسرائيليين بشراء الأراضي في الضفة الغربية يمثل "تحولًا خطيرًا" في البنية القانونية للأراضي المحتلة، ويعكس توجهًا إسرائيليًا ثابتًا نحو تفريغ فكرة الدولة الفلسطينية من محتواها قبل أن تولد.

وقال “فاخوري” إن هذا القانون ليس مفاجئًا في سياق السياسة الإسرائيلية، التي تعتمد منذ سنوات على تشريعات تصطدم بقواعد القانون الدولي بهدف تغيير الواقع على الأرض بصورة تدريجية، موضحًا أن الخطوة تمثل جزءًا من استراتيجية تقوم على "إعادة تشكيل الإقليم المحتل" بحيث يصبح الحديث عن دولة فلسطينية قابلة للحياة أمرًا شديد الصعوبة.

ضم تدريجي عبر أدوات مدنية

وأكد “فاخوري” أن السماح للإسرائيليين بتملك أراض في الضفة الغربية لا يقتصر على تعزيز الاستيطان، بل يعيد تعريف العلاقة بين الأرض وسلطة الاحتلال، مشيرًا إلى أن هذا التوجه يلامس جوهر الضم الزاحف. 

وأضاف: "إسرائيل تمارس ضمًا غير معلن عبر أدوات مدنية وقانونية، دون اللجوء إلى إعلان رسمي يترتب عليه تبعات قانونية ودبلوماسية مباشرة".

وأوضح أن القانون الجديد يكرس انتقال الضفة الغربية من مفهوم "الاحتلال المؤقت" إلى "السيطرة الدائمة"، بما يعكس تحولًا جوهريًا في المقاربة السياسية والقانونية الإسرائيلية تجاه الأراضي المحتلة.

تهديد مباشر للملكية الفلسطينية

وحول تداعيات القانون على حقوق الملكية للفلسطينيين، شدد فاخوري على أنه يمثل "تهديدًا عميقًا" للملكية الفلسطينية، لأنه يفتح الباب أمام سوق عقاري داخل منطقة محتلة، وهو ما قد يعيد صياغة مفهوم الملكية الخاصة في الضفة بصورة خطيرة.

وأشار إلى أن إسرائيل استخدمت سابقًا أدوات قانونية مثل "أراضي الدولة" و"الأراضي المتروكة" و"عدم إثبات الملكية" لنزع ملكيات فلسطينية، وأن التشريع الجديد يضيف آلية جديدة قد تُستخدم لتقليص هذه الملكيات بشكل تدريجي.

وأضاف: "الخطر الحقيقي لا يكمن في التهجير المباشر، وإنما في التهجير الصامت؛ أي خلق بيئة قانونية واقتصادية تجعل بقاء الفلسطيني على أرضه مكلفًا أو شبه مستحيل".

ضربة قاصمة لحل الدولتين

وفي ما يتعلق بفرص قيام دولة فلسطينية مستقبلية، أكد “فاخوري” أن القانون يقوض بصورة مباشرة أسس حل الدولتين، لأنه يعمق الوجودين الديموغرافي والقانوني الإسرائيليين داخل الضفة، ما يجعل أي انسحاب مستقبلي “أكثر تعقيدًا وأعلى كلفة”.

وأوضح أن فتح باب التملك الفردي للإسرائيليين يحول الضفة إلى "فسيفساء" من البقع المتداخلة، يصعب معها رسم حدود سياسية مستقرة لدولة فلسطينية مستقلة. 

ولفت إلى أن مع كل خطوة من هذا النوع، تتحول الضفة الغربية شيئًا فشيئًا من إقليم متنازع عليه إلى فضاء يُدمج تدريجيًا داخل المنظومة الإسرائيلية.

المجتمع الدولي أمام اختبار

وفي ما يتعلق بدور المجتمع الدولي، اعتبر أستاذ القانون الدولي أن هذا التشريع يمثل "لحظة اختبار" للدول والمؤسسات الحقوقية، لأنه يمثل مخالفة صريحة لاتفاقية جنيف الرابعة التي تحظر نقل سكان الدولة المحتلة إلى الأراضي المحتلة.

وقال إن مواجهة هذا القانون يمكن أن تتم عبر ثلاثة مسارات رئيسية المسار القانوني، وهو إصدار مواقف رسمية من الدول الأطراف في اتفاقيات جنيف، واعتبار القانون انتهاكًا مباشرًا للقانون الدولي، إلى جانب تقارير منظمات حقوقية تصنّفه كجزء من "إجراءات ضم تدريجي".

والمسار السياسي والدبلوماسي، من خلال ضغوط جماعية من الاتحاد الأوروبي، وتحركات في مجلس الأمن والجمعية العامة، وصولًا إلى إجراءات دبلوماسية قد تشمل تجميد بعض مجالات التعاون.

والمسار الميداني داخل الأراضي المحتلة، من خلال قيام البعثات الدولية ومكاتب الأمم المتحدة بتوثيق آثار القانون، لتكوين ملف قانوني قد يُستخدم مستقبلًا في المساءلة الدولية.

وشدد على أن الصمت الدولي على هذا التشريع سيحوّله سريعًا إلى جزء من سياسة الأمر الواقع، لذلك يجب أن يكون الرد مبكرًا وواضحًا، وبناءً على قواعد القانون الدولي، قبل أن يتحول إلى خطوة جديدة في مسار الضم الفعلي للضفة الغربية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق