في يوم إلغائه عالميًا.. ماذا نعرف عن عصر تجارة الرق؟

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

في اليوم العالمي لإلغاء الرق، تعود الذاكرة إلى صفحات لا تزال مجهولة أو مُسكَتًا عنها في التاريخ المصري؛ حيث لعبت قرى ومحافظات كاملة أدوارًا محورية في تجارة العبيد وبيع الرقيق، سواء في خلال القرن التاسع عشر وحتى بدايات القرن العشرين.
ورغم أن مصر كانت في الغالب محطة عبور أكثر منها سوقًا ضخمًا، فإن وجود الرقيق شكّل جزءًا من بنية المجتمع آنذاك، وارتبط بالاقتصاد والسياسة والسلطة، قبل أن تُلغى التجارة رسميًا عبر قرارات متتالية غيّرت ملامح المجتمع جذريًا.


القاهرة.. المركز الأكبر لسوق الرقيق


على مدار العصور الوسيطة والحديثة، مثّلت القاهرة المركز الأكبر لتجارة الرقيق بفضل موقعها التجاري واتصالها بالقوافل القادمة من السودان والحبشة وغرب إفريقيا.

كان سوق الرقيق في منطقة الحسين من أشهر الأسواق، حيث بيع رقيق المنازل والخصيان والخدم، فيما ازدهرت تجارة الجواري في منطقة بين القصرين، ما جعلها من أبرز نقاط البيع في تلك الحقبة.


أسوان..بوابة الجنوب


باعتبارها المعبر الرئيسي للقوافل القادمة من السودان، لعبت أسوان دورًا مهمًا في تجارة الرقيق،
كانت القوافل تضم أطفالًا ونساءً ورجالًا، ويتم بيعهم أولًا في صعيد مصر قبل ترحيلهم شمالًا، كما كانت بعض القرى الحدودية في النوبة ممرًا إلزاميًا للتجار.


قنا وأسيوط.. محطات العبور نحو الدلتا


مثّل الصعيد الأوسط، خاصة قنا وأسيوط، محطات تجميع لـ الرقيق في طريقهم إلى الدلتا.
في قنا، خصوصًا القرى المطلة على النيل، كان التجار يستريحون ويعيدون توزيع الرقيق، بينما كانت أسيوط نقطة مركزية للقوافل القادمة من الجنوب، ما جعلها مركزًا نشطًا لتجارة العبيد حتى منتصف القرن التاسع عشر.
الإسكندرية.. بوابة المتوسط
شهدت الإسكندرية بيع عبيد قادمين عبر البحر، خصوصًا من مناطق القوقاز والشمال، خلال العهدين المملوكي والعثماني.
كانت الموانئ نقطة التقاء لتجار يبحثون عن “خدم منازل” أو “جواري متعلمات” يجلبن من الأناضول أو الشام.

العبيد في البيوت والقصور.. صورة المجتمع آنذاك


لم يكن وجود الرقيق مقتصرًا على الطبقات العليا، لكنه كان أكثر وضوحًا في القصور الكبرى في القاهرة، بيوت الأعيان في الصعيد، ممتلكات كبار التجار، منازل بعض مشايخ القرى
شهد القرن التاسع عشر تحولات كبرى أنهت تجارة الرقيق رسميًا؛ فمنذ عام 1842 وحتى 1854 بدأت مصر، تحت ضغط إنجليزي، في إصدار قوانين لتقييد تجارة العبيد.
وفي عام 1877 وُقعت اتفاقية تمنع نقل العبيد عبر النيل، ثم جاء عام 1895 ليجرّم بيع وشراء الرقيق كاملًا.
وخلال الفترة من 1923 وحتى 1932 اختفت الأسواق نهائيًا، وانتهت الظاهرة اجتماعيًا.
ورغم الإلغاء الرسمي، ظل وجود بعض الخدم “الملحقين” بالبيوت قائمًا لسنوات بوصفهم “تابعين” أكثر من كونهم عبيدًا، خاصة في قرى الصعيد والحدود.


قرى ارتبطت بجماعات “المماليك السود”


في جنوب مصر، اشتهرت قرى كاملة بأحفاد العبيد الذين جُلبوا من السودان ودارفور والحبشة.
ولا تزال بعض القرى تحمل أسماء تشير إلى أصول سكانها مثل:"الغنايم، الدراويش، التكارنة"؛ وهي مجموعات ذات جذور إفريقية استقرت في مصر خلال زمن تجارة الرق.
هذه المجتمعات اندمجت لاحقًا في النسيج المصري وأسهمت في الزراعة والحرف والفنون الشعبية، وبقي أثرها واضحًا في الموسيقى والرقصات النوبية والثقافة الشفاهية.
 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق