"لقد عانى الكفاية".. البابا يعيد كتابة قصة شباب لبنان بالأمل لا بالهجرة

لبنان24 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
حين قال البابا لاوون الرابع عشر في خطاب سابق: "لبنان، لقد عانى الكفاية"، شعر كثير من اللبنانيين وكأن أحداً وضع يده اخيرا على الجرح. اليوم، في زيارته إلى بيروت، يعود الرجل نفسه ليبدأ كلمته بعبارة بسيطة وعميقة في آن: "السلام معكم". بين الجملتين خيط واحد واضح: اعتراف بالألم… ودعوة إلى الأمل.

Advertisement


ليست مصادفة أن تكون أوّل كلمة للبابا موجّهة إلى اللبنانيين هي "السلام". في بلد يعيش شبابه بين حقيبة سفر جاهزة دائماً، وسيرة حياة معلّقة بين عقد عمل في الخارج وحلم مستحيل في الداخل، تبدو هذه الكلمة كأنها مقاومة هادئة لخطاب الإحباط السائد. فـ"السلام" هنا ليس فقط وقف الحرب على الحدود، بل أيضاً وقف الحرب داخل نفوس جيل كامل تعب من الانهيار والهجرة واللاجدوى.

من رسالة "طوبى لصانعي السلام" يمكن قراءة زيارة البابا كنداء مباشر إلى الشباب اللبناني: أنتم لستم فقط ضحايا بلد مثقل بالأزمات، بل أنتم أيضًا صانعو سلام إن قرّرتم البقاء، والاشتباك الإيجابي مع واقعكم، بدل الهرب منه. صنع السلام في لبنان اليوم قد يكون أن يختار شاب أن يفتتح مشروعاً صغيراً بدل تذكرة ذهاب بلا عودة، وأن تختار شابة البقاء في جامعة لبنانية وتحويلها مساحة نقاش ووعي، لا مجرّد محطة عبور قبل الهجرة.

هجرة الشباب ليست مجرّد رقم في تقارير دولية.. إنها نزيف يومي في قلب كل عائلة. لكن زيارة البابا تعيد تذكير هذا الجيل بأن العالم لم يستسلم لفكرة موت لبنان، بل ما زال يراه جديراً بأن يُنقَذ. عبارة "السلام معكم" يمكن قراءتها كجملة مضادة تماماً لعبارة "one way ticket" التي تطاردهم على شاشات السفر: سلام معكم… لا "وداعاً نهائياً".

من صلب الإيمان أن المشي إلى الأمام واجب حتى فوق ركام الخيبة. لذلك تبدو هذه الزيارة فرصة لإعادة صياغة سؤال الشباب عن مستقبلهم: ليس فقط "هل أبقى أم أهاجر؟" بل "أي دور لي إذا بقيت؟" هنا بالذات يصبح التشبّث بالبلد موقفاً أخلاقياً وروحياً، لا شعارات وطنية فارغة، ويصبح كل شاب يقرّر البقاء والمغامرة بحياته هنا، واحداً من أولئك الذين قصدهم النص: "طوبى لصانعي السلام، لأنهم أبناء الله يُدعون".

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق