أثار إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وقف الهجرة بشكل دائم من دول ما وصفه بـ "العالم الثالث" موجة واسعة من الجدل داخليًا وخارجيًا، باعتباره واحدًا من أكثر القرارات تشددًا في ملف الهجرة منذ عقود.
وحسب وكالة رويترز، القرار الذي جاء عبر بيان رئاسي وتصريحات نشرها ترامب على منصاته الرقمية، يعكس نية الإدارة الحالية إعادة صياغة النظام الأمريكي للهجرة بصورة جذرية، مستندة كما تقول إلى اعتبارات "الأمن القومي" و"حماية الموارد الفيدرالية".
حادث إطلاق نار قرب البيت الأبيض
ويأتي الإعلان بعد أيام من حادث إطلاق نار قرب مقر البيت الأبيض، نفّذه فرد من أصل أفغاني، في واقعة استغلّها ترامب للتأكيد على صحة توجهاته المتشددة.
وقال الرئيس الأمريكي، إن الحادث دليل على فشل سياسات اللجوء والهجرة السابقة، وأن الولايات المتحدة لن تسمح باستمرار استقدام مهاجرين من دول غير مستقرة تشكل عبئًا أمنيًا واقتصاديًا.
ملامح القرار الجديد
يتضمن القرار مجموعة إجراءات غير مسبوقة، أبرزها وقف كامل ودائم للهجرة من دول العالم الثالث إلى أجل غير مسمى.
وإلغاء جميع الإعانات والمزايا الفيدرالية المقدمة لغير المواطنين، بما في ذلك برامج الدعم الاجتماعي والصحي والتعليم الحكومي لبعض الفئات.
ومراجعة ملايين طلبات اللجوء والإقامة التي تم قبولها خلال الإدارات السابقة، مع إمكانية إبطال بعضها.
فتح الباب قانونيًا لدراسة سحب الجنسية الأمريكية من بعض الحاصلين عليها ممن تعتبرهم الإدارة يشكلون تهديدًا أو عبئًا على الدولة.
توجيه المؤسسات الفيدرالية، وعلى رأسها وزارة الأمن الداخلي، لإعادة تقييم النظام الكامل للهجرة بما يتوافق مع أجندة الأمن القومي.
ومنذ عودته للبيت الأبيض، جعل ترامب من ملف الهجرة نقطة مركزية في أجندته الداخلية، مستثمرًا المخاوف الأمنية والاقتصادية لدى قطاع من الناخبين. ويعتبر قراره امتدادًا لخطابه السياسي الذي يربط بين الهجرة والفوضى، وبين اللاجئين والعمليات الإجرامية، رغم اعتراض تقارير متعددة تنفي وجود علاقة مباشرة بين الهجرة والجريمة المنظمة.
كما يأتي القرار في سياق تصاعد التوتر السياسي الداخلي، إذ يواجه ترامب انتقادات من الحزب الديمقراطي ومنظمات حقوقية، تتهمه باستغلال الحوادث الفردية لتبرير “سياسات عقابية جماعية”.
من المتوقع أن يواجه القرار تحديات قانونية كبيرة أمام المحاكم الفيدرالية، خصوصًا أن الدستور الأمريكي يمنح حق اللجوء ويمنع التمييز على أساس الأصل أو العرق. كما يُرجح أن تشهد قطاعات اقتصادية حساسة مثل الزراعة، الرعاية الصحية، والإنشاءات نقصًا حادًا في الأيدي العاملة، إذ تعتمد هذه القطاعات بشكل رئيسي على العمالة المهاجرة.
في المقابل، ترى إدارة ترامب أن القرار سيُخفف الضغط على الموارد الفيدرالية، ويقلل من ما تعتبره "الاستغلال الاقتصادي" لأنظمة الدعم الاجتماعي من قبل غير المواطنين.
وأثار الإعلان قلقًا واسعًا في عدة دول تعتمد جالياتها على الهجرة إلى الولايات المتحدة، مع توقعات بتأثر آلاف الأسر التي تعتمد على التحويلات المالية من أقاربها داخل أمريكا.
كما انتقدت منظمات دولية القرار، معتبرة أنه يهدد بنسف التزامات واشنطن الإنسانية والتاريخية تجاه اللاجئين.
ويمثل قرار ترامب منعطفًا حادًا في سياسة الهجرة الأمريكية، ويضع الولايات المتحدة أمام مرحلة جديدة من الانغلاق وتقييد حركة الهجرة العالمية.
















0 تعليق