المخدرات تتسلّل إلى يوميات طلاب المدارس والجامعات.. أرقام تكشف المصيبة

لبنان24 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
لم يعد الحديث عن المخدرات في لبنان محصوراً بأحياء مهمّشة أو "بؤر" بعيدة. في السنوات الأخيرة، بات النقاش يقترب أكثر من البيت والمدرسة والجامعة، مع تزايد التحذيرات من انتشار التعاطي بين طلابٍ يعيشون أصلاً تحت ضغط اقتصادي ونفسي غير مسبوق، وفي بيئة رقمية تفتح كلّ الأبواب بضغطة واحدة. وراء البيانات التحذيرية، تقف أرقام ودراسات حديثة ترسم صورة مقلقة.. جيل مراهق يتعرّض باكراً للكحول والحبوب والحشيشة، في ظلّ نظام رقابي هشّ، واهل مرهقين، ومدارس وجامعات تحاول اللحاق بالخطر أكثر مما تسبقه.

Advertisement


التقارير الرسمية تظهر أن التقارب بين المخدرات والطلاب ليس انطباعاً مبالغاً فيه. الأرقام تشير إلى أنّ نحو 4.7% من طلاب المدارس في الفئة العمرية 13–15 عاماً استخدموا واحداً أو أكثر من المخدرات، وأكثر من 70% منهم جرّبوا المخدرات قبل سنّ الرابعة عشرة. الأسوأ أن سنّ أول تعاطٍ لمادة مخدّرة سُجِّل عند 9 سنوات فقط وفق إحدى الدراسات. في الوقت نفسه، تُظهر دراسة سريعة حول الكحول والمخدرات في لبنان أن القنّب (الحشيشة) هو أكثر المخدرات غير المشروعة استخداماً بين طلاب المدارس والجامعات، تليه المهدّئات الطبية التي تُستعمل خارج وصفة الطبيب. وعلى مستوى الجامعات، تكشف دراسة عن "استعمال المواد بين طلاب الجامعات اللبنانية" حيث أن 12.3% منهم جرّبوا الحشيشة، فيما حقّق نحو 9% من الطلاب معايير اضطراب تعاطي الكحول.

هذه الأرقام تعني عملياً أنّ المخدرات لم تعد "ظاهرة هامشية" في محيط الطلاب، بل خياراً متاحاً لدى شريحة ليست صغيرة، في بلد يعاني أصلاً من انهيار مؤسساتي واقتصادي.
وحسب أرقام تقريبية حصل عليها "لبنان24"، فإّنّ 3% من الطلاب استخدموا القنّب (الحشيشة) مرة واحدة على الأقل في حياتهم، وترتفع النسبة إلى 4.7% لدى الذكور مقابل 1.7% لدى الإناث.3.2% استخدموا أمفيتامينات أو ميتامفيتامينات لأغراض غير طبية مرة واحدة على الأقل، وهي نسبة لافتة إذا ما قورنت بخطورة هذه المواد وسهولة الإدمان عليها. بالتوازي، 10.5% من الطلاب يشربون الكحول حالياً (خلال الثلاثين يوماً السابقة)، فيما 28.6% يستخدمون نوعاً من التبغ و24.4% يدخّنون السجائر الإلكترونية.

هذا التلاقي بين الكحول، التدخين التقليدي والإلكتروني، وتجربة القنّب أو الحبوب المنشطة، يوفّر بيئة خصبة للتدرّج من "تجربة" إلى "عادة" وصولاً إلى "اعتماد" ثم إدمان، خاصة في مرحلة عمرية يتشكّل فيها الدماغ والسلوك.

العوامل التي تدفع المراهق أو طالب الجامعة نحو المخدرات لا تنفصل عن المشهد اللبناني العام. التقرير الوطني عن وضع المخدرات يربط بين انتشار التعاطي وبين الفقر، البطالة، العنف، عدم الاستقرار، والضغوط النفسية المتزايدة، ويصفها بأنها عوامل مترابطة تؤثّر بشكل خاص على الشباب.

مع الانهيار الاقتصادي، تحوّلت البيوت نفسها إلى بيئة ضغط.. أهل يعملون في أكثر من وظيفة، قلق دائم من الغد، صعوبة في تأمين القسط المدرسي أو الجامعي، وشعور عام بالعجز وفقدان الأفق. في هذه الأجواء، تصبح "الحبّة" أو "السيجارة الملفوفة" بالنسبة إلى بعض المراهقين طريقاً سريعة للهروب من الواقع، أو نوعاً من "إثبات الذات" أمام الأقران. من جهة أخرى، يفتح العالم الرقمي الباب واسعاً أمام التعارف على مواقع ومجموعات وصفحات تروّج لمواد مخدّرة أو "حبوب سهرة" بطريقة جذابة، وأحياناً بواجهة موسيقية أو "فنية". وبوجود تطبيقات مشفّرة وخيارات تسليم مرنة، بات الوصول إلى المخدرات بالنسبة إلى شاب جامعي أسهل بكثير من الماضي.

أمنياً، تكثّف الأجهزة اللبنانية ملاحقتها لشبكات الترويج والاتّجار. فعمليات الجيش والقوى الأمنية في البقاع والمناطق الحدودية، وآخرها ملاحقة بعض أبرز تجار المخدرات المطلوبين وقتل ثلاثة منهم في بعلبك في آب 2025، تعكس محاولة لقطع شريان العرض الكبير المرتبط بالتهريب والسوق الخارجية، خصوصاً للحشيشة والكبتاغون.

لكن على مستوى الطلب الداخلي، أي حماية الشباب أنفسهم، لا تزال الفجوة كبيرة،فلا بدّ من قوانين صارمة ليس فقط على الورق، لكن يجب تطبيقها في محيط المدارس والجامعات ضعيف، بالاضافة إلى تأمين خدمات علاجية موجودة، على أن لا يكون الوصول إليها محدودا بسبب الكلفة أو الوصمة الاجتماعية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق