الأربعاء 26/نوفمبر/2025 - 09:34 ص 11/26/2025 9:34:15 AM
إن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، الذي عُقد في شرم الشيخ، الشهر الماضي، بحضور عدد من قادة دول العالم، لم يمنع الاحتلال الإسرائيلي من مواصلة عدوانه على القطاع، فمنذ اللحظات الأولى لدخول الاتفاق حيز التنفيذ، ارتكبت قوات الأحتلال 497 خرقا مما أدى إلى مقتل نحو 342 مدنيًا و800 مصاب.
إن إسرائيل، التي تختلق الذرائع والمبررات الزائفة لتبرير عدوانها، لا تلتزم بالمعاهدات ولا تسعى لتحقيق السلام، بل تسعى إلى السيطرة المطلقة، هذا الكيان يقوم على رؤية استعمارية لا تعترف بحق الفلسطينيين كأمة تستحق الحياة والحرية، بل تعتبرهم عائقًا يجب إزالته أو إخضاعه.
خطة ترامب ومجلسه للسلام، والتي تشبه في جوهرها أنظمة الانتداب الاستعمارية، تمنحه السيطرة المباشرة على القطاع، وذلك بمساعدة مندوبه توني بلير، الذي أظهر كفاءته قبل أكثر من عشرين عامًا أثناء غزو العراق.
إن أمريكا التي ستدير "مجلس السلام" هي نفسها التي زودت ودعمت إسرائيل بالسلاح على مدار السنتين الماضيتين، لذا فإنه من الخطأ الاعتقاد بأن الإدارة الأمريكية، يمكن أن تنحاز يومًا ما إلى حقوق الفلسطينيين أو تهتم بها، فهدفها الرئيسي هو تصفية القضية الفلسطينية، وتهجير سكان غزة، هذه الرؤية الإجرامية لا تزال متجذرة في عقلية الرئيس ترامب، الذي يروج لمشروع "ريفييرا الشرق".
الخطة التي وضعها ترامب، لتهجير الفلسطينيين، بدأت تُنفذ بالفعل، من خلال مؤسسة تُعرف باسم (المجد أوروبا)، والتي تتولى مسؤولية تهجير سكان غزة إلى دول أخرى عبر معبر كرم أبو سالم، وذلك بناءً على توجيه من مديرية الهجرة الصهيونية التابعة لوزارة الدفاع الإسرائيلية، التي تم تأسيسها مؤخرًا.
وبحسب شهادات الفلسطينيين، الذين غادروا غزة عبر تلك المؤسسة، إنهم تعهدوا بعدم العودة مرة أخرى إلى القطاع وسلموا بعض الوثائق الفلسطينية لمكتب المؤسسة في إسرائيل، مقابل السماح لهم بالخروج، دون الحاجة لختم على جوازاتهم، من مطار رامون العسكري الإسرائيلي.
ترامب يريد الاستيلاء على قطاع غزة، مقابل منح نتنياهو الضوء الأخضر للسيطرة على الضفة الغربية، فالممارسات الاستيطانية ومشاريع الضم الفعلي تتسارع وتتمدد في عمق الضفة في صمت ودهاء ودون إعلان رسمي من الاحتلال.
إن الضغوط التي يمارسها ترامب، على نتنياهو، لا تهدف إلى إيقاف خطط الضم الفعلية للضفة، بل يسعى لتأجيل كشفها إعلاميًا، حيث يخشى أن يؤدي الإعلان الرسمي عنها إلى نسف مسار التطبيع الذي يعتبر إنجازًا سياسيًا بارزًا له في المنطقة، خاصة مع احتمالية موافقة السعودية على التطبيع مع إسرائيل.
أمام موقف حكومة نتنياهو المتطرفة، واطماع ترامب الاستعمارية، يقع على عاتق الأمة العربية، مسؤولية الدفاع عن حقوق الفلسطينيين وتفعيل الأمن القومي العربي، فهل ستنجح الشعوب العربية في توحيد صوتها ضد مخطط تقسيم المنطقة؟.

















0 تعليق