أعاد مجلس الأمن والدفاع السوداني التأكيد على التزامه بالرؤية التي قدمتها الحكومة إلى الأمم المتحدة والجهات الدولية، والمتعلقة بتسهيل تدفق المساعدات الإنسانية وتأمين العاملين وفتح الطرق والمعابر والمطارات لضمان وصول الإغاثة إلى مستحقيها، وفقا لبيان المجلس الذي نقلته وكالة الأنباء السودانية "سونا".
يأتي ذلك في ظل تفاقم الوضع الإنساني منذ اندلاع الحرب بين الجيش وميليشيا الدعم السريع في أبريل 2023، والتي خلفت عشرات الآلاف من القتلى وقرابة 13 مليون نازح.
وبحسب البيان الصادر مساء الثلاثاء عقب اجتماع المجلس برئاسة الفريق عبد الفتاح البرهان، فإن الإصرار على هذه الرؤية يأتي نتيجة تدهور الظروف الميدانية واتساع رقعة المعاناة.
كما كلف المجلس الجهات المختصة بالرد على مذكرة مستشار الرئيس الأمريكي للشؤون العربية والأفريقية مسعد بولس بشأن مقترحات وقف الحرب.
خلافات مع واشنطن ورفض لمبادرة الرباعية
قبل يومين، أعلن البرهان رفضه الكامل لمبادرة الرباعية الدولية، وهاجم الادعاءات التي ترددت في واشنطن حول وجود نفوذ لجماعة الإخوان داخل الجيش، واصفًا إياها بـ"السردية غير الصحيحة".
وشدد البرهان على أن المؤسسة العسكرية مصممة على استعادة السيطرة في دارفور وكردفان، وأن الجيش قادر على إصلاح بنيته الداخلية دون تدخلات خارجية.
واتهم البرهان ما وصفها بـ"ميليشيا آل دقلو الإرهابية" بارتكاب جرائم إبادة وتطهير عرقي، مشيرًا إلى أن هناك دولًا وجماعات سياسية تقدم لها الدعم، وهو ما اعتبره الجيش خطًا أحمر.
وأكد أن القوات المسلحة ليست ضد السلام، لكنها لن تقبل فرض إملاءات خارجية أو تهديدات تمس سيادة السودان.
"معركة الكرامة" وتحذيرات من مخططات لتقسيم البلاد
وقال البرهان: "إن السودان يواجه استهدافًا واضحًا، ما يتطلب توحيد الصف الداخلي لمواجهة المخاطر"، مشيرًا إلى أن بعض المبادرات المطروحة حاليًا تحمل في طياتها دعوات صريحة لتفتيت البلاد، متسائلًا عن كيفية وقف إطلاق النار بينما تسيطر ميليشيا الدعم السريع على مدن ومناطق واسعة.
وأكد رئيس مجلس السيادة أن عودة الاستقرار تتطلب تجميع عناصر الدعم السريع وتسليم أسلحتهم بضمانات واضحة، مضيفًا أن الجيش يخوض ما وصفها بـ"معركة الكرامة"، وهي – على حد قوله – معركة وجود يخوضها السودانيون جميعًا.
كما شدد على أن أحدًا لن يستطيع فرض شخصيات مثل عبد الله حمدوك أو محمد حمدان دقلو "حميدتي" على المشهد السياسي في البلاد.
مواقف واشنطن ومساعي وقف إطلاق النار
وكان مسعد بولس قد أعلن في وقت سابق من الثلاثاء أن إدارة ترامب تعتبر إنهاء الحرب في السودان أولوية قصوى، مشيرًا إلى أن واشنطن قدمت للطرفين "نصًا قويًا" يتضمن مقترحات لوقف القتال، إلا أن أيًا من الجانبين لم يوافق عليه رسميًا حتى الآن.
وأوضح بولس خلال إيجاز إعلامي في أبوظبي أن إعلان الدعم السريع وقفًا أحاديًا لإطلاق النار لمدة ثلاثة أشهر قد يكون خطوة إيجابية إذا التزمت بها الأطراف، لكنه في الوقت نفسه أكد أن الإدارة الأمريكية تندد بالانتهاكات التي ارتكبتها كلٌّ من ميليشيا الدعم السريع والجيش، وتدعو إلى محاسبة المسؤولين عنها.
وأشار إلى أن بعض تصريحات البرهان "غير دقيقة"، مؤكدًا أن الولايات المتحدة أعلنت مرارًا رفضها لأي دور لجماعة الإخوان في السودان.
وكشف بولس أن واشنطن طرحت هدنة إنسانية خلال الأسابيع الماضية، وأن الجيش أبدى ترحيبًا مبدئيًا بها دون توقيع رسمي حتى اللحظة.
وفي سياق متصل، ذكرت مصادر مطلعة أن بولس بدأ تحركًا دبلوماسيًا واسعًا عقب إعلان ترامب عزمه التدخل في الملف بطلب من وليّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، في محاولة للتوصل إلى وقف إطلاق نار لمدة ثلاثة أشهر بالتزامن مع إدخال المساعدات الإنسانية، على أن يلي ذلك مسار سياسي شامل لإنهاء الأزمة.















0 تعليق