Advertisement
وبحسب الموقع، "تُجادل إسرائيل بأن كل هجماتها العسكرية في لبنان تستهدف جهود حزب الله لإعادة تسليح نفسه وإعادة تأهيله، وتشير تقارير إسرائيلية غزيرة إلى أن الجيش الإسرائيلي يستعد "لإنهاء المهمة" ضد حزب الله. في الواقع، إن وقف إطلاق النار وظهور إسرائيل باعتبارها القوة العسكرية المهيمنة في المنطقة لم يترجم إلى استقرار وتغيير بناء في الشرق الأوسط، حتى بالنسبة لإسرائيل، ويُعدّ هذا الاتفاق الهشّ دليلاً على أنه من دون دبلوماسية واتفاق استقرار طويل الأمد، لن تكفي القوة العسكرية وحدها".
وتابع الموقع، "ظاهريًا، أنهى وقف إطلاق النار الحرب الأخيرة بين حزب الله وإسرائيل. فبعد دخوله الصراع الذي أعقب هجوم حماس على إسرائيل في 7 تشرين الأول 2023، شهد حزب الله إضعاف قيادته وقدراته العسكرية على يد إسرائيل، مما أطلق موجة من التأثيرات ساهمت في إعادة تشكيل الشرق الأوسط. وكما نجح حزب الله على مدى عقود من الزمن في التأثير على سياسات الشرق الأوسط، فإن خسارته المفاجئة للقوة كان لها تأثير مماثل في الاتجاه المعاكس، مما ساهم في تغيير النظام في سوريا وحرب إسرائيل على إيران في حزيران. ونص اتفاق وقف إطلاق النار على أنه، إلى جانب وقف القتال، سيقوم لبنان بحل كل القوات والأصول العسكرية غير التابعة للدولة، بدءًا من الجنوب، بين نهر الليطاني والحدود مع إسرائيل، ويبقى الجيش وفروع الأمن الأخرى هي القوات المسلحة الوحيدة في البلاد".
وأضاف الموقع، "في المقابل، كان من المفترض أن تنسحب إسرائيل تدريجيًا من المناطق التي احتلتها في جنوب لبنان خلال 60 يومًا، كما نصّ الاتفاق على أن تتوسط الولايات المتحدة في مفاوضات غير مباشرة بين لبنان وإسرائيل للتوصل إلى ترسيم معترف به دوليًا لحدودهما البرية. بعد مرور عام، لم يتحقق أيٌّ من هذه الأهداف. فلا تزال إسرائيل تحتل خمسة مواقع حدودية داخل لبنان، وتشنّ غارات يومية على البلاد، وفي بعض هذه الهجمات، التي تقول إسرائيل إنها تستهدف حزب الله والجماعات المتحالفة معه، تعرّضت قوات اليونيفيل للقصف أو لإطلاق النار".
وبحسب الموقع، "فتح تشكيل حكومة لبنانية جديدة في شباط 2025 نافذة سياسية جديدة، فكانت أول حكومة لبنانية منذ عام 2008 لا يملك فيها حزب الله حق النقض (الفيتو) على قراراتها. اعتبر الكثيرون في لبنان هذه فرصةً نادرةً للدولة لاستعادة سيادتها، بما في ذلك من خلال نزع سلاح حزب الله، وكان من المأمول أن يحقق البلد الاستقرار ويبدأ عملية التعافي الاقتصادي التي تشتد الحاجة إليها بعد الانهيار المالي الذي شهده في تشرين الأول 2019. ومع ذلك، فقد ثبت أن نزع سلاح حزب الله أمرٌ بالغ الصعوبة. فالأخير كان، ويمكن القول إنه لا يزال، القوة العسكرية الأقوى في لبنان، وقد مكّنته قوته العسكرية ليس فقط من إرساء توازن ردع مُفترض مع إسرائيل، بل أيضًا من ترسيخ مكانته كلاعب محوري في السياسة اللبنانية. إن تسليم حزب الله سلاحه طواعية للدولة يعني تحولاً جذرياً في هويته "المقاومة" والتنازل عن السلطة السياسية لأحزاب وقوى طائفية لبنانية أخرى".
وتابع الموقع، "من الناحية النظرية، يُعدّ نزع سلاح حزب الله، بما يتوافق مع وقف إطلاق النار، من مهام الجيش اللبناني. ولكن منذ تأسيسه عام 1945، ظلّ الجيش رمزًا لسيادة البلاد، لا مدافعًا عنها عمليًا، حتى في أوقات الأزمات الحادة، كالحرب الأهلية بين عامي 1975 و1990. في الواقع، لا يملك الجيش القدرة العسكرية أو النفوذ السياسي أو الإرادة الكافية لإجبار حزب الله على التخلي عن سلاحه، وإذا حاول ذلك بالإكراه، فمن المرجح أن يؤدي ذلك إلى مقاومة مسلحة قد تتطور إلى حرب أهلية جديدة".
وأضاف الموقع، "تماشيا مع التاريخ الطويل والمثير للشكوك من الدعم الأميركي للدولة اللبنانية من خلال التعاون الأمني والنظرة العامة لإدارة الرئيس دونالد ترامب إلى وقف إطلاق النار كأداة لتقييد حزب الله، أصر المسؤولون الأميركيون على أن الجيش اللبناني يجب أن ينزع سلاح الحزب. عندما انتقد قائد الجيش إسرائيل مؤخرًا لانتهاكها سيادة لبنان، انتقده مسؤولون في إدارة ترامب لعدم تناوله انتهاكات حزب الله لسيادة البلاد، وفي وقت لاحق تم إلغاء رحلته المقررة إلى الولايات المتحدة في 25 تشرين الثاني. في غضون ذلك، ورغم ضعف موقف إيران، يقول مسؤولو إدارة ترامب إنها تمكنت من ضخ مليار دولار أميركي إلى حزب الله خلال العام الماضي، وهذا قد يمنح الأخير شريان حياة في وقتٍ تتوسل فيه بقية البلاد، دون جدوى، للحصول على مساعدات خارجية".
وبحسب الموقع، "تضع هذه الديناميكيات إسرائيل وحزب الله على مسار محفوف بالمخاطر من الاحتكاك المستمر. فبعد حربه ضد إسرائيل عام 2006، بنى حزب الله توازن ردع مُفترض، كانت إسرائيل قد قبلته كأمر واقع حتى السابع من تشرين الأول 2023، لكن المجزرة التي وقعت في ذلك اليوم غيّرت عقيدة الأمن الإسرائيلي إلى سياسة عدم التسامح مطلقًا مع المخاطر الأمنية. ويرتبط احتمال تجدد الصراع في لبنان أيضًا بالسياسة الداخلية الإسرائيلية. لا يزال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لا يحظى بشعبية، وقد اتُهم بشكل قاطع بإطالة أمد الحرب في غزة لصرف الانتباه عن مشاكله القانونية وتقصير حكومته. ويظل هذا الاحتمال قائمًا أيضًا في لبنان. سيكون حل النزاعات الحدودية القائمة بين البلدين، كما هو منصوص عليه في اتفاق وقف إطلاق النار، أمرًا بالغ الأهمية. فمنذ عام 2000، استخدم حزب الله هذه النزاعات كذريعة لمواصلة صراعه المسلح ضد إسرائيل، وبشكل عام، كان غياب حدود لبنانية واضحة مع كل من سوريا وإسرائيل مصدرًا دائمًا للصراع. ولكن حتى الآن، لم تنجح أي جهود دبلوماسية في تحقيق أهدافها بسبب انعدام الثقة العميق المستمر، والصراع النشط على الرغم من وقف إطلاق النار".
وتابع الموقع، "حتى الآن، لا توجد سوى احتمالات ضئيلة لتغيير ذلك، في غياب ضغط أميركي مستبعد. وعلى الجانب الإسرائيلي، أي اتفاق حدودي يتضمن التنازل عن أراضٍ للبنان غير مقبول سياسيًا، والحكومة اليمينية الحالية لا تُبدي اهتمامًا يُذكر بالدبلوماسية. أما بالنسبة للبنان، فإن ضعف الحكومة المركزية في مواجهة قوة حزب الله التي لا تزال كبيرة، إلى جانب العمليات العسكرية الإسرائيلية المستمرة، يجعل المفاوضات العملية صعبة للغاية".
وبحسب الموقع، "بدلاً من ذلك، يبدو أن ما يتكشف هو عودة إلى الحلقة المفرغة التي ميزت العلاقات اللبنانية الإسرائيلية منذ أواخر الستينيات: إذ يرد حزب الله وجهات فاعلة أخرى غير حكومية في لبنان على التوغلات العسكرية الإسرائيلية، ليُقابل بمزيد من الانتقام الإسرائيلي، وهذا بدوره يُضعف الدولة اللبنانية أكثر، إلا أن قدرة الأخيرة تبقى السبيل الوحيد لكسر هذه الحلقة المفرغة. ربما يكون مفتاح الهدوء في لبنان مرة أخرى في أيدي الإدارة الأميركية، بدعم من تحالف إقليمي موسع، وربما حتى من خلال إشراك إيران في الاتفاق. وحتى الآن، ركّزت معظم الدبلوماسية الأميركية في السياق اللبناني الإسرائيلي على الضغط على بيروت، وقد يتطلب تجنب تجدد الحرب على الجبهة اللبنانية الإسرائيلية دبلوماسية قسرية أميركية، حيث يُوزّع الضغط بالتساوي على كل طرف".
وختم الموقع، "في نهاية المطاف، لا يمكن للبنان القوي والمستقر، حيث يكون السلاح بيد الدولة وحدها وتكون هي المتحكمة في السياسة الخارجية، أن يُخرجنا من هذه الدوامة. وفي الواقع، يجب أن يأتي ذلك بالأساس من خلال عملية سياسية لبنانية داخلية".









0 تعليق