كيف انتهت جماعة الإخوان في الأردن بين مطرقة واشنطن وسندان عمّان؟

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

وجّهت الإدارة الأمريكية صفعة غير مسبوقة لجماعة الإخوان، بعدما وقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مطلع الأسبوع الماضي، أمرًا تنفيذيًا يمهّد لتصنيف فروع الجماعة في الأردن ومصر ولبنان كمنظمات إرهابية أجنبية هذه الخطوة جاءت بعد أشهر من قرار حكومي أردني بحظر نشاط الإخوان تمامًا، لتكتمل بذلك "العزلة الدولية" على التنظيم.

هذه التطورات المتتابعة أدخلت الجماعة في حالة “موت دماغي”، وأغلقت الباب أمام أي نشاط سري أو علني، وكشفت وفق مراقبين وجهها الحقيقي.

مخططات سرية.. والصاروخ الذي فضح كل شيء

تزامنت الخطوات الأمريكية مع كشف السلطات الأردنية شبكة واسعة من المخططات التي نُسبت لعناصر من الجماعة، ووصفت بأنها تهديد مباشر للأمن الوطني. وشملت المخططات:

  • تصنيع صواريخ بمواد محلية وأخرى مستوردة
  • حيازة أسلحة نارية ومواد متفجرة
  • إخفاء صاروخ مجهّز للاستخدام
  • مشروع لتصنيع طائرات مسيّرة
  • تجنيد عناصر داخل المملكة وتدريبها في الخارج

وألقت السلطات القبض على 16 شخصًا متورطين في هذه الأنشطة، ما شكّل صدمة للرأي العام، وأفقد الجماعة أي تعاطف داخل الشارع الأردني.

سجل طويل من الارتباط بالعنف

ليست هذه المرة الأولى التي يثار فيها اسم الإخوان في سياق العنف؛ إذ سبق لعدد من نواب جبهة العمل الإسلامي أن أشادوا بأبو مصعب الزرقاوي، أحد قادة تنظيم القاعدة، رغم إدراك أغلب الأردنيين لطبيعته الإرهابية.

وفي 2014، اعتُقل 31 شخصًا بتهمة الانتماء لخلية إخوانية كانت تنقل أسلحة وأموالًا لعناصر مشتبه بها في الضفة الغربية، وتعمل على إنشاء جناح عسكري سري داخل الأردن هذه الوقائع رسّخت لدى الدولة والقضاء قناعة بأن الجماعة تجاوزت الخطوط الحمراء.

نهاية التعاطف الشعبي.. "الاستقرار خط أحمر"

يعرف الأردنيون بتقديرهم لاستقرار بلدهم، ويعتبرون أي تهديد له اعتداءً مباشرًا عليهم. لهذا، لم تجد الجماعة أي غطاء شعبي بعد انكشاف مخططاتها، خصوصًا بعد وصف العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني لقياداتها بأنهم "ذئاب في ثياب حملان"

جذور التنظيم.. من جمعية خيرية إلى قوة سياسية

تعود جذور الإخوان في الأردن إلى أربعينيات القرن الماضي، حين مُنحت الجماعة رخصة كجمعية خيرية ثم ترخيصًا آخر كمنظمة إسلامية عام 1953.

وتشير وثائق دبلوماسية أمريكية إلى أن السماح للجماعة بالعمل الديني جاء خلال فترة كانت الأحزاب السياسية ممنوعة فيها، ما منحها هامشًا واسعًا للبناء والتمدد.

وعلى مدى أربعة عقود، فرضت الجماعة نفوذها عبر الجمعيات المهنية، والأنشطة الاجتماعية، وجمعيات الرعاية، قبل أن تنتقل إلى العمل السياسي المباشر في التسعينيات من خلال حزب جبهة العمل الإسلامي.

انقسامات داخلية وصعود حماس

مع بداية التسعينيات، حاولت الجماعة تقديم نفسها بوجه معتدل عبر حزبها السياسي، لكن ظهور حركة “حماس” وتنامي تأثيرها أدى إلى انقسامات حادة داخل التنظيم في الأردن، استمرت حتى نهاية التسعينيات وأضعفت بنيته التنظيمية.

هياكل معقدة.. وتمويل ضخم يقدر بـ700 مليون دولار

اليوم، يُشار إلى “الحركة الإسلامية” كاسم جامع لكل من جماعة الإخوان وحزب جبهة العمل الإسلامي، رغم أن لكل منهما هيكلًا مستقلًا.

ويخضع الطرفان لمرجعية واحدة: مجلس الشورى، المكوّن من 50 عضوًا منتخبين ومعيّنين من داخل الأردن وخارجه.

أما التمويل، فقد قدّره دبلوماسي أميركي سابق بنحو 700 مليون دولار، وهو ما وفر للجماعة عمقًا مؤسسيًا مكّنها لعقود من ترسيخ نفوذها.

2020.. الحكم الذي أنهى الشرعية

في عام 2020، قضت محكمة التمييز، أعلى سلطة قضائية في الأردن، بحل الجماعة قانونيًا، وتجريدها من صفتها الاعتبارية. لكن نشاطها استمر عبر حزب جبهة العمل الإسلامي، قبل أن تصدر الحكومة في أبريل الماضي قرارًا بحظر الجماعة نهائيًا ومصادرة ممتلكاتها، لينتهي بذلك فصل طويل من حضور الإخوان في الأردن.

بين الإجراءات الأمريكية، والإجراءات الأمنية الأردنية، والانقسامات الداخلية، فقدت جماعة الإخوان في الأردن آخر مقومات بقائها.

وبدا أن "النهاية التاريخية" التي لطالما تحدث عنها محللون، أصبحت واقعًا لا يمكن للقيادة التنظيمية تجاهله.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق