اتخذ الرئيس الأميركي دونالد ترامب خطوة جديدة ومباشرة لإطلاق إجراءات تصنيف بعض فروع جماعة الإخوان كـ"منظمات إرهابية أجنبية"، في تحرك وصفه المراقبون بأنه تحول جذري في مقاربة واشنطن للإسلام السياسي، ورسالة سياسية وأمنية تحمل انعكاسات واسعة داخليًا وخارجيًا.
ويشير هذا التوجه إلى أن واشنطن تتجه نحو تشديد أكبر في التعامل مع الحركات الإسلامية، وهو ما قد ينعكس على سياسات الحلفاء الإقليميين والدول الغربية.
خبيرة دولية تكشف دوافع ترامب: “تصعيد استراتيجي ورسالة أيديولوجية”
قالت أستاذة الدين والسياسة في جامعة برمنغهام والزميلة البارزة في مركز بيركلي للسلام والشؤون العالمية، جوسلين سيزاري من خلال حديثها ، إن خطوة ترامب تمثل تصعيدًا مهمًا في سياسة الولايات المتحدة تجاه الإسلام السياسي.
وأكدت سيزاري من خلال حديثها لسكاي نيوز، أن بعض فروع الإخوان وُجهت إليها اتهامات بدعم العنف أو التحريض عليه، إلا أن الجماعة نفسها كيان متشعب ومتعدد يعمل سياسيًا واجتماعيًا في عدة دول، وهو ما يجعل التصنيف قرارًا ذا أبعاد مركبة.
وأضافت أن مؤيدي القرار يرونه جزءًا من استراتيجية موسعة لمكافحة التطرف، واستجابة مباشرة لمخاوف الحلفاء الإقليميين ممن يعتبرون الجماعة تهديدًا لاستقرار المنطقة.
توقيت مدروس ودوافع سياسية وانتخابية
وأوضحت سيزاري أن توقيت خطوة ترامب ليس عشوائيًا، بل يأتي في لحظة سياسية محسوبة تتقاطع فيها اعتبارات السياسة الداخلية مع تحركات السياسة الخارجية.
وأشارت إلى أن الإدارة الأميركية تسعى إلى الظهور بموقف حازم تجاه التطرف، بما يعزز تحالفاتها في الشرق الأوسط، ويقدم رسالة أيديولوجية قوية للجمهور الداخلي.
كما لفتت إلى أن القرار يحمل دوافع انتخابية واضحة؛ إذ ينسجم الموقف الصارم من الحركات الإسلامية مع قناعات قاعدة انتخابية مؤثرة، ويستكمل خطاب "الحرب على الإرهاب" الذي اعتمده ترامب في حملاته السابقة.
وأضافت أن الفكرة طُرحت للمرة الأولى عام 2019 خلال الولاية الأولى لترامب، لكنها واجهت معارضة شديدة داخل أجهزة الاستخبارات والخارجية الأميركية، مما منع تنفيذها آنذاك.
خطوة قد تعيد صياغة المواقف الإقليمية والدولية
وتوقعت سيزاري أن يشجع التحرك الأميركي الجديد عددًا من الدول، وخاصة الحلفاء الإقليميين، على تشديد إجراءاتهم تجاه جماعة الإخوان، مشيرة إلى أن دولًا مثل مصر والسعودية والإمارات رحبت سابقًا باعتبار الجماعة منظمة إرهابية.
وفي المقابل، أكدت أن الدول الأوروبية من غير المرجح أن تتبع النهج الأميركي بالكامل، بالنظر إلى اختلاف منظوماتها القانونية ومقاربتها للحريات المدنية، ما يدفعها إلى تبني مواقف أكثر حذرًا ومرونة.
الأمر التنفيذي: تعليمات عاجلة لوزارتي الخارجية والخزانة
وبحسب بيان صادر عن البيت الأبيض، وقع ترامب أمرًا تنفيذيًا يلزم وزير الخارجية ماركو روبيو ووزير الخزانة سكوت بيسنت بتقديم تقرير مفصل حول إمكانية تصنيف فروع الإخوان في مصر ولبنان والأردن كـ"منظمات إرهابية أجنبية".
وينص الأمر على اتخاذ الخطوات اللازمة خلال 45 يومًا من تقديم التقرير، إذا تم التوصل إلى توصية بالمضي في التصنيف.
واتهمت إدارة ترامب تلك الفروع بدعم أو التحريض على هجمات ضد إسرائيل وشركاء الولايات المتحدة، أو بتقديم دعم مادي لحركة حماس.
عقوبات متوقعة وإجراءات صارمة ضد الجماعة
ويسمح التصنيف الأميركي، حال اعتماده رسميًا، بفرض مجموعة من الإجراءات العقابية تشمل:
تجميد الأصول والأموال المرتبطة بالجماعة داخل الولايات المتحدة
منع دخول أعضائها أو المتعاونين معها إلى الأراضي الأميركية
ملاحقات قانونية لمن يقدم دعما ماديا أو لوجستيا لها
وهو ما يجعل الخطوة — وفق مراقبين — الأكثر تأثيرًا على مستقبل الجماعة وعلى شكل العلاقات الأميركية مع الحركات الإسلامية عالميًا.












0 تعليق