قالت الصحفية إسلام أمين، من إذاعة بلادي السودانية في سردها لتجربتها داخل السودان منذ اندلاع الحرب، إن المشهد الإعلامي انهار بالكامل بعد استهداف مؤسسات البث الرسمية واقتحام الإذاعة والتلفزيون والصحف وقطع الاتصالات، مما وضع الصحفيين أمام فراغ معلوماتي خطير.
جاء ذلك خلال الندوة التي نظمتها جريدة الدستور تحت عنوان: "الفاشر.. سردية مدينة محاصرة إلى أين؟"، في إطار التغطية الإعلامية المستمرة للأوضاع الإنسانية والأمنية في دارفور، بالتزامن مع تدشين منصة هنا السودان، التي تهدف إلى توثيق الأحداث والممارسات الحقوقية في البلاد.
وأوضحت إسلام أمين خلال مشاركتها في ندوة الدستور بعنوان "الفاشر.. سردية مدينة محاصرة إلي إين؟" أنها عاشت تحت الحصار في منطقة جبل أولياء لأكثر من عام، وسط فوضى أمنية وانهيار إداري كامل، بينما تحوّلت الوسائل المتاحة إلى مشاهد مليشياوية صادمة لا يمكن الاعتماد عليها.
وأضافت: "ومع غياب شبكة الاتصال وغياب الدولة، اضطر الصحفيون للاعتماد على صفحاتهم الشخصية كمؤسسات بديلة، يوثقون فيها الواقع ويحذرون الناس من حرب "وجودية" حملت أبعادًا عربية ودينية وعنصرية لم يعرفها المجتمع السوداني بهذا الشكل من قبل".
وأشارت إلى أن كثيرًا من وسائل الإعلام الدولية والعربية اعتمدت على روايات مضللة، ما دفع الصحفيين السودانيين إلى اللجوء لشهادات مباشرة من الميدان، من جنود محاصرين ونساء ناجيات وشباب في خطوط القتال، لصياغة رواية واقعية للأحداث.
وأكدت أن مدينة الفاشر ظلت السؤال الأكبر، بعد حصار دام 500 يوم لم يجد صدى دولي، في وقت لعبت فيه أصوات محلية جريئة دورًا حاسمًا في كشف الحقيقة ورغم التضليل الممنهج الذي مارسه ناشطون مرتبطون بالدعم السريع، واصلت إسلام أمين عملها بعد خروجها إلى القاهرة، مستندة إلى قصص النازحين ومسؤولة عن جهود توعية واسعة لتمييز القوات المشتركة عن المليشيا.
وختمت كلمتها بأن العالم لم يلتفت إلى السودان إلا بعد حرب غزة، حين بدأ يسأل متأخرًا عما يجري في الفاشر، قبل أن يعترف رئيس أمريكي سابق بأنه لم يكن يعرف حتى بوجود بلد اسمه السودان.
وتأتي الندوة لتسلط الضوء على المعاناة الكبيرة التي عاشتها مدينة الفاشر تحت الحصار، وتسعى إلى استعراض شهادات الناجين، ورصد الانتهاكات التي ارتكبتها ميليشيا الدعم السريع، فضلًا عن تحليل الأبعاد السياسية والاجتماعية للحرب في دارفور. كما تهدف إلى فتح نقاش جاد حول دور الإعلام الرسمي والشعبي في نقل الحقيقة، وإبراز تجربة الصحفيين والناشطين المحليين في مواجهة التضليل الإعلامي الدولي.
وجمعت الندوة بين الخبرة الصحفية والبحثية والسياسية، لتقديم سردية شاملة عن مدينة الفاشر، وتحديد مسارات التحرك الممكنة للمجتمع الدولي والمحلي، في محاولة لإضاءة قضية لم تحظَ بالاهتمام الكافي، رغم حجم المأساة الإنسانية التي شهدتها.
أقرأ أيضًا:












0 تعليق