تقرير لـ"The Spectator" يتحدث عن اختبار جديد لإسرائيل.. هذا ما كشفه

لبنان24 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
ذكرت صحيفة "The Spectator" البريطانية أن "الحرب في غزة لم تنتهِ، بل غيّرت مسارها. فما بدأ كمواجهة ضارية تحوّل الآن إلى تجربة سياسية وجغرافية، قد تُحدّد معالمها معالم المنطقة خلال العقد المقبل. وخلف وقف إطلاق النار وخطط إعادة الإعمار يكمن تحول أعمق: عودة القضية الفلسطينية، بعد سنوات من الغياب المتعمد، كمحور مركزي في الحوار الإقليمي والعالمي. فعلى مدى عقدين تقريبًا، نجحت إسرائيل ومعظم العالم العربي في تهميش هذه المسألة. فالتطبيع الاستراتيجي، والحوافز الاقتصادية، والسعي إلى التهدئة، مكّنوا من إدامة وهم إمكانية تجميد الصراع إلى أجل غير مسمى، لكن هذا الوهم انهار الآن. إن التصويت على السيادة في الكنيست، والتصريحات في واشنطن، والقمة في شرم الشيخ، كلها تعبيرات عن حقيقة واحدة: أن القضية عادت لتبرز من جديد. فسواء من خلال نقاشات الضم أو مبادرات إقامة الدولة، فقد أصبحت حتمية من جديد".

Advertisement


وبحسب الصحيفة، "إن الرؤية الأميركية التي انبثقت من هذه اللحظة هي رؤية واسعة الطموح وغير مؤكدة النتائج. وقد وضع مبعوثو الرئيس الأميركي دونالد ترامب إطارًا إقليميًا يربط تعافي غزة بمشروع معماري أوسع نطاقًا، مشروع يربط رأس المال العربي، والحماية الأميركية، وضبط النفس الإسرائيلي. إنه مسار يعتمد على الحركة الدائمة: على الزخم قبل الجوهر، وعلى المظهر قبل الصلابة. في الوقت الحالي، يبدو أن الأمر ينجح، فقد أُطلق سراح الرهائن، وهدأت المدافع، ويُطرح وعد غزة جديدة على كل طاولة مؤتمر. لكن في خضم هذا الوعد يكمن انقسام، فعلى الأرض، توجد الآن غزة. إلى الغرب، تقع "غزة الخضراء" (وفق تعبير كاتب المقال) وهناك بقايا سلطة حماس، مقيدة لكنها غير منقطعة، محمية بالمال القطري والتعاطف التركي. وإلى الشرق، تقع "غزة الصفراء"، وهي المنطقة الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية، والتي يُطلق عليها وزير الدفاع إسرائيل كاتس اسم "المنطقة الصفراء"، والتي حددها كمركز للمرحلة الاستراتيجية المقبلة لإسرائيل".

وتابعت الصحيفة، "أصدر كاتس تعليماته للجيش الإسرائيلي بجعل تدمير الأنفاق مهمته الأساسية في الأراضي التي تسيطر عليها إسرائيل الآن، مع الحفاظ على التنسيق مع المسؤولين الأميركيين بشأن تنفيذ "خطة ترامب وإيجاد طريقة شاملة لمعالجة تفكيك وتدمير كل أنفاق الإرهاب في المنطقة المتبقية تحت مسؤوليتهم". إن اللغة التي استخدمها كاتس حذرة، تكاد تكون بيروقراطية، إلا أن دلالاتها استثنائية. فتُقر إسرائيل الآن، ضمنيًا، بأنها لن تحكم غزة بأكملها، وأن واشنطن ستشرف على ما تبقى منها. إن المنطقة تتجه نحو واقع منقسم: غزة الصفراء المنزوعة السلاح والتي أُعيد بناؤها تحت رعاية دولية، وغزة الخضراء المتروكة لقوة حماس المتبقية ورعاية حلفائها الإقليميين. هذا الواقع مشابه تماماً برلين جديدة: منطقة مُقسّمة لا على أساس الأيديولوجيا فحسب، بل على أساس هندسة التسوية العالمية. وكما قال المُعلّق الإسرائيلي آري شافيت، ستسعى إسرائيل إلى خلق تباين على غرار ألمانيا الشرقية وألمانيا الغربية: "سنحاول حشد كل الأموال العربية المعتدلة، وما شابه، في الجزء الشرقي من غزة، أي في نسبة الـ 53% التي ننتمي إليها. وهكذا، ستكون بداية ازدهار غزة. لن يحدث ذلك بين عشية وضحاها. وسنترك الـ 47% في أيدي حماس، ونترك للفلسطينيين حرية الاختيار"."

وأضافت الصحيفة، "يقدم الدكتور دان ديكر، رئيس مركز القدس للشؤون الخارجية والأمن، منظوراً تحذيرياً لآليات أي اتفاق يترك حماس حاضرة في غزة، ويؤكد أن حماس، باعتبارها حركة جهادية إسلامية، "لن تتخلى عن سلاحها طواعية لأن ذلك سيكون بمثابة محو هويتها"، ويزعم أن العامل الواقعي الوحيد لنزع السلاح على المدى القصير هو الجيش الإسرائيلي. في الحقيقة، هذا الترتيب يخلق فرصًا ومخاطرًا في آنٍ واحد. فالحوافز الاقتصادية هائلة، وترى الدول العربية في إعادة إعمار غزة فرصةً لتحقيق الاستقرار في المنطقة وكسب الود الأميركي، كما وترحب العواصم الغربية بإنجازٍ واضح بعد أشهر من اليأس. ومع ذلك، يسير كل طرف في اتجاهٍ مختلف. فمصر تخشى من تقوية حماس، أما قطر فتسعى لحمايتها. تركيا ترغب في تعزيز نفوذها، والإمارات تسعى لاحتوائها. أما الولايات المتحدة فتريد إنهاء الانقسام، وإسرائيل تريد الأمن, وفي ظل هذا التشابك من الدوافع، لا أحد يعرف بعد ما إذا كان هذا المسار سوف يصمد أم لا".

وبحسب الصحيفة، "ستختبر المرحلة المقبلة قدرة إسرائيل على التصرف كمشارك وحارس لمصالحها. في الواقع، لقد حقق جيشها ما يمكن تحقيقه في ساحة المعركة، وما تبقى هو أمر استراتيجي: تأمين المكاسب، ورسم ملامح إعادة الإعمار، ومنع عودة الأوهام. هذا لا يتطلب شعارات، بل رجل دولة بارع في التعامل مع البنى المتداخلة لواشنطن والقاهرة والرياض، رجل قادر على إدارة الضغوط دون فقدان الاتجاه. في الوقت الحاضر، لا يمتلك سوى بنيامين نتنياهو هذا المزيج من الغريزة السياسية، والقدرة الدبلوماسية، والسلطة الدولية، ورغم كثرة منتقديه، إلا أنه لا يوجد خلفٌ ينتظر دوره".

وختمت الصحيفة، "إن الخريطة الإقليمية يجري رسمها من جديد، وغزة، المقسمة بين نصفيها الأخضر والأصفر، هي المسودة الأولى لتلك الخريطة. إن النتيجة الحقيقية لن تعتمد على من يعلن السلام، بل على من يفهم اللعبة الطويلة، وهي أن كل هدنة في الشرق الأوسط هي مؤقتة، وكل مسار مؤقت".

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق