Advertisement
وبحسب الصحيفة، "بعد مرور ما يقرب من 22 عامًا، أصبحت روسيا دولة شمولية، ويبدو أن بوتين يعتبر خودوركوفسكي تهديدًا مجددًا. ففي هذا الشهر، اتهم جهاز الأمن الفيدرالي الروسي خودوركوفسكي، الذي يعيش الآن في المنفى في لندن، و22 عضوا من لجنة مناهضة الحرب في روسيا بالتخطيط لانقلاب. وبحسب جهاز الأمن الفيدرالي الروسي، فإن اللجنة التي تم إنشاؤها لمعارضة الحرب الروسية في أوكرانيا، تسعى إلى "الاستيلاء العنيف على السلطة والإطاحة بالنظام الدستوري في الاتحاد الروسي". ويقول خودوركوفسكي إن هذه الادعاءات كاذبة، فيما يرى خبراء الكرملين أنها مؤشر واضح على شعور جديد بالضعف في قلب الدولة الروسية".
وتابعت الصحيفة، "قال جون هيربست، المدير الأول لمركز أوراسيا التابع للمجلس الأطلسي والسفير الأميركي السابق لدى أوكرانيا: "هذا يدل على أن الكرملين يعاني من جنون العظمة. بوتين يبحث عن أعداء لتعزيز نظامه". وفجأة، أصبحت لدى بوتين أسباب كثيرة للقلق. فقد بدأ الاقتصاد الروسي بالتعثر، وشُلَّت الشركات بسبب ارتفاع أسعار الفائدة، وارتفعت تكاليف الاقتراض الحكومي بشكل حاد، وحذَّر وزير الاقتصاد مكسيم ريشيتنيكوف في حزيران من أن البلاد "على شفا ركود". كما وتتزايد التحذيرات من احتمال تفاقم الديون المعدومة، مما قد يُؤدي إلى أزمة مالية. وفي الوقت عينه، كثفت أوكرانيا هجماتها بالطائرات من دون طيار على مصافي النفط الروسية، مما أدى إلى تقليص إمدادات البنزين في البلاد".
وأضافت الصحيفة، "الآن، يقوم الرئيس الأميركي دونالد ترامب بممارسة الضغط بشكل متزايد. فبعد إحباطه من عدم تحقيق تقدم لإنهاء الحرب في أوكرانيا، أعلن ترامب فرض عقوبات جديدة على اثنتين من أكبر شركات النفط الروسية يوم الأربعاء. وردّت الهند والصين، وهما المشتريان الرئيسيان للنفط الروسي منذ بداية الحرب، بتقليص مشترياتهما. في الحقيقة، يُهدد هذا بقطع عائدات النفط الأساسية عن آلة حرب بوتين، وعن الدولة الروسية. وقال تيموثي آش، الزميل المشارك في برنامج روسيا وأوراسيا في تشاتام هاوس: "لأول مرة منذ ثلاث سنوات ونصف، تتضرر روسيا بشدة. أعتقد أن هناك حالة من الذعر"."
وبحسب الصحيفة، "لقد كان الاقتصاد الروسي حتى الآن مرنًا بشكل ملحوظ خلال الحرب مع أوكرانيا، متحديًا التوقعات بأنه سينهار بعد فرض موجة أولية من العقوبات العالمية. ومن بين الأسباب التي جعلت روسيا تنجو من العاصفة حتى الآن هو أن الكرملين حث البنوك على إقراض شركات الدفاع، بدلا من استخدام أموال الدولة ببساطة، ومنحهم الضوء الأخضر للإقراض من دون الحاجة إلى عمليات التحقق من الائتمان المعتادة أو الاحتياطيات اللازمة لتغطية حالات التخلف عن السداد المحتملة. وقال كريغ كينيدي، من مركز ديفيس للدراسات الروسية والأوراسية التابع لجامعة هارفارد: "لقد كانوا يمولون الحرب بأموال مقترضة طوال الوقت، ولم يكن ذلك يظهر في الميزانية العمومية للدولة"."
وتابعت الصحيفة، "في تشرين الأول الماضي، حذّر سيرغي تشيميزوف، الرئيس التنفيذي لشركة روستيك، أكبر شركة روسية لإنتاج الأسلحة، من أن تكاليف الاقتراض المرتفعة لا يمكن أن يتحملها القطاع. وفي حزيران، حذر جيرمان غريف، الرئيس التنفيذي لسبيربنك، أكبر بنك في روسيا، قائلا: "نرى الآن أن الكثير من الشركات بدأت تواجه صعوبات في خدمة القروض، كما أن تكاليف المخاطر والتخصيص ترتفع أيضا بالنسبة للمصارف"."
ورأت الصحيفة أن "الحرب تُلقي بظلالها على المواطنين العاديين. وارتفعت سحب كثيفة من الدخان من مصافي النفط الروسية في كل أنحاء البلاد هذا العام في أعقاب سلسلة غير مسبوقة من الهجمات بطائرات من دون طيار أوكرانية. ومنذ كانون الثاني، ضربت أوكرانيا 21 من أكبر 38 مصفاة في روسيا، حيث يُكرّر النفط الخام إلى منتجات مثل البنزين، وبلغت الضربات 683 ميلاً داخل روسيا من الحدود الأوكرانية. لقد تم تقليص العرض بشكل كبير لدرجة أن أسعار البنزين ارتفعت بنسبة 40٪ منذ بداية العام، وفرض المسؤولون نظامًا للترشيد في شبه جزيرة القرم المحتلة، بينما أغلقت محطات الوقود الصغيرة في سيبيريا. في الواقع، أصبح الإنتاج العسكري المصدر الوحيد لنمو الاقتصاد، وقال يقول سيرغي ألكساشينكو، رئيس قسم الاقتصاد في مركز الاستراتيجيات الأوراسية الجديدة ونائب وزير المالية الروسي سابقًا، إن القطاع المدني "يشهد ركودًا كبيرًا"."
وبحسب الصحيفة، "كان بوتين شاهداً على محاولات انقلاب سابقة. ففي حزيران 2023، قاد يفغيني بريغوجين، زعيم مجموعة فاغنر، انتفاضةً ضد الحكومة بعد أشهر من الخلاف مع كبار المسؤولين العسكريين، لكنه لم ينجح وتوفي بعد أشهر في حادث تحطم طائرة. لكن خودوركوفسكي لا يقود مسيرةً إلى موسكو. فبعد أن أمضى عقدًا من الزمان في سجون سيبيريا، أُطلق سراحه عام 2013 وانتقل إلى أوروبا، حيث أسس لجنة مناهضة الحرب عام 2022. وجاءت القضية الجنائية التي رفعها جهاز الأمن الفيدرالي الروسي ضده بعد أن أطلقت الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا، وهي منظمة لحقوق الإنسان، منصة للحوار مع المعارضة الديمقراطية الروسية في المنفى. وقال خودوركوفسكي للصحيفة إن اتهامات جهاز الأمن الفيدرالي الروسي له تظهر أن الكرملين يشعر "بالقلق بشأن قضية انتقال السلطة"، فإذا مات بوتين غدا، فلن يكون له خليفة واضح".
وتابعت الصحيفة، "قال خودوركوفسكي إن المشاكل الاقتصادية التي تواجهها روسيا لم تُثر بعد معارضة جدية في الداخل، "يلاحظ الشعب المشاكل، لكنها لم تبلغ حدّها بعد"، لكن العقوبات الغربية خلقت مشاكل كبيرة للبلاد. وقال خودوركوفسكي: "المسألة الأولى هي التخلف التكنولوجي المتزايد. روسيا تتجه نحو التخلف، عاجزة ليس فقط عن إنتاج ابتكارات، بل حتى عن تبني ابتكارات الآخرين. هذا ليس واضحًا تمامًا على المدى القصير، ولكنه سيؤدي خلال 10 إلى 20 عامًا إلى مشاكل جسيمة". أما المسألة الثانية فهي اعتماد روسيا الحاسم الجديد على الصين. وقال خودوركوفسكي: "تعتمد آلة بوتين الحربية اعتمادًا كبيرًا على التعاون مع جمهورية الصين الشعبية. بإمكان شي جين بينغ أن يُدمر الاقتصاد الروسي ويُوقف الحرب غدًا إن شاء"."
وأضافت الصحيفة، "هناك مشكلة أخرى تنتظر الحل، فالمالية العامة في روسيا تتجه نحو الفوضى. فمنذ بداية العام، رفعت وزارة المالية الروسية هدفها للعجز لعام 2025 إلى 2.6% من الناتج المحلي الإجمالي، أي أكثر من خمسة أضعاف 0.5% التي كانت تتوقعها في بداية العام وأكبر عجز سنوي منذ جائحة كورونا. وقد أثرت أسعار النفط المنخفضة على صادرات روسيا من الطاقة وعائداتها الضريبية من النفط والغاز، والتي تشكل مجتمعة نحو ثلث إيرادات ميزانيتها. في الماضي، كانت الحكومة تستخدم صندوق الثروة الوطنية لتغطية عجز الموازنة في نهاية العام في كانون الأول، لكن الاحتياطيات آخذة في التناقص. إن تغطية العجز تعني زيادة الضرائب أو زيادة الاقتراض، وروسيا تفعل كلا الأمرين. وهناك أيضًا تساؤل حول عدد السندات التي تستطيع الحكومة بيعها، فالعقوبات تمنعها من الوصول إلى الأسواق العالمية، ولا يمكنها جمع الديون محليًا إلا عن طريق بيع السندات لبنوكها".
ضربة ترامب في الوقت المناسب
وبحسب الصحيفة، "لذلك اختار ترامب لحظة مؤلمة بشكل خاص لبدء الضغط على بوتين. لقد صدم الرئيس الأميركي العالم عندما قلب السياسة الخارجية الغربية تجاه أوكرانيا رأساً على عقب بعد وصوله إلى السلطة، حيث اقترب كثيراً من موسكو أكثر من كييف. وزعم ترامب أنه طور "علاقة وثيقة للغاية" مع بوتين، ودعاه إلى قمة في ألاسكا، واتهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بأنه العائق أمام اتفاق السلام. لكن هذا الشهر غيّر ترامب لهجته، خاصة بعد أن أصبح يشعر بإحباط متزايد إزاء عدم إحراز روسيا أي تقدم نحو التوصل إلى اتفاق سلام. وقد يشجع ضعف روسيا الاقتصادي ترامب على المضي قدمًا. وقال دبلوماسي أميركي سابق: "كانت الحجة الرئيسية لدفعه أوكرانيا إلى التسوية هي أن روسيا ستفوز حتمًا في هذه الحرب. وكما قال بوقاحة في البيت الأبيض: "ليس لديكم أي أوراق"، في إشارة إلى المؤتمر الصحفي المثير للجدل الذي عقده ترامب في البيت الأبيض في شباط. والآن، ربما يكون بوتين هو الذي لا يملك أي أوراق".









0 تعليق