بريطانيا ترفع "هيئة تحرير الشام" من قائمة الإرهاب

تحيا مصر 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

أعلنت الحكومة البريطانية رسميًا رفع هيئة تحرير الشام من قائمة "المنظمات الإرهابية"، بعد ثماني سنوات من إدراجها، في خطوة وُصفت بأنها تحوّل جذري في السياسة البريطانية تجاه الملف السوري.

وأوضحت وزارة الداخلية البريطانية، في بيان نُشر على موقعها الرسمي، أن القرار جاء عقب «إعادة تقييم شاملة للواقع الميداني والسياسي في سوريا» بعد سقوط نظام بشار الأسد، مؤكدة أن الهيئة «لم تعد تمثّل تهديدًا مباشرًا للأمن البريطاني أو الدولي».

هيئة تحرير الشام: من جبهة النصرة إلى سلطة الأمر الواقع

 

تعود جذور هيئة تحرير الشام إلى جبهة النصرة، الفرع السوري لتنظيم القاعدة، قبل أن تعلن انفصالها عام 2016 وتتحول إلى كيان محلي يسعى إلى تثبيت نفوذه في شمال سوريا.

وخلال السنوات الأخيرة، تبنّت الهيئة خطابًا جديدًا يركّز على الحكم المحلي والإدارة المدنية عبر ما يعرف بـ«حكومة الإنقاذ»، مع تقليص الشعارات الجهادية العابرة للحدود، ما جعل بعض الدول الغربية تعتبرها «حركة محلية قابلة للاحتواء».

دوافع القرار البريطاني: الواقعية السياسية أم إعادة التموضع؟

يرى مراقبون أن قرار لندن يعكس مقاربة براغماتية جديدة في التعامل مع القوى الفاعلة على الأرض السورية.

فمنذ إقصاء نظام الأسد، باتت هيئة تحرير الشام اللاعب المهيمن في مناطق إدلب، الأمر الذي دفع العواصم الغربية إلى إعادة النظر في مواقفها القديمة سعياً لإيجاد موطئ قدم في ترتيبات ما بعد الحرب.

ويرى خبراء أن هذه الخطوة قد تمهّد الطريق لفتح قنوات اتصال غير مباشرة، وربما تعاون ميداني محدود في ملفات مثل إعادة الإعمار ومكافحة الإرهاب المحلي.

ردود فعل متباينة في لندن والغرب

أثار القرار جدلاً واسعًا في الأوساط السياسية البريطانية. فبينما اعتبره مؤيدوه خطوة واقعية ضرورية لتثبيت الاستقرار، وصفه معارضون بأنه «مكافأة لجماعة لم تتخلَّ فعليًا عن أيديولوجيتها المتطرفة».

ونقلت صحيفة الغارديان عن نواب في حزب العمال قولهم إن رفع التصنيف «يمنح شرعية لجماعة مسلحة تفرض حكمًا بالقوة»، بينما أكدت وزارة الخارجية البريطانية أن «الإزالة لا تعني قبولًا سياسيًا أو دعمًا ماديًا».

 قراءة في المشهد الجديد

يأتي هذا القرار ضمن موجة أوسع من التحوّل الغربي في التعامل مع الحركات الإسلامية المحلية.
فبعد عقدين من "الحرب على الإرهاب"، تتجه سياسات الغرب اليوم نحو الاحتواء بدل المواجهة، خصوصًا مع الجماعات التي تبدي استعدادًا للانفصال عن الخطاب الجهادي العالمي.

ويشير محللون إلى أن هذا «التقارب الحذر» بين الشرع الإسلامي التقليدي والمعسكر الغربي لا يعني تحالفًا أيديولوجيًا، بل هو نتاج لمعادلة جديدة يفرضها الواقع الميداني والفراغ السياسي في الشرق الأوسط.

هل تصبح هيئة تحرير الشام شريكًا دوليًا؟

يستبعد مراقبون أن تصل العلاقة إلى مستوى الشراكة الرسمية، لكن من المرجح أن تستمر لندن وواشنطن في سياسة الانخراط المشروط، عبر تقييم الأداء الداخلي للهيئة ومدى التزامها بالمعايير الإنسانية.

فإذا نجحت الهيئة في إثبات قدرتها على إدارة مناطقها بطريقة مستقرة ومنفتحة، فقد تجد نفسها في مرحلة لاحقة أمام اعتراف دولي جزئي أو غير مباشر، على غرار نماذج أفغانستان أو شمال العراق في مراحل ما بعد الصراع.

مستقبل العلاقة بين الغرب والجماعات الإسلامية المحلية

تحمل الخطوة البريطانية دلالات عميقة على تحوّل ميزان التعاطي الدولي مع الإسلام السياسي المسلح، إذ لم يعد التصنيف وحده أداة كافية لضبط المشهد.

ويبدو أن الواقعية السياسية أصبحت تفرض على الدول الغربية التعامل مع "من يملك الأرض" بدلاً من من يملك الشرعية القانونية فقط.

غير أن هذا التقارب يبقى محفوفًا بالمخاطر، إذ قد يفتح الباب أمام إعادة تدوير جماعات متطرفة ضمن أطر سياسية جديدة، ما لم تُرفَق الخطوة بآليات مراقبة وضمانات صارمة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق