ليلة هادئة في حي الوايلي تحولت إلى مشهد طوارئ مكتمل الأركان، بعدما تصاعدت ألسنة اللهب ”حريق” من أعلى سطح أحد العقارات، وسط ذهول السكان الذين هرعوا إلى الشرفات لمتابعة ما يحدث.
في دقائق معدودة، تلقّت غرفة عمليات النجدة بلاغًا يفيد باندلاع حريق داخل مخزن أعلى سطح عقار، لتتحرك على الفور قوات الحماية المدنية بثلاث سيارات إطفاء وخزان مياه ضخم، وسط حالة من التأهب لمنع الكارثة من التوسع إلى المباني المجاورة.
تحت أضواء سيارات الإطفاء وصفارات الإنذار التي شقت صمت الليل، نجحت القوات في السيطرة على النيران قبل امتدادها، وبدأت عمليات التبريد الدقيقة التي استمرت لساعات حتى لا يتجدد الاشتعال.
وبالفحص الميداني، تبيّن أن الحريق اندلع داخل مخزن كراتين أحذية تبلغ مساحته نحو 10 أمتار، وامتدت النيران إلى غرفة ملاصقة بمساحة 16 مترًا مليئة بمخزونات الأحذية القابلة للاشتعال، تقع أعلى مصنع مكون من خمسة طوابق.
اقتصرت الخسائر على تلفيات محدودة بالمخزن دون وقوع أي إصابات بشرية، فيما أمرت جهات التحقيق بحي الوايلي بندب فريق من الأدلة الجنائية لمعاينة موقع الحريق، وطلبت تحريات البحث الجنائي لكشف ملابساته وأسبابه.
بعد الانتهاء مع الإطفاء، بدأ المحققون جمع الأدلة من بقايا الكراتين المحترقة، في محاولة للإجابة عن السؤال الذي يطرحه الجميع: هل كان ماسًّا كهربائيًا وراء الحريق؟ أم أن هناك شبهة إهمال أو فعل متعمد؟.
التحقيقات لا تزال جارية، لكشف كافة تفاصيل الحادث.
خبير في الحماية المدنية يوضح اشتراطات الأمان داخل المخازن
بعد حادث الحريق الذي شبّ داخل أحد المخازن أعلى عقار في حي الوايلي، أكد العميد أحمد بسيوني، أحد مسؤولي إدارة الحماية المدنية السابقين، أن معظم حوادث الحرائق في المخازن تعود إلى غياب اشتراطات السلامة الأساسية أو سوء التخزين داخل أماكن غير مهيأة لذلك.
وقال ”بسيوني” في تصريح خاص، إن «المشكلة تبدأ حين يتم استخدام الأسطح أو الطوابق السكنية كمخازن، خصوصًا للمواد القابلة للاشتعال مثل الكراتين أو الأحذية أو المواد البلاستيكية»، موضحًا أن «هذه المواد تشتعل بسرعة كبيرة مع أي مصدر حرارة أو شرارة كهربائية بسيطة».
وأضاف أن من أهم اشتراطات السلامة الواجب توافرها في المخازن:
1. وجود وسائل إطفاء أولية مثل طفايات الحريق المعبأة بالبودرة الجافة في أماكن واضحة وسهلة الوصول.
2. فصل المواد القابلة للاشتعال عن مصادر الكهرباء أو التهوية السيئة.
3. تركيب كواشف دخان وإنذار مبكر مرتبطة بلوحة تحكم مركزية داخل المبنى.
4. إجراء صيانة دورية للأسلاك الكهربائية والتأكد من سلامة الأحمال وعدم وجود توصيلات عشوائية.
5. تدريب العاملين أو القائمين على المخازن على التعامل الفوري مع الحرائق الصغيرة قبل تفاقمها.
وأشار الخبير إلى أن أغلب الحرائق التي تتعامل معها الحماية المدنية "يُكتشف لاحقًا أنها وقعت بسبب سوء التخزين أو غياب وسائل الأمان، وليس بفعل متعمد"، مؤكدًا أن الالتزام بالمعايير البسيطة كفيل بـ"منع 70% من تلك الحوادث".
واختتم حديثه بالتشديد على ضرورة تفعيل الرقابة على المباني التجارية والسكنية التي تُستخدم كمخازن غير مرخصة، لافتًا إلى أن "السلامة ليست رفاهية، بل مسؤولية مشتركة بين المالك، والمستأجر، وجهات الإطفاء".
0 تعليق