ابتكر علماء جهازًا يمكن زراعته في العين لتحسين رؤية الأشخاص الذين يعانون من ضمور داخل بؤرة شبكية العين، التي يطلق عليها "البقعة الصفراء"، المسؤولة عن الرؤية المركزية الحادة ورؤية التفاصيل الدقيقة للألوان، بما يُساعدهم على استعادة جزئية للرؤية المركزية الضرورية للقراءة وغيرها من المهام اليومية.
عودة النظر
وأشارت صحيفة "فاينانشيال تايمز"، إلى أن الجهاز ساعد 81 % من المشاركين في التجربة، ممن يعانون أعراض "التنكس البقعي المرتبط بالعمر" (إيه إم دي)، على تحقيق تحسن مهم في قدرتهم على الإبصار، وذلك وفقا لبحث نشرته مجلة "نيو إنجلاند الطبية".
ولفت إلى أن تكنولوجيا الجهاز المزروع، تستهدف نوعا معينا من أنواع "التنكس البقعي المرتبط بتقدم العمر"، يطلق عليه "الضمور الجغرافي"، وهو موت تدريجي لخلايا شبكية العين، خصوصا في المنطقة المركزية المسماة بـ"البقعة الصفراء"، مؤكدة أن الجهاز المبتكر يعد جزءا من توجه متزايد نحو تصنيع زراعات اصطناعية للأعضاء، بما في ذلك داخل المخ البشري، لاستعادة القدرات البدنية المفقودة.
يقول المؤلف الرئيسي للبحث ورئيس قسم طب العيون في جامعة بون، فرانك هولتز، إن "الدراسة تؤكد، لأول مرة، أنه يمكننا استعادة الرؤية المركزية الوظيفية للأشخاص المصابين بالضمور الجغرافي"، مؤكدا أن "الزراعة تمثل نقلة نوعية لعلاج التنكس البقعي المرتبط بالعمر في مراحله المتأخرة".
يحدث "التنكس البقعي المرتبط بالعمر" (إيه إم دي) بسبب تلف يصيب شبكية العين، المسؤولة عن الشعور بالضوء تحويله إلى إشارات ترسلها إلى المخ.. وتؤدي أعراض "إيه إم دي" إلى تلف الرؤية المركزية - وهو مسار البصر الرئيسي الذي يتم من خلال إدراك الأشياء المهمة من حولنا بشكل مباشر، مثل الأشخاص، أو النصوص المكتوبة، أو علامات الطريق أثناء القيادة.. تصيب أعراض "الضمور الجغرافي" في شبكية العين ملايين البشر في أنحاء العالم، كما أنه السبب الرئيسي في العمى غير القابل للشفاء لدى المتقدمين في العمر.
تشتمل التكنولوجيا الجديدة على كاميرا مثبتة على نظارات خاصة يتمكن مرتدوها من التقاط الصور وتوجيهها بواسطة زرعة لاسلكية في شبكية العين لا يتجاوز قطرها 2مم في 2مم. تتولى الزرعة بدورها تحويل الضوء إلى نبضات إلكترونية ترسل إلى المخ.
اكتشف العلماء أن 81 % من مجموعة مرضى عددهم 32 يعانون "التنكس البقعي المرتبط بالعمر" (إيه إم دي)، ممن أجريت لهم زرعة العين، ذكروا أنهم استخدموا الرؤية الاصطناعية في المنزل وتمكنوا من قراءة أرقام وكلمات، وقد تحسن قدرة المشاركين على الرؤية بمقدار 25 حرفا - أو حوالي 5 أسطر في المتوسط، وفق خريطة قياس العين عند استخدام الجهاز. وقد تمكن أحد المرضى المشاركين من قراءة 59 حرفا، أو ما يقرب من 12 سطرا.
علق المؤلف الرئيسي المشارك في الدراسة ورئيس قسم طب العيون في جامعة بيتسبورج، خوسيه - آلان ساهل، على التجارب السريرية، أنها المرة الأولى التي تحقق فيها أي محاولة لاستعادة البصر مثل هذه النتائج لدى عدد كبير من المرضى، لافتًا إلى أن "تمكن أكثر من 80 % من المرضى من قراءة حروف وكلمات، وبعضهم يقرأ صفحات من كتاب".
وأفادت "فاينانشيال تايمز" بأن شركة ساينس كوربوريشن، الأمريكية المصنعة للجهاز وفق تصميم دانيال بالانكر، أستاذ طب العيون في جامعة ستانفورد، ساهمت في تمويل الدراسة، وتقدمت بطلب للحصول على ترخيص الاستخدام السريري للمنتج في الولايات المتحدة وأوروبا.
من جانبها، أكدت شركة "ساينس كوربوريشن" أنها ليس لديها تقدير حاليا لتكلفة الأجهزة والإجراءات الطبية اللازمة لزراعتها، إذ أن الأمر سيكون قيد التفاوض مع الحكومة والمستخدمين الآخرين.
وأضافت أنها ترغب "في أن يكون السعر معقولا وعادلا حتى يكون الجهاز متاحا لأكبر عدد ممكن من المستفيدين".
0 تعليق