في وداع الحلم.. انهيار باب لا يعني سقوط بيت

البوابة نيوز 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

لم تكن «البوابة نيوز»، بالنسبة لي مجرد مؤسسة صحفية، كانت بيتًا، كانت مساحةً نادرة آمنت بأن للكلمة وزنًا، وللموقف ثمنًا، وللوطن حقًا لا يُساوَم عليه. 

اليوم، حين أعلن الدكتور عبد الرحيم علي، مُجبَرًا وتحت وطأة أزمة اقتصادية قاسية، استقالته من مجلس إدارة وتحرير مؤسسة «البوابة نيوز»، تاركًا للجمعية العمومية، اتخاذ قرار تصفية هذا - المشروع الوطني - المشروع الذي طالما ما أخذ علي عاتقه وحده تأجيل هذا القرار طوال خمس سنوات كاملة، شعرت وقتها أن شمعة كبيرة أُطفئت في فضاء صاحبة الجلالة، وأن صفحة من عمري طُويت بصمتٍ موجع.

لم تكن «البوابة نيوز» مبنى ولا مكاتب ولا أرشيفًا، كانت روحًا، مدرسة، جيلًا من الصحفيين تعلّم أن المواجهة ليست بطولة لفظية، بل التزامًا أخلاقيًا، وأن كلمة الحق ليست شعارًا يُرفع، بل سلوكٌ يومي وموقف يدفع صاحبه ضريبته كاملة غير منقوصة.

وفي قلب هذه المدرسة كان يقف رجل واحدًا - عبدالرحيم علي - الذي حمل الحلم على كتفيه، ودفع من صحته ووقته وسمعته ومستقبله ثمنًا لمشروعٍ آمن به حتى آخر لحظة، كان أبًا، سندًا، وظهرًا. 

كان معلمًا بكل معنى الكلمة، صلابته وقت المواجهة، ورحابة صدره حين يخطئ أحدًا  وشهامته التي لا تتبدل مهما تبدلت الأيام، تعلمنا منه أن الصحافة موقف، وأن حب الوطن مسؤولية، وأن الأخلاق المهنية ليست رفاهية بل عمود فقري لا تقوم المهنة بدونه.

اليوم؛ حين يُغلق هذا الصرح أبوابه، لا ينطفئ تاريخه، لأن تاريخ «البوابة نيوز»، كُتب بمدادٍ لا يمحوه إغلاق ولا أزمة، كُتب بمواقف واضحة ضد قوى الظلام، كُتب بأسماء صحفيين كبار تخرجوا من هذه المدرسة، كُتب بحبٍ صادق لهذا البلد.

إلى من أحبّونا، إلى كل من كتب كلمة مواساة، أو رفع دعاء، أو أرسل رسالة محبة، أنتم لستم جمهورًا، أنتم شركاء الحلم، أنتم الذين حملتم معنا هذا الكيان في لحظات قوته، ووقفتم بجواره في لحظة انكساره، لن ننسى كلماتكم، ولن ننسى أن الحلم لا يموت ما دام من يؤمنون به ما زالوا أحياء.

وأما نحن؛ - أبناء هذه المدرسة - حَمَلة رسالتها، الذين تربّوا على الاختلاف بشرف، والكتابة بنزاهة، والمواجهة بكرامة، «البوابة نيوز» لم تنتهِ، هي فقط عادت إلى أصلها -فكرة- والفكرة لا تموت.

أخبار ذات صلة

0 تعليق