وزير خارجية السودان السابق لـ"البوابة نيوز": لا سلام دون هزيمة الدعم السريع ونزع سلاح الميليشيات.. الذهب والأرض الخصبة «ثروات» أشعلت نار الصراع|حوار

البوابة نيوز 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

فى ظل اشتعال الحرب السودانية المستمرة منذ أبريل 2023 وتعقّد المشهدين السياسي والعسكري، تتزايد الأسئلة حول جذور الأزمة، ومسارات الحل، ومستقبل الدولة التى تواجه أخطر تحدٍّ وجودى منذ استقلالها.

 

حوار مع وزير الخارجية السوداني السابق

فى هذا السياق، يفتح وزير الخارجية السودانى السابق على يوسف الشريف قلبه لـ«البوابة نيوز» فى حوار شامل يكشف فيه الملابسات الحقيقية التى وقفت وراء اندلاع الحرب، ودور الأطماع فى ثروات البلاد، وتداخل الصراع بين الجيش وميليشيات الدعم السريع والحاضنة المدنية.

ويقدّم الشريف قراءة نقدية لمبادرة اللجنة الرباعية، ويتحدث بصراحة عن مخاوف التقسيم، ومستقبل العملية السياسية، وفرص الحسم العسكري، وشروط نجاح المرحلة الانتقالية إذا توقفت الحرب.

كما يستعرض رؤيته لدور القوى المدنية، وموقف الجامعة العربية ودول الخليج، ويطرح تصورًا عمليًا لإنهاء الصراع وبناء سلام مستدام فى السودان، وإلى نص الحوار.

 

■ ما الأسباب الحقيقية التى قادت السودان إلى الحرب الحالية؟

على يوسف الشريف: خلال عهد نظام الإنقاذ لم يكن الوضع مستقرا فى السودان حيث كان هناك صراعات داخل النظام نفسه، نتيجة تمسك عمر البشير بالحكم وعدم تنحيه واستمرت هذه الحالة حتى بعد اندلاع الثورة ضد البشير وسقوط نظامه فى أبريل ٢٠١٩.

وانتقل الصراع على السلطة بين الجيش السودانى وميليشيات الدعم السريع، وظهيره المدنى الحرية والتغيير بغية أن يصبح محمد حمدان دقلو هو الرجل الأول فى السودان، فى المرحلة التى تلى الإتفاق الإطاري، الذى انتهى بعد انسحاب الجيش من المشاركة فى الورشة الرابعة التى بحثت دمج الدعم السريع فى القوات المسلحة السودانية، وهو ما فتح الطريق أمام المواجهة التى اندلعت فى منتصف أبريل ٢٠٢٣.

الأمر الآخر، هو الأطماع فى ثروات السودان، خاصة الذهب والمعادن فى باطن الأرض إلى جانب أن السودان يعتبر سلة غذاء العالم العربى وهو غنى بالمياه والأراضى الخصبة.

■ ما رأيك فى مبادرة اللجنة الرباعية لوقف الحرب فى السودان؟ 

المبادرة أطلقتها أربعة دول هى مصر والسعودية والولايات المتحدة، والإمارات المتهمة بالوقوف خلف الدعم السريع، وهى محاولة رسم خارطة طريق لوقف الحرب فى السودان، ولكنها ووجهت بانتقاد كبير من جانب الحكومة وبعض القوى السياسية، بسبب عدم إدانتها للانتهاكات التى ارتكبتها قوات الدعم السريع ضد الشعب السودانى وترقى إلى كونها جرائم حرب وإبادة جماعية.

بالإضافة إلى أن المبادرة الرباعية تجاهلت الحديث عن مصير قوات الدعم السريع كمحاولة لإرضاء الشعب السودانى الرافض لأن يكون لها مكان فى مستقبل البلاد سياسيًا أو عسكريًا، وهو أمر يعرقل إطلاق عملية السلام فى البلاد.

وأعتقد أن الحكومة السودانية تسعى إلى إضافة هذه التعديلات فى بيان ردها، الذى يطالب بضرورة انسحاب ميليشيا الدعم السريع من المدن والأحياء المدنية إلى المعسكرات، وهو أمر ضرورى لمعالجة الأزمة.

■ البعض يرى أن قبول مبادرة الرباعية الآن هو بداية لتقسيم السودان.. ما رأيك فى هذا الرأي؟

هى إحدى وجهات النظر التى طرحت ولكنها ليست صحيحة بشكل كامل، لأن السودان قبل ذلك انفصل عنه الجنوب ولم تجرى هذه العملية نتيجة حرب مباشرة أو تدخل خارجي، لكن باتفاقية سلام أقرتها الأطراف فى ذلك الوقت، وإجراء استفتاء أسفر عن انفصال جنوب السودان.

ما نواجهه الآن يمكن أن يوحى بوجود سيناريوهات للتقسيم بعد إعلان حكومة موازية ومجلس رئاسي، لكن هذه الإشارت تمثل خطرًا سياسيًا ولكن ليست قرار انفصال، واستبعد أن يكون هناك استفتاء فى دارفور على غرار ما جرى فى جنوب السودان، ولكن الشئ المؤكد أن الشعب السودانى يرفض التقسيم ويسعى لاستمرار الدولة بشكلها الحالي.

86861c4951.jpg
حوار وزير الخارجية السوداني السابق علي الشريف

■ هل تعتقدون أن الحل فى السودان سيكون سياسيًا أم عسكريًا فى النهاية؟

ذكرنا من قبل فى عدد من المناسبات أن أى حروب فى العالم تنتهى بالمفاوضات والاتفاقيات التى تتم تكون انعكاسًا للوضع العسكرى على الأرض، ومن المؤكد أن الشعب السودانى يدعم جيشه وتم استنفار كامل وتجرى معارك كبيرة جدًا فى ولاية كردفان.

والميليشيا المتمردة ستدرك فى وقت من الأوقات أن الجيش السودانى يسيطر على أغلب المناطق التى كانت تحتلها الميليشيات وسيكون أمامها أمر واحد فقط وهو وقف الحرب وإنهاء التمرد والموافقة على خارطة الطريق الخاصة بتحقيق السلام وإنهاء الحرب والتى تشمل انسحابات شاملة من المناطق المحتلة.

■ إذا توقفت الحرب ودخل السودان فى مرحلة انتقالية فما هى شروط نجاحها؟

الأمر الأهم هو نجاح الحوار السودانى السوداني، وتوصله إلى حلول مقبولة لمختلف القضايا الوطنية وشكل حكم البلاد بعد المرحلة الانتقالية والخطوط العريضة لدستور شامل وجديد.

إلى جانب الدخول فى مرحلة إعادة إعمار السودان بعد التخريب الكبير الذى جرى فى البنى التحتية بشتى المناطق والتدمير الممنهج التى تقوم بها ميليشيات الدعم السريع.

بالإضافة رتق النسيج الاجتماعى ومحاربة خطاب الكراهية والتقسيم العرقى والاجتماعى وهو شرط أساسى لعدم تكرار التجارب المريرة التى مر بها السودان وهذا يحتاج مبادرات متعددة لإطلاق مصالحة مجتمعية شاملة.

■ هل القوى المدنية السودانية جزء من المشكلة أم الحل؟

ينبغى أن تكون القوى المدنية السودانية جزءًا من الحل، والتى تتمثل فى الأحزاب والقوى المجتمعية الموجودة فى شكل إدارات أهلية والجماعات الدينية المرتبطة بحركات التصوف فى السودان نظرًا لأهميتها فى لم الشمل، وغيرها التى تلعب دورًا أساسيًا فى هذا الأمر.

ولا بد أن تتوصل القوى المدنية إلى توافق وطنى والوصول إلى حلول وأشياء تقود إلى الاستقرار وإذا فشلت فستكون جزءًا من مشكلة هذا الوطن.

■ كيف تنظرون إلى الموقف العربى من السودان، خصوصًا من الجامعة العربية ودول الخليج؟

موقف الجامعة العربية حول الحرب هو إيجابى بشكل كبير حيث أدانت الانتهاكات المرتكبة من جانب ميليشيا الدعم السريع، ودعوتها إلى تحقيق السلام والاستقرار فى السودان، وهو الموقف العربى الغالب، لكن ما يشوبه هو الموقف الذى تتخذه دولة خليجية من الأزمة بدعمها للميلشيات المتمردة ما سبب شرخًا فى علاقة السودان بالجامعة العربية لذلك بقى دورها محدودًا إلى حد ما، رغم أن الأمين العام لجامعة الدول العربية السفير أحمد أبو الغيط زار السودان.

■ ما هو تصوركم العملى لإنهاء الحرب وبدء عملية سياسية شاملة؟

إنهاء الحرب فى السودان لا بد أن يأتى بهزيمة ساحقة للدعم السريع وبعد ذلك اتفاق لاستكمال دمج الدعم السريع، إلى جانب ثلاثة خطوات مترابطة وهو التسريح والدمج ونزح السلاح للميليشيات.

الأمر الآخر هو إنجاح المبادرات الشعبية السودانية على مستوى قيادات فى العمل الوطنى تجرى اتصالات مع القوات المتمردة وكذلك القوات المسلحة والحكومة للتوصل إلى صيغة حول إنهاء الحرب بناء على خارطة طريق واضحة للتوصل فى النهاية إلى السلام والاستقرار.

ويمكن أن تكون خارطة الطريق هى نتاج لكل المبادرات التى طرحت فى إطار حوار سودانى سودانى شامل.

أخبار ذات صلة

0 تعليق