رئيس رابطة الدبلوماسيين في روسيا للبوابة: مصر بوابة روسيا الكبرى إلى أفريقيا والعالم العربي ومحور التوازن بالشرق الأوسط

البوابة نيوز 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

في عالم يزداد اضطرابا وتبدلًا، تتغير خرائط النفوذ وتعاد صياغة موازين القوى الدولية، فيما تسعى موسكو إلى ترسيخ حضور جديد في القارتين الأفريقية والآسيوية برؤية مغايرة لحقبة الحرب الباردة، رؤية تقدم الشراكة بدل التبعية، والمصالح المشتركة بدل الهيمنة
وفي خضم هذا التحول الجيوسياسي، تبرز مصر باعتبارها ركيزة أساسية في التحرك الروسي داخل الشرق الأوسط وأفريقيا، بحكم مكانتها الإقليمية ودورها التاريخي في بناء جسور الحوار بين الشرق والغرب، وفي هذا الحوار الخاص، يفتح السفير أندريه باكلانوف، رئيس رابطة الدبلوماسيين في روسيا ورئيس اللجنة الروسية لتضامن شعوب آسيا وأفريقيا، قلبه لـ«البوابة» متحدثًا عن أبعاد الرؤية الروسية الجديدة، ومستقبل التعاون مع القاهرة، ورأي موسكو في الأوضاع المتفجرة في غزة، والتحولات داخل مجموعة «بريكس» وعلاقة روسيا بالمشهد الدولي في ظل الحرب الأوكرانية 

 

وإلى نص الحوار..  

كيف ترى علاقة روسيا بدول أفريقيا وآسيا، وهل نستطيع أن نقول إن روسيا عادت من جديد إلى القارة السمراء؟
 

في هذا الإطار، لدينا توجه واضح لتشجيع العلاقات مع الدول الواقعة في القارة الأفريقية، هذه العلاقات لها جذور وتقاليد قديمة، لكن في الوقت الحالي هناك تركيز متزايد على اتجاهات جديدة، خاصة تلك المرتبطة بالتكنولوجيا الحديثة.

هناك مطالب متزايدة من الدول الأفريقية لإتاحة فرص أكبر لإرسال طلاب الدراسات العليا إلى المعاهد والجامعات الروسية، بهدف اكتساب الخبرات والأفكار في مجالات التكنولوجيا الحديثة مثل الاتصالات وغيرها، كما لدينا الآن خطة جديدة لتزويد الطلاب بالمعلومات الحديثة في مجالات العلوم العامة والطب وغيرهما؛ لقد عُقدت في روسيا الاتحادية قمتان روسيتان أفريقيتان على مستوى الرؤساء؛ الأولى في عام ٢٠١٨، والأخيرة العام الماضي، ومن المؤكد أن هذا المستوى من اللقاءات مفيد جدًا لاتخاذ قرارات جديدة وفتح قنوات جديدة لتبادل الرأي؛ إنه تطور مهم يواكب متطلبات القرن الحادي والعشرين، حيث تركز روسيا حاليًا على التكنولوجيا الحديثة، ولدينا برامج خاصة لتزويد الدول الأفريقية بأحدث التقنيات والوسائل التعليمية، بما في ذلك أساليب التدريس الحديثة، هذا يمثل نقلة نوعية مقارنة بعلاقات التبادل التجاري التقليدية السابقة.


البعض يرى أن خروج بعض الدول الأوروبية، وخاصة فرنسا، والولايات المتحدة الأمريكية من عدد من الدول الأفريقية، وتحديدًا في مناطق الساحل والصحراء، وحدوث اضطرابات سياسية وانقلابات عسكرية، هو ما أدخل روسيا إلى هذه العواصم الأفريقية، ولكن دون أن يكون لها بعد دور رائد أو مؤثر في السياسة أو الاقتصاد أو الدبلوماسية أو حتى في الإطار الأمني والعسكري.. ما رأيكم في هذا؟ وهل ترون أن الدور الروسي لا يزال محدودًا؟
 

- الدور الروسي في دول منطقة الساحل كان محدودًا بالفعل خلال العشرين سنة الماضية، لكن هناك الآن فرص حقيقية للتغيير، أولًا، فرنسا تواجه أوضاعًا جديدة، وهناك رغبة واضحة من شعوب تلك الدول في إعادة صياغة علاقاتهم الخارجية وبصراحة، نحن لا نقوم بأي خطوة ضد فرنسا أو أي طرف آخر، لكن ما يحدث يعكس رغبة الشعوب الأفريقية نفسها؛ نحن مستعدون لتقديم المساعدة الإضافية إذا طُلب منا ذلك، وإذا كان هناك طلب لإرسال عدد أكبر من الخبراء الروس، فنحن جاهزون لذلك، لكننا لا نرغب في التصرف بالطريقة التي يتبعها أحيانًا الأمريكيون، إذا كانت هناك طلبات من هذه الدول، فنحن مستعدون لتلبيتها دائمًا.


هل يمكن القول إن عودة روسيا إلى آسيا وأفريقيا تمثل عودة جديدة للإمبراطورية الروسية ونفوذًا متجددًا في هاتين القارتين؟
 

- نحن مستعدون للتعامل مع هذه الدول على أساس مبدأ المنفعة المتبادلة، وهنا يظهر الفارق الكبير بين سياستنا والسياسات الغربية، التي كانت عبر التاريخ ذات طابع إمبريالي، وتهدف إلى استغلال الموارد الطبيعية للدول في آسيا وأفريقيا؛ أما نحن، فنهجنا مختلف تمامًا، إذ نسعى لبناء شراكات قائمة على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، وليس على فرض الهيمنة أو استغلال الثروات.


الدور المصري 


 تمثل مصر شريكًا أساسيًا لروسيا في المنطقة، سواء في التعاون السياسي والاقتصادي أو في التنسيق تجاه القضايا الإقليمية، كيف تقيّمون اليوم مستوى العلاقات المصرية-الروسية في ظل التطورات المتسارعة في الشرق الأوسط، خصوصًا مع ما تشهده الساحة الفلسطينية من تصعيد في غزة، ودور القاهرة المحوري في جهود التهدئة وإعادة الإعمار؟ وهل ترى موسكو أن التنسيق مع مصر يمكن أن يشكل نموذجًا لتعاون روسي عربي أوسع في قضايا المنطقة؟
 

- من وجهة نظرنا، كان لمصر دائمًا دور مميز داخل العالم العربي، فهي أول دولة عربية فتحنا معها آفاق التعاون في المنطقة العربية والأفريقية، وكان ذلك منذ عام ١٩٤٤، حيث أقمنا علاقات دبلوماسية مثمرة للغاية؛ ومنذ ذلك الوقت، ازدادت حركة التجارة بين البلدين، كما أقمنا منذ عام ١٩٥٥ علاقات قوية في المجال الدفاعي، لقد كانت الأسلحة السوفيتية والروسية دائمًا مفيدة وفعالة في تعزيز القدرات الدفاعية المصرية.


واليوم أيضًا لدينا إمكانات جديدة في مجالات الدفاع والتكنولوجيا والاقتصاد والصناعة، بما يخدم مصلحة الجانبين.
الدور الروسي 


 أين دور روسيا اليوم داخل مجموعة البريكس؟ وهل تراجع حضورها بسبب انشغالها بحرب أوكرانيا، أم أن هناك اعتبارات أخرى تحدد أولويات موسكو داخل المجموعة؟
 

- في رأيي، لا توجد علاقة مباشرة بين ما يحدث في أوكرانيا وبين نشاطنا داخل مجموعة البريكس، فالقضيتان منفصلتان تماما؛ نحن لا نريد أن تصبح قضية أوكرانيا عائقًا أمام تطوير العلاقات مع دول البريكس، وأنا شخصيًا سعيد بأن اجتماعات المجموعة تستمر بشكل طبيعي دون أن تؤثر عليها الأزمة الأوكرانية؛ القضية الأوكرانية مسألة تخصنا نحن وأوكرانيا فقط، ولا علاقة لها بتعاوننا الدولي، أما محاولات الأمريكيين للتدخل أو لعب دور في هذه الملفات، فهي غير مجدية؛ لقد عشت في أوكرانيا عشرين عامًا، وأعرف جيدًا طبيعة الأمور هناك، لا أرى أي إمكانية لأن يلعب الأمريكيون دورًا إيجابيًا في هذه الأزمة.بل على العكس، فإن أفضل ما يمكن أن يحدث هو أن يتوقفوا عن أي محاولات للتأثير في مجريات الأمور؛ وخلال لقاءاتي الأخيرة مع الأمريكيين في بودابست ويريفان في مايو الماضي، لاحظت مجددًا أنهم يفتقرون تمامًا إلى الوضوح في مواقفهم، ولا يمتلكون فهمًا حقيقيًا لطبيعة النظام أو خلفية الأحداث التاريخية في المنطقة.

نلمح أن التحالفات التي تقيمها روسيا اليوم هي تحالفات شبكية تقوم على تبادل المنفعة والمصلحة المشتركة، وليست تحالفات هرمية كما كان يفعل الاتحاد السوفيتي سابقًا، فبرأيكم، لماذا غابت روسيا أو موسكو عن إقامة تحالفات هرمية تُمكّنها من مواجهة التوغل الأمريكي والاستفراد بقيادة العالم من قبل الولايات المتحدة وحلفائها؟
 

- من وجهة نظري، المصلحة والمنفعة المشتركة هما الأساس في علاقاتنا الحالية مع الدول الأخرى، سواء كانت عربية أو آسيوية أو أفريقية.

روسيا اليوم تعتمد في علاقاتها على مبادئ الشراكة الاقتصادية والتعاون العملي، وليس على التحالفات الأيديولوجية كما كان الحال في عهد الاتحاد السوفيتي السابق؛ في الماضي، كان النظام الاشتراكي يفرض قيودًا وصعوبات في التعامل مع بعض الأنظمة الملكية، مثل المملكة العربية السعودية، إذ لم تكن هناك علاقات دبلوماسية بيننا في الفترة من عام ١٩٣٨ وحتى ١٩٩١؛ أما اليوم، فالأمر مختلف تمامًا، نحن نركز على قضايا عملية وبسيطة وواضحة، وليست أيديولوجية، على عكس الولايات المتحدة التي لا تزال تتعامل بنهج أيديولوجي؛ الآن لدينا علاقات طيبة مع جميع الدول العربية، سواء في المغرب العربي أو المشرق أو منطقة الخليج؛ في زمن الاتحاد السوفيتي، كان هناك تصنيف للأنظمة بين ما يسمى "تقدمية" و"رجعية"، وكانت المملكة العربية السعودية تُصنف آنذاك ضمن الأنظمة الرجعية، لكننا اليوم لا نتبع هذا النهج على الإطلاق وبالنسبة لنا، جميع الأنظمة والدول متساوية في الاحترام، ونحن مستعدون للتعاون مع الجميع على أساس المصالح المشتركة، وهذا هو الفارق الجوهري بين سياستنا الآن وما كانت عليه في الماضي.

 

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق