إن الشهادة في سبيل الحق تزيد في أعمار المستشهدين، ألاترون كيف أن "عبدالله الرضيع--وهو من ضمن الذين قتلوا في كربلاء من أبناء الحسين--يعتبر اليوم من كبار عظماءالرجال؟
لقد اعتمد الإمام الحسين على قوّة المنطق بينما اعتمد عدوه على منطق القوة!
ولما سقطت قوة عدوه، انتصر منطق الحسين، وكان انتصاره أبديا مدويا قرع سمع الزمان عبر العصور والدهور .
نعم تحت أصوات السيوف الباتره تمزقت راية الإمام ولم تنكس وقطعت أشلائه ولم يركع وحرقت خيامه ولم يخنع وسقط جسده في أرض المعركه سقوط ارتفاع في سماء المجد الأبدي فخلدت بطولاته عبر صفحات التاريخ وذهب قاتليه إلى المزبله ذهاب ذل وخزي وندامه
ذبحوا أولاده وإخوانه وأصحابه ولم يهن أو يخضع وبغير الشموخ والإنفة والإكبار لم يقنع!.. إنها عزة الإيمان في أعظم صورها وتجلياتها.
ومنذ قدوم آل البيت إلى مصر وملايين البشر تنهال على قاهرة المعز لدين الله الفاطمي فلا ينقطع المحبين من زيارة روضاتهم..فبين أهل البيت والمصريين رابطة روحانيه كبيره لا تتبدل ولا تتغير بأي حال من الأحوال مهما حاول أصحاب الأفكار المتحجره تروعيهم بالفهم الخاطئ للأدلة والنصوص.
في المحروسه تتعانق مآذن مساجد ذرية النبي صلى الله عليه وآله بالسحب السائره والثائره كأن تلك المآذن تتراقص مع رخات المطر فتكاد من طيرانها فرحا تعانق النجوم في عنان السماء كيف لا وقد حوى ثرى أرضها أقمار بني هاشم.
من مسجد العقيله زينب إلى الإمام علي زين العابدين إلى كريمة الدارين السيده نفيسة العلم وشارع الأشراف وعائشه بنت جعفر الصادق وسكينة وفاطمة النبوية انتهاء بالمشهد الحسيني وغير ذلك كثير وكثير من مشاهد الثلة الطاهره تشعر بالراحة والهدوء النفسي فتعيش أجمل اللحظات بعيدًا عن الحياة وصخبها فلا تشم إلا الطيب وكأنه طيب واحد من زجاجة من عطر الغيب ومشكاة النبوه نثرت على جميع روضات الكرام.
في هذه البقاع الطاهره لا تكاد تسمع حديثًا عن الدنيا وأرقها بل تسمع أذنيك جميل المديح والصلوات على الجد الأعظم للعتره الهاشميه صلوات الله وسلامه عليه.
ترى وفودا من بلدان شتى وألوان ولغات مختلفه قد جمعهم الحب للساده رضي الله عنهم.
إنها الجاذبيه الربانية يا ساده
جاذبية النداء الأزلي
في قول ربنا سبحانه وتعالى على لسان سيدنا ابراهيم الخليل عليه السلام:
" فاجعل افئدة من الناس تهوي إليهم"
واذا كانت هذه دعوة سيدنا ابراهيم عليه السلام لهاجر ورضيعها فمازال صدى هذه الدعوات الطيبة يتردد خالدًا عبر الزمان والمكان في بقاع الحرمين الشريفين ونحو ديار آل البيت بمصر وغيرها فقلوب المحبين تهوي إليهم من شتى القبائل والامصار بالحب والتقرب والشوق الدفين في الاعماق والزيارة جيلا عبر جيل.
إنها مصر الكبيره...مصر التاريخية...
مصر الضاربة بجذور حضارتها في الأرض عبر آلاف السنين...
مصر المناخ الجميل والطقس المعتدل والطبيعة الخلابة الساحره ...
مصر الجامع الأزهر الشريف مصر الأهرامات والنيل المنحدر من النوبة عبر الصعيد إلى الحضر والريف مرورا بالوديان والعربان منسالا ناقلا جمال الوجوه المتابينه وقسماتها بألوانها المتخلفه بكافة اللكنات والطباع فمياهه الجارية بأمر ربها وحدت بين الجميع.
مصر حاضنة فقهاء المذهب كالشافعي والليث بن سعد والمفسرين الكبار كالجلالين السيوطي والنسفي وغيرهم الكثير والكثير من علماء الدين والطبيعة وهلم جرا.
ولما كان أهل البيت هم المجد الخالد والاسم المحبب لكل نفس أحبت الرسول الكريم وسارت على دربه وهداه ستظل ديارهم قبلة كل باحث عن الحقيقة ووجهة كل سائر نحو الحق والفضيلة.
فبالأمس القريب احتفل أهل مصر بذكرى قدوم رأس الإمام الحسين عليه السلام إلى مصر وحين رؤيتي لهذه الجموع الكثيرة تحيط بجنبات المقام من كل ناحية رأيتني أردد قائلًا:"تعلمت من الحسين كيف أكون مظلوما فانتصر".
إن زيارتي للإمام الحسين في برزخه الشريف ليس نوعًا من الترف أو الزيغ بل أزوره بفلسفة خاصه تختلف عن غيري وأكاد اشم عبر أثير الزمان عبق التاريخ..
أزور قائدًا عسكريًا مغوارا وبطلا كبيرا مقداما رفض الخنوع وقال للباطل لا.
واستحضر في زيارتي أنه بضعة من المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم وإمام من أئمة هذا الدين العظيم فهو جد الأشراف وحامل لواء النسب المحمدي إلى أن يرث الله الأرض وهو خير الوارثين.
0 تعليق