غدا.. الشمس تتعامد على وجه الملك رمسيس الثاني في أبو سمبل

البوابة نيوز 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

في موعد لا تخطئه الشمس، حدده ببراعة فائقة المصريون القدماء تتسلل أشعة الشمس الذهبية صباح يوم 22 أكتوبر عبر أروقة مكان لا يجهله العالم أجمع معبد أبو سمبل لتستقر على وجه الملك رمسيس الثاني داخل قدس الأقداس، في مشهداً مهيب يجتمع الناس من شتى بقاع العالم ليشهدوا عظمة المصريين القدماء.

فخلال دقائق محدودات، تمتد خيوط الشمس لتضيء وجوه ثلاثة تماثيل من أصل أربعة المعبود رع- حوراختي، وآمون رع، ورمسيس الثاني نفسه، بينما يظل وجه بتاح، إله الظلام والعالم السفلي، غارقا في الظل، في مشهد رمزي يجمع بين النور والإله والعظمة الإنسانية.

في واحدة من أعجب وأدق الظواهر الفلكية في التاريخ الإنساني، ودليل لا يخطئ على براعة المصريين القدماء في علم الفلك والهندسة والرمز الديني، فمنذ 33 قرنا لم تخلف الشمس موعدها مع وجه الملك رمسيس الثاني، وهي ايضاً تتعامد على وجهه في الحادي والعشرين من شهر فبراير.

ميلاد رمسيس الثاني

ويرى علماء الآثار أن يومي التعامد يوافقان ميلاد رمسيس الثاني ويوم تتويجه على العرش، في رمز مزدوج للحياة والخلود، ولأن الملك في العقيدة المصرية هو ظل الإله على الأرض، كان لابد أن يحتفي به الكون نفسه مرتين كل عام، في مشهد لا تصنعه سوى حضارة آمنت بالنظام الكوني قبل آلاف السنين، ولم تكن تلك الدقة الفلكية الرهيبة وليدة الصدفة، بل ثمرة معرفة المصري القديم بحركة الشمس والكواكب، وإلمامه العميق بتقويم الفصول ومواسم الزراعة والاحتفالات الدينية.

الظاهرة تبدأ في تمام الساعة 6 و21 دقيقة صباحا، وتستمر 21 دقيقة حتى تمام الساعة 6 و42 دقيقة، وهي المدة التي تقطع فيها أشعة الشمس نحو 60 مترا داخل المعبد، مرورا بصالة الأعمدة حتى تصل إلى قدس الأقداس،

وهناك تتشكل حزمة من الضوء تنساب فوق وجه تمثال رمسيس الثاني، ثم تتسع لتملأ المكان نورا ينعكس على وجوه الآلهة الثلاثة، كأن المعبد كله يستيقظ على تحية الشمس للملك والإله.

ظاهرة التعامد

كانت ظاهرة التعامد تقع قديما يومي 21 فبراير وأكتوبر، قبل أن تتغير إلى 22 من الشهرين بعد نقل المعبد عام 1963 أثناء مشروع إنقاذ آثار النوبة، حين جرى رفع المعبد 63 مترا بعيدا عن موقعه الأصلي.

يعد معبد أبو سمبل واحدا من أروع الإنجازات المعمارية في التاريخ، فقد شيده الملك رمسيس الثاني في القرن الثالث عشر قبل الميلاد خلال حكم الأسرة التاسعة عشرة، ليخلد انتصاراته في معركة قادش، ويظهر قوته وتأليه ذاته، كما شيد إلى جواره معبدا أصغر لزوجته المحبوبة الملكة نفرتاري تكريما لها وللإلهة حتحور، ربة الجمال والحب والموسيقى.

يقع في واجهة المعبد الكبير أربعة تماثيل عملاقة للملك رمسيس الثاني، يبلغ ارتفاع الواحد منها 22 مترا، منحوتة مباشرة في الصخر، تبتسم بثقة كأنها تحرس النيل إلى الأبد، أما داخل المعبد، فتمتد القاعات المزينة بالنقوش التي تحكي بطولات الملك في المعارك، وتؤكد كيف بلغ فن النحت والتخطيط لدى المصريين القدماء أوجه في هذا العصر الذهبي.

وإلى الشمال من المعبد الكبير، يقع معبد نفرتاري، المنحوت في الصخر ذاته، حيث تتساوى تماثيل الملكة تقريبا مع تماثيل الملك، في مشهد نادر يعكس تقدير المرأة في الحضارة المصرية القديمة ومكانتها إلى جوار الملك في الحياة والخلود.

بناء السد العالي في أسوان

وفي ستينيات القرن الماضي، ومع بناء السد العالي في أسوان، كان المعبد مهدداً بالغرق تحت مياه بحيرة ناصر، عندها أطلقت منظمة اليونسكو عام 1959 نداء دولياً لإنقاذ آثار النوبة، واستجابت مصر سريعا، وفي عام 1964 بدأ مشروع نقل المعبدين الكبير والصغير إلى موقعهما الجديد على ارتفاع 65 مترا فوق مستوى البحيرة، وعلى بعد 200 متر من موقعيهما الأصليين.

حيث تم تقطيع المعبدين إلى نحو ألف كتلة ضخمة، يصل وزن الواحدة منها إلى 30 طنا، باستخدام أحدث تقنيات القطع والنقل في ذلك الوقت، ثم أعيد تركيبها بدقة مذهلة لتطابق الوضع الأصلي من حيث الزوايا واتجاهات الشمس، واستغرقت عملية نقل المعبدين نحو ست سنوات من العمل المتواصل، وانتهت عام 1968، لتصبح إحدى أعظم معجزات الهندسة الأثرية في القرن العشرين.

WhatsApp Image 2025-10-21 at 5.17.40 PM (2)
WhatsApp Image 2025-10-21 at 5.17.40 PM (2)
WhatsApp Image 2025-10-21 at 5.17.40 PM (1)
WhatsApp Image 2025-10-21 at 5.17.40 PM (1)
WhatsApp Image 2025-10-21 at 5.17.40 PM
WhatsApp Image 2025-10-21 at 5.17.40 PM
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق