شهدت كنيسة القيامة المقدسة في القدس، أمس الأحد، احتفالًا تاريخيًا بسيامة المطران سيميون رئيسًا لأساقفة سيناء وفاران والرَّيثو، خلفًا لمرحلة دقيقة عاشها دير القديسة كاترين الملكي المقدّس.
الاحتفال الذي ترأسه بطريرك القدس ثيوفيلوس الثالث، جمع نخبة من كبار رجال الكنيسة الأرثوذكسية، وعددًا من المطارنة والأساقفة وممثلي الكنائس، إلى جانب حضور رسمي من وزير الخارجية اليوناني يورغيوس غيرابيتريتيس، والأمين العام للشؤون الدينية بوزارة التعليم اليونانية يورغيوس كالانتزيس، وسط مشاركة وفود كنسية وإعلامية ومؤمنين من مختلف دول العالم الأرثوذكسي.
رئيس الأساقفة الجديد: لم أسعَ إلى الكرامة بل قبلت نداء الله
في كلمة مؤثرة ألقاها بعد السيامة، عبّر المطران سيميون عن تواضعه أمام المسؤولية الجديدة، قائلاً: “حين دُعيت بتصويت كريم من مجمع الآباء السيناويين لحمل صليب الرعاية الأسقفية، لم أستطع الرفض رغم تقدّم سني وضعف صحتي. لم أرغب في المنصب، لكني رأيت في دعوة إخوتي نداءً من العناية الإلهية”.
ورفع صلاته قائلاً : “يا ربّ، لم أطلب الكرامة، ولم أشتهِ المجد، لكنك أنت استدعيتني إلى هذا الطريق! أنت يا ربّ جندتني”.
تأكيد على استقلالية دير القديسة كاترين
و شدّد رئيس الأساقفة سيميون خلال الكلمة التي القاها على التزامه بالحفاظ على الاستقلال التاريخي والقانوني لدير القديسة كاترين الملكي المقدّس، مؤكدًا أن هذا الوضع الفريد سيبقى مصونًا كما أرسته التشريعات البيزنطية في عهد الإمبراطور يوستينيانوس، وكما أكّدته المراسيم البطريركية المتعاقبة.
وأضاف رئيس الأساقفة أنه سيعمل على تعزيز الإرث الروحي والثقافي للدير، قائلاً إن مهمته المقبلة "تهدف إلى إبراز غنى التراث الروحي والحضاري للكنيسة البيزنطية الأرثوذكسية"
شكر للبطريرك برثلماوس والرئيس السيسي
عبّر المطران سيميون، المنحدر من أصول يونانية من آسيا الصغرى، عن امتنانه العميق لقداسة البطريرك المسكوني برثلماوس الأول، و بطريرك القدس ثيوفيلوس الثالث الذي وصفه بـ"الأب الحامي وزميل الدراسة القديم".
كما وجّه شكرًا لرئيس أساقفة أثينا وسائر اليونان المطران إيرونيموس على دعمه المتواصل، مؤكدًا دوره في “تهدئة الأزمة التي مرّ بها الدير مؤخرًا”.
وفي ختام كلمته، حيّا المطران سيميون الرئيس عبد الفتاح السيسي، مثمنًا اهتمام القيادة المصرية بالحفاظ على هوية الدير ودوره العالمي، ومصلّيًا من أجل شعوب الأرض المقدسة قائلاً: “آلامهم الدامية تمزّق قلبي”.
مشاركة رسمية من الكنيسة اليونانية
على مدار ثلاثة أيام ، شارك وفد رسمي من الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية برئاسة المطران إغناطيوس مطران ديميتريادوس، في مراسم السيامة إلى جانب عدد من الأساقفة، بينهم أنطونيوس مطران غليفاذا وكالّينيكوس مطران كاستوريا.
وأُقيمت الصلوات والقداسات في الكنيسة البطريركية للقديسين قسطنطين وهيلانة، ثم داخل كنيسة القيامة برئاسة البطريرك ثيوفيلوس الثالث، وسط أجواء من المحبة والوحدة الكنسية.
وعقب القداس، استقبل البطريرك الوفد في قاعة العرش البطريركية حيث تبادلوا كلمات التهاني، وأكد وزير الخارجية اليوناني دعم بلاده المستمر للعلاقات التاريخية بين دير سيناء الملكي والكنيسة الأورشليمية.
من الأزمة إلى النور.. دير سيناء يستعيد مجده ووحدته
لم تكن هذه السيامة حدثًا عابرًا، بل محطة فاصلة في تاريخ الرهبنة السيناوية، إذ جاءت بعد سنوات من الاضطرابات والخلافات الإدارية التي عصفت بالدير وأثّرت على وحدته الداخلية.
لكن التدخل الحكيم من بطريرك القدس ثيوفيلوس الثالث، وبدعم من الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية والقيادة المصرية، أعاد الاستقرار والثقة إلى الدير، ليفتح المطران سيميون صفحة جديدة من الوحدة والإصلاح.
وبهذا الحدث، يؤكد دير القديسة كاترين أنه لا يزال شعلة مضيئة في قلب صحراء سيناء، رمزًا للإيمان والصمود، وشاهدًا على العناية الإلهية التي تحفظ هذا المكان المقدّس منذ قرون.
العُلِّيقة المشتعلة لا تنطفئ
من قبر القيامة في القدس إلى جبل سيناء المقدّس، دوّى صدى السيامة الجديدة كبشارة فجرٍ جديدٍ في تاريخ الكنيسة السيناوية، ليبدأ الدير عهدًا جديدًا من الثبات والوحدة، مؤكدًا أن «العُلِّيقة المشتعلة» ما زالت تُضيء في صحراء سيناء، شاهدًا على النور الذي لا يُطفأ، والإيمان الذي لا يُقهر.
محافظ جنوب سيناء يهنئ مطران ورئيس أساقفة سيناء للروم الأرثوذكس الجديد
وفي سياق متصل تقدم اللواء الدكتور خالد مبارك، محافظ جنوب سيناء، بخالص التهاني القلبية إلى المطران سيميون بابادوبولوس ، بمناسبة تنصيبه مطرانًا ورئيسًا لأساقفة سيناء للروم الأرثوذكس، متمنيًا له دوام التوفيق والسداد في أداء رسالته الروحية السامية ، ومرحبا به في أرض السلام والتجلي.
0 تعليق