باكستان ترسم الخطوط الحمراء: لا سلام دون أمن

البوابة نيوز 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

علقت مصادر حكومية باكستانية على اتفاقية الدوحة الموقعة مؤخرًا بين باكستان وحركة طالبان الأفغانية ووصفتها بأنها محطة مفصلية في مسار جهود إرساء الاستقرار بمنطقة جنوب آسيا

واعتبرت المصادر، أن الاتفاق الجديد يجسد تحولًا استراتيجيًا في نهج التعامل مع التحديات الأمنية العابرة للحدود  ويعزز من دور باكستان كقوة فاعلة في رسم معادلة الأمن الإقليمي.

تحول استراتيجي نحو الأمن الإقليمي

مثلت التطورات العسكرية والدبلوماسية الأخيرة بين باكستان وحركة طالبان الأفغانية والتي توجت بتوقيع اتفاقية الدوحة الجديدة نقطة تحول فارقة في مسار العلاقات بين الطرفين وعلامة بارزة على تغيّر قواعد الاشتباك السياسي في المنطقة.

 فقد تعاملت باكستان مع هذا الملف بحزم ووضوح مؤكدةً أولوياتها الأمنية من منطلق السيادة الوطنية وبمساندة فاعلة من قطر وتركيا، ما أتاح فرصة حقيقية لإرساء الاستقرار الإقليمي.

وقابلت هذه الخطوة بترحيب واسع داخل باكستان، وكذلك من قطاعات كبيرة من الشعب الأفغاني المتعطش للسلام بعد عقود من الصراع الدموي.

كما يسجل لباكستان أنها قادت هذه العملية بدبلوماسية حازمة واستراتيجية واضحة المعالم تحت قيادة سياسية اتخذت قرارات حاسمة لحماية أمنها الداخلي ومصالحها الوطنية.

اتفاقية الدوحة الجديدة بين باكستان وحركة طالبان الأفغانية

في هذا السياق، أثبتت باكستان أن الدبلوماسية الفعالة لا تنجح إلا إذا اقترنت بالقوة الرادعة فقد دفع تصميمها العسكري والسياسي طالبان الأفغانية للعودة إلى طاولة المفاوضات بعد أن تجاهلت مرارًا المخاوف الأمنية الباكستانية وكان لتركيا وقطر دور مهم في تهدئة التوترات الأخيرة على الحدود وهو ما يعكس عمق العلاقات الثقافية والدينية والتاريخية بين هذه الدول الشقيقة.

وثمنت باكستان بشدة الوساطة البناءة التي قدمتها تركيا والدعم الدبلوماسي الحيوي من قطر ما ساعد في التوصل إلى وقف لإطلاق النار ومهد الطريق لحوار إسطنبول المرتقب  الذي سيركز على قضايا الإرهاب والهجرة وأمن الحدود بما يضمن سلامًا دائمًا في المنطقة.

وخلال مفاوضات الدوحة تحدثت باكستان من موقع قوة مستندة إلى مطالب مشروعة تستند إلى قواعد القانون الدولي والأخلاق السياسية بعيدًا عن الشعارات الفضفاضة أو الوعود غير الواقعية.

ولم تكن باكستان تسعى إلى العداء مع طالبان بل كان الصراع نتيجة مباشرة لرفض الحركة المستمر الاعتراف بالمخاطر الأمنية التي تواجهها باكستان والتقاعس عن اتخاذ إجراءات جادة لمعالجتها.

السلام مرحب به ولكن ليس على حساب أمنها القومي

لقد بعث الرد العسكري الباكستاني على الهجمات الإرهابية الأخيرة برسالة واضحة: إن استخدام الأراضي الأفغانية لشن هجمات ضد باكستان لن يسمح به بعد الآن. 

وطالما استمرت طالبان الأفغانية في غض الطرف عن جماعات مثل طالبان باكستان وجيش تحرير بلوشستان، فإنها ستحمّل المسؤولية الكاملة عن أي أعمال عدائية تنطلق من أراضيها.

تمثل هذه الاتفاقية أول تفاهم ثنائي بين باكستان وطالبان الأفغانية منذ اتفاق الدوحة الأصلي مع الولايات المتحدة وتأتي كرد على فشل طالبان في الوفاء بالتزاماتها السابقة خصوصًا فيما يتعلق بمنع استخدام الأراضي الأفغانية ضد دول الجوار إن إشراك كل من قطر وتركيا كضامنين لهذا الاتفاق يعد تطورًا مهمًا يعزز من فرص الالتزام ويزيد من الثقل السياسي للاتفاق.

تدويل قضية الإرهاب العابر للحدود

لقد نجحت باكستان في تدويل قضية الإرهاب العابر للحدود عبر أفغانستان وإدخال أطراف إسلامية فاعلة في جهود وقف دعم الجماعات الإرهابية التي تهدد أمنها القومي.

 ومن الآن فصاعدًا ستصبح جميع مجالات التعاون الباكستاني الأفغاني،بما في ذلك التجارة والتنقل الحدودي والعلاقات الاقتصادية مشروطة بإبعاد الجماعات الإرهابية المعادية لباكستان عن الأراضي الأفغانية.

وبالنظر إلى سجل طالبان في تنفيذ التزاماتها، الذي لا يُبشّر بالثقة، فإن باكستان مطالبة بالبقاء في حالة يقظة مستمرة، وتوحيد موقفها الداخلي، والاستمرار في طرح القضية على الساحة الدولية. كما يتعيّن الحفاظ على جاهزية عسكرية تضمن الردع الفعال.

كما أن هذه الاتفاقية تضيق المجال أمام الأنشطة التي ترعاها الهند في أفغانستان والتي طالما استخدمت كأداة لزعزعة الأمن الباكستاني.

 ويجب على باكستان أن تواصل مراقبة تنفيذ الاتفاق بدقة والمطالبة بتقارير دورية من الضامنين واتخاذ خطوات دبلوماسية أو عسكرية إذا لزم الأمر في حال عادت الانتهاكات.

وأخيرًا تشكل هذه الاتفاقية فرصة لباكستان لصياغة إطار أمني إقليمي جديد  يرتكز على مبدأ عدم التسامح مع الإرهاب، والمساءلة المتبادلة، والاحترام الكامل لسيادة الدول.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق