الذكرى الثامنة لملحمة الواحات.. حين كتب رجال الشرطة بدمائهم صفحة جديدة في تاريخ الشرف المصري

البوابة نيوز 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

ثماني سنوات مضت على ملحمة الواحات، وما زال عبق البطولة يملأ الأرجاء كلما ذُكرت أسماء الشهداء الأبطال.
لقد أثبت رجال الشرطة المصرية أن الأوطان لا تُصان بالكلمات، بل تُحفظ بالعقيدة، والإيمان، والإصرار على النصر.
سيسجل التاريخ أنَّه في صحراء الواحات وقف رجالٌ في وجه الظلام، وصمدوا ببسالة حتى انتصروا. وسيبقى صوتهم يدوّي في ذاكرة الوطن مرددًا: "نموت وتحيا مصر".


ملحمة الواحات.. حين كتب رجال الشرطة بدمائهم صفحة جديدة في تاريخ الشرف المصري

لم تكن ملحمة الواحات مجرد معركة بين قوات الشرطة المصرية وعناصر إرهابية مدججة بالسلاح، بل كانت صفحة من صفحات البطولة والفداء، سُطرت فيها أسمى معاني التضحية من أجل الوطن. في يوم 20 أكتوبر من عام 2017، ارتقى رجال الداخلية إلى مرتبة الشرف والخلود، بعد أن واجهوا وجهًا لوجه مجموعة إرهابية خططت لإقامة إمارة ظلامية في عمق الصحراء الغربية، لتكون نقطة انطلاق ضد الدولة المصرية ومؤسساتها.

في تلك الساعات العصيبة، كان أبناء الوطن من ضباط وأفراد قطاع الأمن الوطني والعمليات الخاصة يتحركون بكل شجاعة لتتبع خيوط خلية إرهابية خطيرة، تسللت عبر الحدود الليبية المدججة بالسلاح والمرتزقة. 

لكنهم لم يتراجعوا، ولم يعرفوا للخوف طريقًا. كانت الأوامر واضحة: “لا تراجع عن حماية الوطن، ولو كلفنا ذلك أرواحنا.”

تحركت القوة وسط صحراء قاحلة، بلا دعم جوي أو اتصالات قوية، إلا أن روح البطولة غلبت الحسابات. 

دارت معركة شرسة غير متكافئة بين العشرات من رجال الشرطة وعدد يفوقهم من الإرهابيين المدربين تسليحًا وتمويلًا. ومع أن كفة النار كانت تميل للأعداء، إلا أن رجال مصر خاضوا المواجهة حتى الرمق الأخير.

وسقط الأبطال واحدًا تلو الآخر، وهم يقاتلون في صمت وبسالة نادرة. لم يكن استشهادهم هزيمة، بل نداءً للأمة كلها: أن ثمن أمن مصر هو الدم الطاهر، وأن أبطالها لا يموتون بل يخلدون في ضمير الوطن. لتبقى "ملحمة الواحات" درسًا للأجيال القادمة، ورسالة بأن مصر لا تُكسر طالما فيها رجال يواجهون الموت بابتسامة النصر.

تفاصيل العملية الإرهابية في الواحات

في صباح يوم الجمعة 20 أكتوبر 2017، تحركت مأمورية مشتركة من ضباط قطاع الأمن الوطني والعمليات الخاصة بوزارة الداخلية، بعد ورود معلومات دقيقة حول وجود خلية إرهابية خطيرة بمنطقة الكيلو 135 بطريق الواحات البحرية، بمحافظة الجيزة، تستعد لتنفيذ عمليات إرهابية ضخمة تستهدف منشآت الدولة ومؤسساتها الأمنية.

القوة كانت تضم نخبة من رجال الأمن الوطني والعمليات الخاصة، بينهم ضباط شجعان خاضوا معارك ضد الإرهاب في شمال سيناء والجيزة، يقودهم العقيد أحمد فايز، ومعه المقدم إسلام مشهور، والرائد محمد وحيد، والنقيب أحمد جاد، وآخرون من أبناء الشرطة البواسل.

تحركت القوات وفق خطة مدروسة لتطويق وكر الإرهابيين في عمق الصحراء الغربية، لكن المجموعة الإرهابية كانت على علم مسبق بتحرك القوة، بعدما رصدت اتصالاتهم عبر أجهزة متقدمة حصلوا عليها من الخارج.

 وفور اقتراب سيارات الشرطة، فتحت العناصر الإرهابية النيران بكثافة من أسلحة آلية وقناصة ومدافع جرينوف، مما تسبب في مقتل وإصابة عدد من الضباط في اللحظات الأولى.

حوصرت القوة داخل وادٍ رملي ضيق، وقطعت الاتصالات بينها وبين غرفة العمليات. ومع ذلك، رفض الأبطال الانسحاب.

 استمر القتال لأكثر من 6 ساعات متواصلة وسط الصحراء. كانت الذخيرة تنفد، لكن الإرادة لم تنكسر.

بطولات الرجال في الميدان

روى الناجون من الحادث لاحقًا أن مشهد المعركة كان يفوق الوصف. العقيد أحمد فايز رفض ترك موقعه رغم إصابته بطلق ناري، وظل يقاتل حتى استُشهد وهو يصرخ في زملائه: "اثبتوا يا رجالة.. دي أرضنا ومش هنسيبها".
المقدم إسلام مشهور أصيب في ذراعه واستمر يطلق النار بيد واحدة حتى نفدت ذخيرته.
النقيب عمرو صلاح واجه الإرهابيين ببسالة حتى لحظة استشهاده، وترك خلفه سيرة عطرة ترويها دماء الشرفاء.

كانت هناك مواقف إنسانية خالدة — أحد الأفراد حمل زميله الجريح محاولًا إنقاذه من ساحة النار، فسقط شهيدًا بجواره. مشهد يعكس جوهر العقيدة الأمنية المصرية: الوفاء حتى آخر نفس.

وبعد ساعات من القتال غير المتكافئ، نجح عدد قليل من الضباط في الانسحاب بمساعدة بدو المنطقة، الذين نقلوا المصابين إلى أقرب نقطة أمنية. فورًا بدأت وزارة الداخلية عملية تمشيط موسعة بمشاركة القوات المسلحة والطيران الحربي.

رد الدولة والقصاص العادل

في اليوم التالي للحادث، وجه الرئيس عبدالفتاح السيسي بتكثيف العمليات الأمنية ضد العناصر الإرهابية في عمق الصحراء الغربية. أطلقت وزارة الداخلية بالتعاون مع القوات المسلحة عملية “الثأر للشهداء”، التي أسفرت عن مقتل الإرهابي الليبي عماد الدين عبد الحميد، أحد أخطر قيادات تنظيم "المرابطون" التابع لهشام عشماوي.

كما تم القبض على عدد من الإرهابيين المتورطين في الهجوم، الذين اعترفوا بتلقي الدعم من تنظيم القاعدة في ليبيا، وأن هدفهم كان إقامة معسكر تدريب إرهابي داخل الحدود المصرية.
وبعد تحقيقات موسعة، تم تقديم المتهمين للمحاكمة، وصدر حكم بالإعدام والسجن المشدد بحق المشاركين في الجريمة، ليكون القصاص عنوان العدالة المصرية.

أسماء شهداء ملحمة الواحات

خلّد التاريخ أسماء رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، ومن أبرز شهداء الواحات

1db84b7008.jpg

 

رحلوا بأجسادهم، لكن أرواحهم باقية تحرس الوطن من خلف الغياب.

78f673cdcf.jpg

تكريم الرئيس السيسي لأسر الشهداء

لم تغب ذكرى هؤلاء الأبطال عن وجدان القيادة السياسية. 

ففي كل مناسبة وطنية، يحرص الرئيس عبدالفتاح السيسي على تكريم أسر شهداء الشرطة والقوات المسلحة، تقديرًا لما قدموه من دماء زكية في سبيل بقاء الوطن آمنًا.

وخلال الاحتفال بيوم الشرطة، قال الرئيس السيسي في كلمته المؤثرة:

 "لن ننسى أبدًا أبناءنا الذين ضحوا بحياتهم من أجل أن نحيا نحن في أمان، هؤلاء الشهداء هم تاج فوق رؤوسنا جميعًا، ووصيتنا أن نكرم أسرهم ما حيينا."

تم منح أسر شهداء الواحات وسام الجمهورية من الطبقة الأولى، وتوفير الرعاية الكاملة لهم في مجالات السكن والتعليم والعلاج.

 كما تم إطلاق أسماء الشهداء على عدد من المدارس والشوارع تخليدًا لذكراهم.

وفي عام 2022، افتتح الرئيس السيسي النصب التذكاري لشهداء الشرطة في أكاديمية الشرطة، وخص بالذكر "شهداء الواحات"، قائلًا:  "هؤلاء الأبطال واجهوا أشرس معركة، وكتبوا بدمائهم فصلًا جديدًا من فصول البطولة المصرية الخالدة."

ملحمة الواحات في وجدان المصريين

تحولت "ملحمة الواحات" إلى رمز خالد للتحدي والإصرار، وجزء لا يتجزأ من الوعي الجمعي المصري.

أُنتج عنها الفيلم الوطني "الخلية" الذي استوحى جانبًا من بطولات رجال الأمن، لتبقى الرسالة واضحة للأجيال: أن حماية الوطن ليست شعارًا، بل دماء تُسفك في سبيل أن تظل راية مصر مرفوعة.

كما صدرت أعمال وثائقية عن وزارة الداخلية تعرض تسلسل الأحداث وشهادات الناجين، مثل الضابط البطل محمد الحايس الذي اختُطف من قبل الإرهابيين وعاد بعد عملية إنقاذ بطولية نفذتها القوات المسلحة والشرطة معًا.
عودة الحايس كانت رمزًا للنصر بعد الألم، ورسالة بأن الدولة المصرية لا تترك أبناءها أبدًا خلف خطوط النار.

1000169543
1000169543
1000169544
1000169544
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق