كشف الدكتور محمد فؤاد، الخبير الاقتصادي، أن دمج المراجعتين الخامسة والسادسة من جانب صندوق النقد الدولي لتنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري، يمثل إشارة واضحة إلى أن وتيرة تنفيذ الإصلاحات الفعلية تسير بوتيرة أبطأ من المستهدف، خاصة فيما يتعلق بملف التخارج من أصول الدولة.
وأضاف أن الصفقات التي تم إغلاقها فعلياً حتى الآن أقل بكثير من الطموحات والأهداف التي أعلنت عنها الحكومة المصرية، وهذا البطء دفع الصندوق لتبني نهج جديد في المراجعات المقبلة، سعياً للحفاظ على استمرارية البرنامج في ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية الضاغطة.
مرونة زمنية لتفادي التعثر مع صندوق النقد الدولي
يرجح "فؤاد" أن السيناريو الأكثر احتمالاً في الفترة القادمة من جانب صندوق النقد الدولي هو استمرار البرنامج مع منح القاهرة قدراً من المرونة الزمنية في تنفيذ تعهداتها، مشيراً إلى أن احتمالات توقف البرنامج أو التعثر الكامل تبدو ضئيلة وغير مرجحة في هذه المرحلة الدقيقة. هذا التوجه نحو "المرونة المشروطة" يعكس إدراكاً دولياً للتحديات المؤسسية الكبيرة التي تواجهها مصر، خاصة أن جوهر المشكلة لا يتعلق فقط بالمالية العامة أو السياسة النقدية، بل بضرورة تحول نموذج النمو بعيداً عن الدور المهيمن للدولة.
ملفات على طاولة صندوق النقد الدولي
وأكد الخبير الاقتصادي أن الزيارات القادمة لبعثة صندوق النقد الدولي، التي تبدأ خلال أيام لمراجعة البرنامج البالغ 8 مليارات دولار، ستضع تحت المجهر أربعة ملفات رئيسية لتحديد مدى التقدم:
- الاستقرار المالي وإدارة الدين، حيث سيتم تقييم مدى تحقيق الفائض الأولي المطلوب، ومسار الدين العام الكلي للدولة، وقدرتها على خفض الاحتياجات التمويلية.
- السياسة النقدية والتعامل مع التضخم، حيث يتم التركيز على مدى مرونة سعر الصرف في السوق، ومستوى الاحتياطيات الأجنبية، وقدرة الحكومة على لجم حدة الضغوط التضخمية المتراكمة.
- التخارج الفعلي وتمكين القطاع الخاص، حيث يتم التركيز على التخارج الفعلي من الأصول وليس مجرد الإعلانات، مع التأكيد على ضرورة إزالة التمييز لصالح الشركات الحكومية لتمكين القطاع الخاص.
- الحماية الاجتماعية وكفاءة الإنفاق، حيث يتم التأكد من حماية الإنفاق الاجتماعي وتحسين كفاءة استهدافه ليصل إلى الفئات الأكثر احتياجاً فعلياً.
تخفيف عبء الدين
أشار "فؤاد" إلى أن الإصلاحات التي تمت، مثل تحرير أسعار الوقود، تسير في الاتجاه الصحيح لكنها جاءت في ظروف ضاغطة. وأضاف أن استكمال برنامج التخارج بجدية وشفافية يمكن أن يحقق عائداً مالياً مباشراً يخفف بشكل كبير من عبء الدين الحكومي ويقلل ضغط خدمة الفائدة، إلى جانب تعزيز جاذبية السوق، مؤكداً أن الاكتفاء بالتصريحات لن يغير شيئاً جوهرياً في الهيكل الاقتصادي.

















0 تعليق