القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية: 3.3 مليون أسرة تقودها نساء

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

قالت الدكتورة إحسان سعيد، أستاذ علم الاجتماع ورئيس قسم بحوث المجتمعات البدوية والريفية الأسبق، إن قضية المرأة المعيلة في مصر تعد من أهم القضايا الاجتماعية التي تتطلب دراسة دقيقة واهتماما مستمرا، نظرا لحجم الشريحة التي تمثلها هذه الفئة، وما تتحمله من مسؤوليات تفوق طاقتها في كثير من الأحيان.

وتشير الدكتورة إلى أن الإحصاءات الرسمية الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء تؤكد أن عدد الأسر التي ترأسها نساء يصل إلى 3.3 مليون أسرة، وهو رقم كبير يعكس عمق الأعباء التي تتحملها المرأة المصرية في مواجهة الحياة وحدها.

وتوضح أن هذه النسبة تضم فئات مختلفة، حيث تمثل الأرامل ما نسبته 70.3% من إجمالي النساء المعيلات، بينما تشكل المتزوجات اللاتي يتحملن الإنفاق على أسرهن رغم وجود الزوج نسبة 16%، في حين تشكل المطلقات نسبة 7.1%، بالإضافة إلى فئات أخرى مثل مفقودة الزوج والمهجورة والمعلقة.

وتعرف الدكتورة إحسان المرأة المعيلة بأنها تلك التي تتولى رعاية أسرتها ماديا بالكامل دون وجود زوج يشاركها المسؤولية، سواء بسبب الوفاة أو الطلاق أو الفقد أو الهجر، وتشير إلى أن هذه الفئة تتسم بعدد من الخصائص الاجتماعية التي تجعل من واقعها أكثر صعوبة من غيرها، لعل أبرزها ارتفاع نسبة الأمية بينهن، والعمل في مهن هامشية لا توفر دخلا كافيا أو حماية اجتماعية مناسبة.

وتضيف أن المرأة المعيلة تواجه تحديات اقتصادية متراكمة تأتي في مقدمتها عدم كفاية الدخل، وضعف الموارد المتاحة، وهو ما ينعكس بشكل مباشر على قدرتها على تلبية احتياجات أسرتها الأساسية من تعليم وصحة وغذاء، وتؤكد أن هذا العجز المالي يؤدي في كثير من الأحيان إلى تسرب الأبناء من التعليم، مما يدفعهم إلى العمل في سن مبكرة داخل مهن متدنية الدخل، الأمر الذي يعرضهم لخطر الاستغلال ويؤثر على مستقبلهم على المدى البعيد.

ولا يقتصر الأمر على الضغوط الاقتصادية، بل يمتد ليشمل ضغوطا نفسية واجتماعية كبيرة تواجهها المرأة المعيلة يوميا فمع غياب الدعم الأسري والمجتمعي في كثير من الأحيان، تشعر هذه المرأة بأنها تقف بمفردها في مواجهة أعباء الحياة، مما يؤدي إلى توتر وضغوط نفسية تعكس نفسها على قدرتها على مواصلة دورها داخل الأسرة.

وعن وضع المرأة المعيلة في الريف المصري، توضح الدكتورة إحسان أن الوضع يختلف نسبيا مقارنة بالمدن ففي الريف، تحظى الأرامل والمطلقات بدرجة أعلى من التضامن الاجتماعي من الأسرة الممتدة والجيران، حيث تتسم المجتمعات الريفية بالتماسك والدعم الاجتماعي، إلا أن هذا لا يلغي حقيقة أن المرأة الريفية تعاني من الفقر وضيق العيش بشكل أكبر، إضافة إلى ضعف فرص العمل وغياب البدائل الاقتصادية.

ورغم وجود قوانين وتشريعات تهدف إلى حماية المرأة المعيلة وضمان حقوقها، إلا أن الدكتورة إحسان تشير بوضوح إلى أن هذه التشريعات غير مفعلة بالشكل الكافي، ولا تصل إلى جميع الأسر المستحقة، مما يترك المرأة المعيلة في مواجهة الكثير من التحديات دون حماية قانونية فعالة.

وتتطرق الدكتورة إلى دور برامج الحماية الاجتماعية، مثل برنامج تكافل وكرامة، الذي يوفر مساعدات شهرية وبطاقات تموين ومساعدات موجهة للأطفال، معتبرة أن هذه البرامج تساهم بشكل ملحوظ في تخفيف العبء عن كاهل المرأة المعيلة، كما أن الجمعيات الأهلية تلعب دورا مهما من خلال تقديم المساعدات المادية والعينية، وخاصة خلال المناسبات الدينية مثل شهر رمضان والأعياد.

وتشير أيضا إلى جهود الدولة في دعم المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر التي تستهدف تمكين المرأة اقتصاديا ورفع قدرتها على دخول سوق العمل، معتبرة أن هذه المبادرات خطوة ضرورية لكنها تحتاج إلى توسع أكبر وبرامج مرافقة للتدريب وتأهيل النساء.

أكد الدكتورة إحسان سعيد أن المرأة المعيلة في مصر ما زالت تواجه تحديات كبيرة تتمثل في الفقر، ضعف الدخل، غياب فرص العمل، وضياع فرص التطور، خاصة في المجتمعات الريفية، وتشدد على ضرورة تعزيز برامج الدعم، وتفعيل القوانين، وتمكين المرأة اقتصاديا واجتماعيا، باعتبار أن استقرار المجتمع يبدأ من استقرار الأسرة، والمرأة المعيلة هي ركيزة هذا الاستقرار.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق