حكاية الناقد الراحل محمد عبدالمطلب مع التدخين

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

شارك الناقد الدكتور حسين حمودة، مقتطف من كتابه “الراحلين المقيمين”، عبر حسابه الشخصي بالفيسبوك، ناعيا خلاله صديقه الناقد الراحل، محمد عبد المطلب، والذي غادر دنيانا أول أمس الثلاثاء.

وفي كتابه يستدعي “حمودة” العديد من الذكريات والمواقف التي جمعته بالناقد محمد عبد المطلب، قال: "لا أدري عدد المرات التي سعدت فيها بصحبته، وبمناقشاته، وبمكالماته، وبروحه الطيبة.. خلال سنوات طويلة جدا.. لم أكن جزءًا من جلساته الأسبوعية في صالونه الأسبوعي بأحد الأماكن العامة بمصر الجديدة، ولا من الكلية التي يدرّس فيها ويمثل أحد أعمدتها الثقافية، ولا من "صحبته" الدائمة.. ومع ذلك، كان قريبا منّي، وأتصور أنني كنت قريبا منه".

محمد عبد المطلب وحكايته مع التدخين السلبي

وتابع “حمودة”: "لقاءات كثيرة جمعتنا خلال عملنا المشترك بلجنة خاصة بـ"قاموس الأدب العربي" الذي أشرف عليه الدكتور حمدي السكوت. في اللقاء الأول جلس بجانبي وبادرني بسؤال: "موش إنت بتدخّن؟".. قلت: "طبعا".. أضاف بسرعة: "طيب ما تولّع.. مستني إيه؟!". على الفور أخرجت علبة السجائر وقدمت له واحدة، فقال: "لا.. أنا ممنوع من التدخين.. هادخّن جنبك.. أنا موش ممنوع من ريحة الدخان!".. وهكذا، في كل اللقاءات التي جمعتنا في هذه اللجنة، وفي غيرها، كنا نحرص على الجلوس متجاورين، وندخن معا، أنا بالسيجارة، وهو من غيرها".

وعن عمل الدكتور محمد عبد المطلب النقد وجديته في ممارسته لفت “حمودة إلى: ”في اجتماعات عديدة خاصة بتحكيم بعض الجوائز، كنت أعجب بحماسه الشديد لما يراه عملا جميلا. يبدأ الكلام عن العمل، وسرعان ما تعلو نبرة صوته، وتتدفق عباراته دون توقف، وتفصح ملامحه عن انفعال عظيم.. لم يكن يدافع، في الحقيقة، عن العمل بحد ذاته، وإنما عن "القيمة" التي يراها متمثلة في هذا العمل".

وتابع: "أوصاني مرة بإحدى طالباته عندما علم أننا سوف نتشارك في مؤتمر بدولة عربية. وأسهم في تعرّفي بوالدتها الطيبة التي اعتبرتني ابنا لها.. أصبحت الابنة صديقة مقربة لي، وظل الدكتور محمد، لسنوات، خلال بعض المكالمات أو اللقاءات، ينقل لي تحيات والدتها، فأشعر بتقصيري تجاهها.. وكان يحررني بسرعة مما يلحظه من إحساسي بالتقصير: "أنا طمنتها عليك.. وقلت لها إنك بتسأل كتيرعنها".

إرث محمد عبد المطلب النقدي

واستكمل: "إسهاماته النقدية الكبيرة كانت مقدّرة بدرجة أكبر من الشعراء. وبعضهم كان يلومني لوما ضمنيا مستترا لأنني لم أكتب عنهم، وكان هو، الدكتور محمد، قاسما مشتركا في صياغة هذا اللوم. في مرة قال لي أحد الشعراء: "على فكره فيه نقاد كبار كتبوا عنّي.. خد عندك مثلا الدكتور محمد عبدالمطلب".. وأنا فكرت في أن أقول له إن إمكانات الدكتور محمد أكبر من إمكاناتي، وإنني مهتم بالروايات والقصص أكثر من الشعر، لكنني لم أقل شيئا من هذا.. اكتفيت بالثناء الصادق على الدكتور محمد، وأنا موقن من أن عددا كبيرا جدا من الكتاب، ومن الشعراء بوجه خاص، يكنّون له ثناء يماثل ثناءي، وتقديرا يتكافأ وتقديري.. ولعلهم يشعرون أيضا بالدين الكبير له، وبالامتنان لدوره الكبير والمؤثر في مسيراتهم.. والحقيقة أن هذا كله ليس سوى جانب واحد من جوانب كثيرة، ودور واحد من أدوار متعددة، ارتبطت بإسهامات الدكتور محمد عبدالمطلب في النقد، وفي الحياة الثقافية، المصرية والعربية، بوجه عام".

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق