أعلنت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي عن ارتفاع معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي لمصر خلال الربع الأول من العام المالي 2025 - 2026، ليسجل 5.3% مقارنة بمعدل النمو المحقق خلال الربع الأول من العام المالي 2024 - 2025 والذي بلغ نحو 3.5%.
ويعزى هذا النمو المتسارع إلى استمرار تنفيذ الإصلاح الاقتصادي والهيكلي الذي يستهدف دعم الاقتصاد الحقيقي، تشجيع مشاركة القطاع الخاص، وتحول الاقتصاد نحو القطاعات القابلة للتبادل التجاري ذات الإنتاجية المرتفعة كالصناعة والسياحة والاتصالات.
ارتفاع معدل النمو الاقتصادي
وأشارت الدكتورة رانيا المشاط إلى أن معدل النمو خلال العام المالي 2025 - 2026 الذي تجاوز التوقعات الأولية، جاء مدفوعًا بالأداء القوي للصناعات التحويلية غير البترولية، والسياحة، والاتصالات، وهو ما يعكس نموذج اقتصادي يرتكز على القطاعات القابلة للتبادل التجاري الأعلى انتاجية والأكثر قدرة على النفاذ للأسواق التصديرية، مستفيدة في ذلك مما تم إنجازه من بنية تحتية متطورة تُمثل قاعدة داعمة للتصنيع والاستثمار، وفق ما تم توضيحه تفصيلا في «السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية: السياسات الداعمة للنمو والتشغيل».
كما أشارت الوزيرة إلى أن المؤشرات الاقتصادية الأولية تعكس توقعات إيجابية للنمو خلال العام المالي 2025 - 2026، حيث من المتوقع تحقيق معدل لا يقل عن 5%، وفرص واعدة لبلوغ مستويات أعلى مدعومة باستقرار الاقتصاد الكلي واستمرار تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية التي تعزّز الاقتصاد الحقيقي وتمكن القطاع الخاص.
وقد تجلى النمو الذي شهده الربع الأول من العام المالي 2025 - 2026 في استمرار نشاط الصناعة التحويلية غير البترولية في الانتعاش محققًا معدل نمو بلغ 14.5% خلال الربع مقارنة بالفترة ذاتها من العام المالي السابق، الذي سجل النشاط خلالها معدل نمو بلغ نحو 7.1%.
ويتزامن هذا النمو الملحوظ مع سعي الدولة لتوطين عدد من الصناعات، وبالأخص الصناعات عالية التكنولوجيا، والتوسع في الصناعات القائمة بالفعل حيث تشير التقديرات الأولية إلى وصول حجم إنتاج الهواتف المحمولة في مصر إلى أكثر من 10 ملايين جهاز خلال عام 2025 مقارنة بنحو 3.3 مليون جهاز فقط في العام الماضي.
كما ارتفع حجم الإنتاج الصناعي ممثلًا في الرقم القياسي للصناعة غير البترولية مدفوعًا بنمو صناعة المركبات ذات المحركات بنحو 50%، وصناعة المواد والمنتجات الكيماوية بمعدل نمو يقترب من 44%، وكذلك صناعة المشروبات بنحو 37%، وصناعة الأثاث بنحو 34%، وصناعة المستحضرات الصيدلانية والكيميائية والدوائية بمعدل نمو بلغ 19%، وصناعة الملابس الجاهزة بنحو 17%.
وجاء الأداء المتنامي لنشاط الصناعة غير البترولية خلال الربع الأول مدفوعًا بالأداء القوي لدى عدد من الصناعات، فقد شهدت الصادرات النصف مصنعة نموًا بلغ نحو 34.1% خلال شهر أغسطس 2025.
كما شهدت أيضًا الصادرات تامة الصنع معدل نمو يقترب من 2.4% خلال الشهر ذاته لتسجل صادرات الملابس الجاهزة -كأحد أهم الصادرات تامة الصنع- معدل نمو مرتفع يُقدر بنحو 20.6%. ويعكس هذا الأداء قدرة القطاع على تحويل التوسع الإنتاجي إلى صادرات مباشرة، مستفيدًا من مرونة سلاسل الإمداد المحلية واستقرار الطلب في أسواق الخليج وأوروبا.
وتعافي نشاط قناة السويس مسجلًا معدل نمو موجبًا للمرة الأولى منذ الربع الثاني من العام المالي 2023 - 2024، يبلغ نحو 8.6%، مع بدء العودة التدريجية للاستقرار في منطقة البحر الأحمر؛ الأمر الذي ساهم في استعادة ثقة شركات الشحن العالمية واعتمادها مجددًا على قناة السويس كمسار رئيسي.
والجدير بالإشارة أن نشاط قناة السويس كان قد شهد تحقيق معدلات نمو سالبة لفترة تقترب من العام والنصف نتيجة للتوترات الجيوسياسية التي أثرت سلبًا على أعداد السفن المارة عبر القناة.
وبالنسبة لنشاط الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، فقد حقق نموًا ملحوظًا خلال الربع الأول من العام المالي 2025 - 2026، بلغ 14.5% مدفوعًا باستراتيجية الدولة لتحويله من قطاع خدمي إلى قطاع إنتاجي قائم على التكنولوجيا وصناعة التعهيد، إلى جانب دوره في تعزيز الصادرات المصرية الرقمية.
كذلك استمرت عِدّة قطاعات اقتصادية في تحقيق معدلات نمو موجبة خلال الربع الأول، حيث سجل نشاط السياحة معدل نمو بلغ 13.8% وذلك نتيجة للدعم المستمر الموجه ورفع جودة الخدمات والبنية التحتية السياحية وحملات الترويج للسياحة المصرية والتي نجحت في جذب ما يقرب من 5.1 مليون سائح خلال الربع. هذا بالإضافة إلى التحول الرقمي وتقنيات الذكاء الاصطناعي التي تقوم وزارة السياحة والآثار بتوظيفها للارتقاء بالتجربة السياحية للزائرين واستقطاب شرائح أوسع من الزوار عبر حملات تسويقية مبتكرة. ومن المتوقع تزايد الليالي السياحية خلال الأرباع القادمة خاصة مع افتتاح المتحف المصري الكبير الذي يُتوقع أن يستقطب نحو 5 ملايين زائر سنويًا الأمر الذي سيؤدي إلى زيادة ملموسة في أعداد الزوار والليالي السياحية.
وقد انعكست تلك الجهود الساعية لتعزيز النمو في قطاع السياحة على تحسن تصنيف مصر في المؤشرات الدولية، فقد واصلت مصر تصدرها لقائمة الوجهات السياحية الرائدة في أفريقيا للعام الثالث على التوالي، وفق تصنيف (Nation Brand Performance) لعام 24/2025 الصادر عن شركة بلوم الاستشارية التابعة للمنتدى الاقتصادي العالمي. وفي السياق ذاته، قفزت مصر ستة مراكز دولية لتصبح ضمن الدول الـ 25 الأوائل في التصنيف الدولي من حيث الأداء السياحي، وهو ما يعكس نجاح مصر في تجاوز آثار التوترات الجيوسياسية، وعودة السياحة المصرية إلى المشهد العالمي.
كما حققت أنشطة الوساطة المالية، والكهرباء، والخدمات الاجتماعية (التي تشمل الصحة والتعليم)، والتشييد والبناء معدلات نمو موجبة ومرتفعة بلغت 10.2%، 5.4% 4.6%، 3.3% على التوالي. وهو ما يعكس تنوع مصادر نمو الاقتصاد المصري بما يتوافق مع رؤية الدولة لتنويع هيكل الاقتصاد ودفع معدلات التنمية في جميع القطاعات.
وعلى صعيد أخر، شهد ناتج قطاع الاستخراجات تراجعًا بنسبة 5.3% خلال الربع الأول من العام المالي 25-2026 نتيجة لانكماش نشاطي البترول والغاز الطبيعي خلال الربع بنحو 6.6% و10.9% على التوالي. وعلى الرغم من ذلك إلا أن وتيرة انكماش قطاع الاستخراجات قد بدأت في الانحسار مقارنةً بمعدل الانكماش المسجل في الربع الأول من العام المالي 24-2025 والذي بلغ نحو 8.85%، حيث يرجع ذلك التحسن إلى الاكتشافات الأخيرة لحقول الغاز وحفر الآبار الاستكشافية حيث تم تحقيق ما يقرب من 75 كشفًا جديدًا للبترول والغاز منذ شهر أغسطس ووضع 383 بئرًا جديدة على خريطة الإنتاج.
وساهمت تلك الاكتشافات في إضافة نحو 1.1 مليار قدم مكعب غاز ونحو 200 ألف برميل زيت خام يوميًا لقدرات الإنتاج، وتوفير نحو 6.7 مليار دولار من فاتورة الاستيراد للمنتجات البترولية والغاز وتقليل الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك.
















0 تعليق