شهد الوسط الفني واحدة من أغرب وقائع النصب التي تعرض لها عدد كبير من نجوم السينما المصرية في الثمانينيات، وهي القصة التي رواها الفنان الراحل يوسف شعبان بنفسه في أحد لقاءاته، كاشفًا كيف خُدع هو وزملاؤه بوهم “أرض أحلام” لم يكن لها أي وجود على أرض الواقع، وسرد شعبان التفاصيل من بدايتها أثناء تصوير مسلسل “رأفت الهجان”، وصولًا إلى لحظة انكشاف الحقيقة، بعد سنوات من السداد المستمر لصالح جمعية تبين لاحقًا أنها مجرد غطاء لعملية احتيال منظمة.
النصب على نجوم الوسط الفني
بدأت القصة التي يرصدها موقع تحيا مصر كما يحكي يوسف شعبان عندما فوجئ أثناء العمل في مسلسل “رأفت الهجان” بالنجم الراحل محمود عبد العزيز يعرض عليه فكرة بدت جذابة ومثالية في ذلك الوقت. فقد قال له محمود بحماس إن هناك جمعية تتيح للفنانين امتلاك قطع أرض في منطقة هادئة يمكن استصلاحها وزراعتها، والذهاب إليها في عطلة نهاية الأسبوع للاستجمام والراحة بعيدًا عن ضغط العمل، معتبرًا أن هذه الأرض ستكون الملاذ الهادئ الذي يستقر فيه الفنان في نهاية مسيرته. يوسف شعبان لم يكن متحمسًا في البداية، إذ كان على علم بالمشكلات التي تعترض مشاريع استصلاح الأراضي، وما تتطلبه من مصروفات كبيرة وتعقيدات بيروقراطية، ومع ذلك، أصر محمود عبد العزيز على إقناعه مرارًا وتكرارًا، إلى أن تراجع شعبان عن موقفه ووافق على دفع المبلغ الأول.
رسائل وهمية تصل إلى يوسف شعبان
بعد الدخول في المشروع بدأ يوسف شعبان يتلقى رسائل رسمية من الجمعية تطلب منه دفع مبالغ إضافية، تحت التهديد بفسخ العقد، واستمرت هذه المطالبات بصورة دورية لمدة أربع سنوات كاملة، ورغم شعوره المتزايد بالقلق، استمر شعبان في الدفع على أمل أن يكتمل المشروع وتُسلم الأراضي للمشتركين.
لكنه أدرك بمرور الوقت أنه ليس وحده في هذه الدائرة، بل إن مجموعة كبيرة من الفنانين وقعوا في نفس الفخ، منهم محمود عبد العزيز، إلهام شاهين، ليلى علوي، محمود أبو زيد، يحيى العلمي، تهاني راشد، أشرف فهمي، وعادل حسني، وجميعهم دفعوا مبالغ ضخمة على مدار سنوات.
صدمة تلقاها نجوم الوسط الفني
قرر الفنانون في نهاية المطاف التوجه بأنفسهم إلى الأرض المفترض تسليمها، وكانت المفاجأة صادمة للجميع، إذ لم يجدوا أي مشروع أو أرض صالحة للاستصلاح، بل مجرد جبل قاحل لا يحمل أي ملامح لمنطقة زراعية أو مشروع قائم. هنا اكتشف الجميع أن الجمعية التي تعاملوا معها لم تكن سوى كيان هلامي لا يمتلك أي وجود فعلي، وأن رئيس مجلس إدارتها مجرد نصاب محترف باع الحلم لعدد من أكبر نجوم السينما بطريقة قانونية الشكل، لكنها خالية من أي مضمون حقيقي.
هذه الواقعة كشفت أن النصب لا يفرق بين الأشخاص ولا يقف عند حدود الخبرة أو الوضع الاجتماعي، وأن الثقة المفرطة والحماس أمام مشروع يبدو واعدًا قد يتسببان في خسائر فادحة حتى لرموز كبار في المجتمع، كما أظهرت القصة أن الشكل الرسمي للأوراق والإخطارات لا يكفي وحده لضمان صحة المشروع، وأن الانجراف وراء الوعود البراقة دون تحقق قد يكون أول خطوات السقوط في الفخ، وتظل هذه القصة واحدة من أشهر حالات الاحتيال التي بقيت في ذاكرة الوسط الفني، ليس فقط لغرابتها، بل لأنها ضمت عددًا كبيرًا من النجوم الذين اجتمعوا لأول مرة خارج الشاشة… وضحية نفس الجبل الوهمي.















0 تعليق