في زمن تكتظ فيه الشاشات بوجوه «النجومية السريعة» و«البريق المصطنع»، يظل ظافر العابدين حالة نادرة، حضور يُقاس بالمهنيّة والأخلاق والتواضع، لا بالضجيج أو الشهرة العابرة.
مهنية تتخطى التمثيل
من المستطيل الأخضر إلى شاشة الفن، لم يكن الانتقال سهلًا، لكنه كان محسوبًا ومدروسًا. درس، تمرّن، وصقل أدواته، حتى صار من القلائل الذين يعرفون أنّ الإتقان واجب لا خيار فيه. لا يدخل دورًا إلا بعد أن يستوعبه من داخله، ولا يقف أمام الكاميرا إلا وهو مستعد تمامًا. نتيجة ذلك، تبدو أدواره متماسكة وصادقة، محترمة للفن والمشاهد على حد سواء.
أخلاق رفيعة في زمن قلّ فيه الرفيع
ظافر لا يستخدم نجوميته ليتفوّق على الآخرين، ولا يغيّر سلوكه مع تغير الأضواء. كل من تعامل معه يشهد بتهذيبه وهدوءه وقدرته على الحفاظ على إنسانيته مهما علا شأنه. إنه من أولئك الذين يتركون أثرًا طيبًا قبل أن يغادروا المكان.
تواضع طبيعي… وحضور يكشف الصادق من المزيّف
تواضعه نابع من ذاته، لا من كلمات أو تصنع. بطبيعته قريب وبسيط، يعرف أنّ الهدوء أبلغ من أي استعراض. يتعامل مع نجاحه كمسؤولية تلزمه بالجدية والاحترام، لا كمكافأة لتجاوز الآخرين.
موهبة راقية… وقرب إنساني دافئ
يملك القدرة على أن يكون حاضرًا بلا افتعال، مؤثرًا بلا مبالغة، وقريبًا من القلب بصدق أدائه. يجسّد الشخصيات بعمق، يمنحها روحًا، ويقدّمها للمشاهد كما لو كانت جزءًا من حياته اليومية. موهبته لا تصرخ، بل تهمس برقي وصدق، مركّزة على الإنسان قبل الصورة.
سفير تونس الجميلة… أينما كان
يحمل صورة تونس الحلوة في كل مكان: أناقة السلوك، تهذيب التربية، عمق الثقافة، ورقي الحضور. لا يرفع علم بلده بالكلام، بل بتصرفاته والانطباع الراقي الذي يتركه في كل عمل وكل مكان.
ظافر العابدين ليس نجمًا عابرًا، بل نموذج أخلاقي وفني في زمن يحتاج فيه العالم إلى هذا النوع من النبل. نجم حقيقي لأنه حافظ على الإنسان داخله قبل أن يحافظ على نجوميته، وحضوره يثبت أنّ التألق الحقيقي يُبنى خطوة بخطوة، لا يُشترى.















0 تعليق