جوناس سولك: الطبيب الذي اخترع لقاح شلل الأطفال وأنقذ الملايين

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

ولد جوناس إدوارد سولك عام 1914 في مدينة نيويورك لأسرة مهاجرة بسيطة من أصول يهودية، وكان منذ طفولته مولعًا بالعلم والمعرفة، التحق بجامعة نيويورك الطبية، حيث أظهر تفوقًا ملحوظًا في دراسته، وتميز بفضوله العلمي ورغبته في أن يكون له تأثير مباشر على صحة الإنسان بعد تخرجه، بدأ العمل في مجال أبحاث الفيروسات، وكان هدفه منذ البداية واضحًا: المساهمة في القضاء على الأمراض المعدية التي تفتك بالبشرية.

976.jpg

وباء شلل الأطفال الذي أرعب العالم

 

في أربعينيات القرن العشرين، كان شلل الأطفال واحدًا من أكثر الأمراض رعبًا في الولايات المتحدة والعالم، كان يصيب مئات الآلاف من الأطفال سنويًا، يسبب لهم إعاقة دائمة أو يؤدي إلى الوفاة، وكانت المستشفيات تمتلئ بالأطفال الذين يعتمدون على أجهزة التنفس الحديدية للبقاء على قيد الحياة، أمام هذا المشهد المأساوي، أدرك سولك أن عليه أن يجد حلًا حاسمًا، فبدأ في تكريس حياته للبحث عن لقاح فعال.

977.webp

اكتشاف اللقاح وإنقاذ البشرية

 

في عام 1952، أعلن جوناس سولك أنه تمكن من تطوير أول لقاح آمن ضد شلل الأطفال، باستخدام فيروس ميت بدلًا من الفيروس الضعيف الذي كان يستخدم في تجارب سابقة، وبعد سنوات من التجارب الدقيقة والمراجعات العلمية، أُجريت تجربة ضخمة في عام 1954 شملت أكثر من مليون طفل أمريكي عرفوا باسم “أطفال سولك الشجعان”.

 

كانت النتائج مذهلة: انخفضت حالات شلل الأطفال بنسبة هائلة، وأعلن رسميًا عام 1955 نجاح اللقاح، لتبدأ واحدة من أكبر حملات التطعيم في التاريخ.

978.jpg

تواضع العالم الذي لم يسع إلى ثروة

 

حين سئل سولك عن براءة اختراع اللقاح، أجاب بجملة خالدة أصبحت رمزًا للإنسانية:

 

"لا يوجد براءة اختراع. هل يمكنك أن تسجل براءة اختراع للشمس؟"

رفض سولك أن يجني أي مكسب مادي من اختراعه، مؤمنًا بأن العلم يجب أن يكون في خدمة البشر لا وسيلة للربح، هذا الموقف الإنساني جعل منه رمزًا للأخلاق الطبية ونموذجًا نادرًا في تاريخ العلماء.

979.webp

لم يتوقف سولك عند لقاح شلل الأطفال، بل واصل أبحاثه في مجالات أخرى مثل فيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز) وأمراض المناعة، كما أسس معهد سولك للدراسات البيولوجية في كاليفورنيا، الذي أصبح من أبرز مراكز الأبحاث العلمية في العالم.

توفي جوناس سولك عام 1995، لكن إرثه لا يزال حيًا في كل طفل يسير على قدميه اليوم بفضل جهوده، لقد أنقذ الملايين من الإعاقة والموت، وأثبت أن العلم يمكن أن يكون عملًا إنسانيًا نبيلًا حين يستخدم لخدمة البشرية.

a0f1c26d76.jpg

يظل جوناس سولك مثالًا للطبيب الذي جمع بين العقل اللامع والضمير الحي، ففي عالم يزداد فيه الجشع العلمي والبحث عن الشهرة، تظل سيرته شاهدًا على أن العظمة الحقيقية تكمن في العطاء دون مقابل، وأن منقذ البشرية لا يخلد بثروته، بل بما قدمه من خير للإنسانية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق