اليوم، الأربعاء، يلتقى الرئيس عبدالفتاح السيسى قادة ومسئولى الاتحاد الأوروبى فى العاصمة البلجيكية بروكسل، بهدف تفعيل ودفع الشراكة المصرية الأوروبية، وترسيخ أطر التعاون والتنسيق السياسى بين الجانبين، ومناقشة الرؤية المشتركة لمستقبل الاستقرار والتنمية فى ضفتى المتوسط، والتحديات الإقليمية والدولية الراهنة، والقضايا الحيوية، ومن المقرر أن يُعقد على هامش هذه القمة منتدى اقتصادى موسّع حول «فرص الاستثمار فى مصر»، بمشاركة واسعة من كبريات الشركات الأوروبية، ومتعددة الجنسيات، ومؤسسات التمويل، وكبار رجال الصناعة والأعمال من الجانبين.
القمة الأولى بين مصر والاتحاد الأوروبى على مستوى القادة تأتى بعد ١٩ شهرًا من ترفيع العلاقات بين الجانبين إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة، وسبقتها أحداث وفعاليات عديدة من بينها اجتماع الدورة التاسعة للجنة المشاركة، فى سبتمبر الماضى، ومؤتمر الاستثمار المصرى الأوروبى الذى استضافته القاهرة، فى يونيو ٢٠٢٤، وشهد توقيع ٢٩ اتفاقية ومذكرة تفاهم قيمتها ٤٩ مليار يورو مع شركات تابعة للاتحاد الأوروبى، و٦ اتفاقيات ومذكرات تفاهم بقيمة ١٨.٧ مليار يورو مع تحالفات وشركات أخرى، أوروبية، غير تابعة للاتحاد، أو من جنسيات مختلفة. ونرى، كما يرى أنطونيو كوستا، رئيس المجلس الأوروبى، أن القمة الثنائية الأولى ستكون فرصة مثالية لتعميق الشراكة ومواجهة التحديات المشتركة وإطلاق كامل إمكانات الجانبين، وتحويل طموحاتهما إلى نتائج ملموسة.
جرى توقيع اتفاقية الشراكة بين مصر والاتحاد الأوروبى، منتصف ٢٠٠١، ودخلت حيز التنفيذ فى يناير٢٠٠٤. غير أن العلاقات بين الطرفين بدأت تأخذ منحنى جديدًا، منذ سنة ٢٠١٥، وصولًا إلى توقيع الإعلان السياسى المشترك، لترفيع العلاقات بين الجانبين إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة، بالقاهرة، فى مارس ٢٠٢٤، الذى وصفته أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، بأنه إنجاز جديد، وأكدت، وقتها، فى حسابها على شبكة «إكس»، أن أهمية العلاقات بين الجانبين ستزداد بمرور الوقت، نظرًا لـ«ثقل مصر السياسى والاقتصادى وموقعها الاستراتيجى فى منطقة مضطربة للغاية».
وقتها، أيضًا، توقعنا أن نشهد نقلة نوعية فى التعاون والتنسيق بين الجانبين، المصرى والأوروبى، وفقًا لأولوياتهما المشتركة، وتطلعهما إلى تعاون اقتصادى واستثمارى يعزز من تنافسيتهما على الساحة الدولية. وبالفعل، شهدنا نقلة نوعية، أو طفرة، فى التعاون والتنسيق بين الجانبين، وتحققت شراكة فاعلة تقوم على الندية والفهم المتبادل واحترام السيادة الوطنية، وبات واضحًا أن دول الاتحاد الأوروبى لم تعد تنظر إلى مصر بوصفها شريكًا جنوبيًا أو متوسطيًا فقط، وإنما كمركز ثقل جيوسياسى يلعب دورًا قياديًا محوريًا فى صياغة التوازنات الإقليمية الجديدة ويسهم بفاعلية فى رسم ملامح حاضر ومستقبل منطقة الشرق الأوسط والقارة الإفريقية، و... و... وصولًا إلى إدراج مصر كطرف رئيسى فى العملية الدفاعية الأوروبية «أسبيدس»، ASPIDES، التى تم إطلاقها خلال السنة الجارية لضمان أمن الملاحة الدولية.
التقدم الملحوظ فى مسار العلاقات الثنائية، خاصة بعد ترفيعها إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية، أكده اجتماع الدورة التاسعة للجنة المشتركة الذى استعرض نتائج عمل اللجان الفرعية السبع، لاتفاقية المشاركة، التى عقدت اجتماعاتها، فى ٢٠٢٤ و٢٠٢٥، وتناول، كذلك، سبل استكشاف إمكانات التعاون فى القطاعات الفنية وتذليل أى عقبات فى المجالات المختلفة. و... و... وانتهى الاجتماع باتفاق الجانبين على مواصلة عقد اللجان الفرعية السبع، مع الحرص على خروج كل منها على حدة بتوصيات محددة تقود إلى تعزيز وتعميق العلاقات وتجسيد أهداف الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الجانبين المصرى والأوروبى.
.. وتبقى الإشارة إلى أن القمة تتضمن ثلاث جلسات: بناء ممر الاستثمار الاستراتيجى بين مصر وأوروبا، تعزيز التنافسية الصناعية والمستدامة لسلاسل القيمة، ووضع الأبحاث والابتكار فى قلب التنافسية. ونتوقع أو ننتظر أن تسفر هذه القمة والمنتدى الاقتصادى الموسع، الذى سيُعقد على هامشها، عن إطلاق حزمة تمويلية ضخمة لمشروعات «الهيدروجين الأخضر» والربط الكهربائى والأمن الغذائى والبنية التحتية، و... و... والإعلان عن تفاصيل «الممر المتوسطى الجديد»، الذى يربط إفريقيا بأوروبا عبر القاهرة.
0 تعليق