"الفاشر" تختنق تحت حصار الدعم السريع.. المدنيون يفرّون من الطائرات والمجاعة تفتك بالناجين

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

يتحصن سكان مدينة الفاشر المحاصرة في السودان داخل المخابئ تحت الأرض، في محاولة لحماية أنفسهم من الطائرات المسيرة والقذائف، بعد تصاعد الهجمات التي استهدفت ملاجئ النازحين والعيادات والمساجد من قبل ميليشيات الدعم السريع. 

وحسب تقرير عبر وكالة "رويترز" فقد تعد الفاشر، التي تعاني من المجاعة، آخر معاقل الجيش السوداني في إقليم دارفور الغربي الشاسع، حيث تخوض ميليشيات الدعم السريع معارك حربٍ مستمرة منذ عامين ونصف.

نزاع دموي اتسم بالعنف العرقي 

واندلعت الحرب جراء تمرد الدعم السريع، لتتحول سريعًا إلى نزاع دموي اتسم بالعنف العرقي، ما أدى إلى كارثة إنسانية هائلة.

ورغم أن الجيش السوداني يحرز تقدمًا في مناطق أخرى من البلاد، فإن دارفور لا تزال القلعة الرئيسية لمبشيات الدعم السريع، التي تسعى إلى إقامة حكومة موازية هناك، في خطوة تهدد بتقسيم السودان جغرافيًا.

وبحسب تقديرات الأمم المتحدة، فقد فرّ أكثر من مليون شخص من الفاشر خلال حصارٍ استمر 18 شهرًا فرضته الدعم السريع، فيما لا يزال نحو ربع مليون مدني داخل المدينة، وسط مخاوف من عمليات انتقام جماعية إذا سقطت المدينة بيد الميليشيا.

وقال أكثر من عشرة من سكان المدينة، ، إن كثيرين حفروا أنفاقًا ومخابئ تحت الأرض لحماية أنفسهم بعد الغارات المتكررة على المدنيين.

ووصف السكان كيف يتجنبون الطائرات المسيرة بتقليل الحركة والتجمعات نهارًا، وعدم استخدام الأضواء بعد حلول الظلام.

وقال الصحفي المحلي محيي الدين عبدالله: «لم يعد دفن الموتى نهارًا ممكنًا، نحن ندفنهم ليلًا أو في ساعات الفجر الأولى... لقد أصبح ذلك أمرًا طبيعيًا بالنسبة لنا».

وأشار خمسة من السكان إلى أن الطائرات المسيرة تلاحق المدنيين حتى داخل العيادات.

وقال الطبيب عزالدين أسو، مدير مستشفى الفاشر الجنوبي الذي بات مهجورًا: «عندما نتحرك في الشوارع، نلتصق بالجدران مثل السحالي حتى لا ترانا الطائرات».

وفي مدرسة أبو طالب التي تؤوي نازحين، قُتل 18 شخصًا على الأقل خلال أسبوع واحد منذ 30 سبتمبر، جراء قصفٍ بالطائرات المسيرة وهجوم شنته قوات الدعم السريع، بحسب عبد الله الذي زار الموقع قبل وبعد الهجوم.

وأظهرت لقطات مصوّرة أسقفًا مدمرة وجدرانًا مثقوبة، وجثة ممددة قرب حاوية شحن مدفونة في الأرض كانت تُستخدم كمأوى مؤقت.

وقالت خديجة موسى، مديرة وزارة الصحة في شمال دارفور، من الفاشر:«إنهم لا يميزون بين المدنيين والعسكريين إن كنت إنسانًا، فإنهم يطلقون النار عليك».

وتواجه قوات الدعم السريع وحلفاؤها اتهامات بارتكاب هجمات ذات طابع عرقي في دارفور، وكانت الولايات المتحدة قد خلصت العام الماضي إلى أن تلك القوات ارتكبت إبادة جماعية.

وفي بيان صدر في 12 أكتوبر، زعم الدعم السريع أن مدينة الفاشر “خالٍية من المدنيين”، متهمة الجيش السوداني ه باستخدام المستشفيات والمساجد كقواعد عسكرية ومنصات إطلاق صواريخ، من جانبه، نفى الجيش مسؤوليته عن مقتل المدنيين. 

وفي 10 و11 أكتوبر، تعرض مأوى دار الأرقم للنازحين، الواقع داخل حرم جامعة الفاشر ويضم مسجدًا، لهجمات متكررة.
وذكر مدير المركز هاشم بوش أن الهجوم الأول وقع عقب صلاة الجمعة مباشرة، وأسفر عن مقتل 57 شخصًا بينهم 17 طفلًا، ثلاثة منهم رُضّع.

وقال بوش: «كانوا يستهدفون المسجد ثم أطلقت طائرة مسيرة النار على من حاولوا الاحتماء داخل حاوية معدنية مدفونة تحت الأرض».

وفي صباح اليوم التالي، سقطت أربع قذائف أخرى أثناء صلاة الفجر. 

وأكد شهود عيان في مقاطع فيديو تحقق منها ناشطون محليون و«رويترز» وقوع الهجوم.
وأظهرت اللقطات عشرة جثامين مغطاة بالأقمشة، وجثة لطفل مغطاة بسجادة صلاة صغيرة، إضافة إلى جثث متفحمة وممزقة داخل الحاوية.

وأشارت صور الأقمار الصناعية التي نشرها مختبر الأبحاث الإنسانية بجامعة ييل في 16 أكتوبر إلى ست نقاط قصف في مباني دار الأرقم.

جثث في الشوارع ومدينة على شفا الانهيار

ووفقًا للمختبر ذاته، فقد أقامت قوات الدعم السريع بحلول 4 أكتوبر تحصينات ترابية شبه مكتملة حول المدينة.
وحذر ناشطون الأسبوع الماضي من انعدام تام للغذاء حتى من بقايا أعلاف الحيوانات التي كان السكان يأكلونها للبقاء أحياء.

ويقول ناشطو لجنة مقاومة الفاشر إن ما يقرب من 30 شخصًا يوميًا يموتون بسبب العنف أو الجوع أو المرض.
أما غرفة طوارئ أبو شوك، وهي شبكة تطوعية محلية، فوصفت انتشار الجثث في الشوارع بأنه تهديد صحي خطير.

وقال أحد أعضائها، يُدعى محمد، الفاشر باتت مدينة بلا حياة لكن مغادرتها أخطر من البقاء فيها. 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق