لماذا لم تهزم إسرائيل حماس؟

لبنان24 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
ذكر موقع "The National Interest" الأميركي أنه "بعد قرابة العامين من القصف المتواصل والدمار في غزة، تُصرّ الحكومة الإسرائيلية على أنها "عازمة على تحقيق نصرها" حتى بعد توقيع وقف إطلاق النار الأسبوع الماضي، إلا أن الحقائق على الأرض تُشير إلى قصة مختلفة تمامًا. من بين أنقاض غزة، عاد ما يُقدر بـ 15 ألف مقاتل من حماس للظهور، معظمهم مسلحون بالكامل ويحاولون بالفعل استعادة السيطرة. وتشير التقارير إلى أن هؤلاء الرجال بدأوا في مطاردة المشتبه بهم من المتعاونين وإعدامهم في الشوارع. وبعيداً عن إمكانية القضاء عليها، فقد نجت حماس".

Advertisement


وبحسب الموقع، "لا ينبغي أن تُفاجئ هذه النتيجة أحدًا، فلطالما حذّر كل خبير موثوق في مكافحة الإرهاب من استحالة القضاء على حماس بالوسائل العسكرية وحدها. فالحركة ليست مجرد شبكة مقاتلين أو أنفاق، بل هي حركة سياسية وأيديولوجية راسخة ذات جذور عميقة في المجتمع الفلسطيني. وكما تعلمت الولايات المتحدة من القاعدة والدولة الإسلامية، يمكنك قتل القادة وتفكيك البنية التحتية واحتلال الأراضي، لكن لا يمكنك قتل فكرة. لطالما كان الهدف الإسرائيلي المعلن المتمثل في تحقيق نصر شامل مجرد سراب، فصحيح أن الهيكل القيادي لحماس قد تدهور، لكنها لا تزال تعمل في شكل خلايا وميليشيات محلية. لقد دمرت الحملة الإسرائيلية سكان غزة المدنيين، وقتلت عشرات الآلاف، وشردت أكثر من مليون شخص، وحولت أحياء بأكملها إلى أنقاض، ومع ذلك، فإن الظروف الأساسية التي أدت إلى ظهور حماس، وهي اليأس والحرمان من الحقوق وانعدام الجنسية، لا تزال قائمة، بل إنها أسوأ من أي وقت مضى". 

وتابع الموقع، "من المهم أن نتذكر كيف وصلت حماس إلى السلطة في المقام الأول. ففي أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، أصبح اسم السلطة الفلسطينية بقيادة فتح مرادفًا للفساد والمحسوبية وانعدام الكفاءة، وبعد سنوات من فشل محادثات السلام، والتدهور الاقتصادي، والتوسع الاستيطاني الإسرائيلي، فقد الفلسطينيون العاديون ثقتهم في قدرة السلطة الفلسطينية على توفير حتى أبسط الخدمات أو أي مسار موثوق نحو إقامة الدولة. استغلت حماس هذا الإحباط، فقدّمت نفسها كبديل نظيف ومنضبط، كحركة مقاومة وكحركة عدالة اجتماعية. فازت حماس في الانتخابات التشريعية في غزة عام 2006، وبمجرد وصولها إلى السلطة، اتبعت الحركة نهجًا استبداديًا مألوفًا".

وأضاف الموقع، "ما يتم تجاهله في كثير من الأحيان هو كيف ساهمت السياسة الإسرائيلية، وخاصة في عهد بنيامين نتنياهو، بشكل نشط في ترسيخ حماس. على مدى سنوات، سعى نتنياهو إلى تطبيق استراتيجية الفصل، فعمد إلى إبقاء الفلسطينيين منقسمين بين غزة والضفة الغربية. في الواقع، كان من شأن قيادة فلسطينية موحدة قادرة على التفاوض على حل الدولتين أن تُعزز موقف الدبلوماسية، أما القيادة المنقسمة، فقد جعلت المفاوضات مستحيلة. عمليًا، كان ذلك يعني التسامح بهدوء مع حكم حماس في غزة، وتقويض السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية. فمن خلال السماح لحماس بترسيخ سلطتها، ضمن نتنياهو بقاء الحركة الوطنية الفلسطينية منقسمة، وتأجيل حل الدولتين إلى أجل غير مسمى. وهكذا، أصبح استمرار حكم حماس ذريعةً مناسبةً للتقاعس، بينما وسّعت إسرائيل المستوطنات، وعمّقت احتلالها، وتجنّبت التسويات السياسية الصعبة".

وبحسب الموقع، "المفارقة المأسوية هي أن السياسة التي صُممت لتجميد عملية السلام قد انقلبت رأسًا على عقب بشكل كارثي. فقد زعزعت هجمات حماس في السابع من تشرين الأول شعور إسرائيل بالأمن، وأشعلت حربًا مدمرة، وأعاقت مسيرة السلام لجيل كامل، بل إن محاولة الحكومة الإسرائيلية هزيمة حماس بالقوة الساحقة قد أدت إلى تدمير غزة، مع الحفاظ على أيديولوجية الحركة، على الرغم من أن العديد من الفلسطينيين يحمّلون الحركة مسؤوليةَ جلب الموت والدمار لعائلاتهم وأحيائهم. ومع ذلك، في غياب بديلٍ سياسيٍّ أو أيّ خارطة طريقٍ موثوقةٍ للسلام، لا يزال خطاب الحركة قائمًا".

ورأى الموقع أن "الطريقة الوحيدة لهزيمة حماس حقًا ليس بقوة السلاح، بل بقوة الفكر. تتغذى حركة حماس على أساس الرواية التي تقول إن العنف هو السبيل الوحيد لتحقيق الكرامة لشعب بلا دولة، والطريقة الأمثل لتقويض هذه الرواية هي تقديم بديل حقيقي للفلسطينيين، وخارطة طريق موثوقة ومدعومة دوليا نحو حل الدولتين، وهذا يعني استعادة الشرعية للمؤسسات السياسية الفلسطينية، وإعادة بناء غزة تحت إدارة تكنوقراطية أو متعددة الجنسيات. كما ويجب على المجتمع الدولي، بقيادة الولايات المتحدة والدول العربية الرئيسية، أن يجعل مساعدات إعادة الإعمار مشروطة بتحقيق إصلاحات سياسية وجدول زمني واضح للانتخابات الفلسطينية. أما إسرائيل، فيجب أن تُدرك أن أمنها لا يتعزز بالحصار أو الاحتلال الدائمين، بل بالتعايش السلمي".

وختم الموقع، "لقد أثبتت حملة إسرائيل ما أدركه خبراء مكافحة التمرد منذ زمن طويل: يُمكن هزيمة جيش العدو، لكن ليس أيديولوجيته. ولإنهاء هذه الحرب بشكل هادف، يجب على إسرائيل وحلفائها التركيز بشكل أقل على هدم الأنفاق وأكثر على بناء الأمل". 

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق