أعلنت روسيا خلال الساعات الماضية أن قواتها سيطرت على ثلاث بلدات جديدة شرق أوكرانيا، في إطار استمرار تقدمها في منطقتي خاركيف ودونيتسك، ضمن عمليات ميدانية متواصلة تسعى موسكو من خلالها إلى توسيع نطاق نفوذها العسكري على الأراضي الأوكرانية.
في بيانين منفصلين أمس الثلاثاء، أوضحت وزارة الدفاع الروسية أن وحداتها العسكرية سيطرت على قرى بوروفسكايا أندريفكا بمنطقة خاركيف، موسكوفيسكوي بمنطقة دونيتسك، وبالاهان، على بُعد حوالي ثمانية كيلومترات (خمسة أميال) شرق مدينة بوكروفسك، وهي جبهة رئيسية في الحرب الأوكرانية المستمرة منذ أكثر من ثلاث سنوات ونصف.
وأكدت موسكو مرارًا وتكرارًا تحقيق مكاسب إقليمية خلال الأشهر الماضية، خاصة في دونيتسك، حيث اشتد القتال حول بوكروفسك.
كما أعلنت الوزارة أن القوات الروسية واصلت تقدمها في الأحياء الشرقية لمدينة ميرنوهراد، التي أُشير إليها في البيان باسمها القديم ديميتروف، والواقعة على بُعد كيلومترين فقط (1.2 ميل) غرب بالاهان. وتقع ميرنوهراد على بُعد حوالي ستة كيلومترات (3.7 ميل) شرق بوكروفسك.
وقالت هيئة الأركان العامة الأوكرانية في بيان سابق إن قواتها صدت 65 هجومًا روسيًا قرب 16 مستوطنة على جبهة بوكروفسك، بما في ذلك بالاهان.
وفي حين، لم تعلق السلطات الأوكرانية فورًا على مزاعم روسيا الأخيرة، التي يصعب التحقق منها بشكل مستقل بسبب استمرار الحرب، أظهرت أحدث تقديرات معهد دراسة الحرب (ISW)، في أكتوبر الجاري، أن موسكو باتت تفرض نفوذًا فعليًا على نحو 18% من الأراضي الأوكرانية، تشمل مناطق رئيسية في الجنوب والشرق، فيما تواصل كييف الدفاع عن خطوطها في دونيتسك وخاركيف.
ويؤكد محللون وفق المعهد أن الكرملين يسعى لترسيخ هذه المكاسب قبل حلول الشتاء، استعدادًا لجولة جديدة من العمليات العسكرية أو المفاوضات المحتملة مطلع العام المقبل.
خريطة تفصيلية لمناطق السيطرة الروسية
- شبه جزيرة القرم
تُعد شبه جزيرة القرم أولى المناطق الأوكرانية التي خرجت بالكامل عن سيطرة كييف، بعدما ضمتها روسيا رسميًا في عام 2014 عقب استفتاء لم تعترف به الأمم المتحدة. ومنذ ذلك الحين، عززت موسكو وجودها العسكري في القرم ببناء قواعد بحرية وجوية كبرى، واستخدامها كنقطة انطلاق رئيسية للعمليات الروسية في جنوب أوكرانيا.
ووفقًا لمعهد دراسة الحرب (ISW)، تُعد القرم منطقة مستقرة نسبيًا تحت السيطرة الروسية، وتلعب دورًا لوجستيًا حاسمًا في نقل الإمدادات للقوات المنتشرة في خيرسون وزاباروجيا.
- منطقة دونيتسك
تُعد دونيتسك محور المعارك الأشد منذ بداية الحرب، إذ تخضع أجزاء واسعة منها لسيطرة القوات الروسية والانفصاليين الموالين لموسكو. وأوضح معهد دراسة الحرب أن خط التماس في دونيتسك ما يزال متحركًا بشكل يومي، خاصة في الجبهات المحيطة بمدينة بوكروفسك التي أصبحت مركز المواجهة الرئيسي في الأسابيع الأخيرة.
وأشار تقرير لوكالة "رويترز" منتصف أكتوبر الجاري إلى أن روسيا كثفت عملياتها الهجومية شرق دونيتسك، وتمكنت من السيطرة على بلدات صغيرة مثل موسكوفيسكوي وبالاهان، فيما تواصل أوكرانيا الدفاع عن مواقعها في ميرنوهراد ومحيطها.
وتسيطر روسيا منذ فترة على مدن رئيسية في دونيتسك مثل ماريوبول، فولنوفاخا، وماكيفكا، إضافة إلى بلدات على مشارف باخموت التي شهدت معارك ضارية طوال العام الماضي.
- منطقة لوجانسك
تخضع معظم أراضي لوجانسك للسيطرة الروسية منذ العام 2022، بعدما أعلنت موسكو "تحرير" الإقليم بالكامل خلال المرحلة الأولى من الحرب. وتشير تقارير معهد دراسة الحرب إلى أن القوات الروسية عززت وجودها في مدن رئيسية مثل سفيرودونيتسك وليسيتشانسك، وتستخدم المنطقة قاعدة انطلاق نحو دونيتسك وخاركيف.
وتتحدث مصادر أوكرانية عن استمرار القصف الروسي على خطوط الدفاع الشمالية، في حين تبقى التحركات هناك محدودة مقارنة بجبهات الجنوب.
- منطقة زاباروجيا
تسيطر روسيا على الجزء الجنوبي من زاباروجيا، بما في ذلك الممر البري الذي يربط القرم بالأراضي الشرقية المحتلة. وأوضحت تقارير معهد دراسة الحرب أن خطوط التماس تحركت مؤخرًا حول مدينتي أورخيف وتوكماك، حيث تدور مواجهات عنيفة متقطعة.
وتضم المنطقة محطة زاباروجيا النووية، وهي الأكبر في أوروبا، وتخضع منذ 2022 لسيطرة القوات الروسية، ما يجعلها من أكثر النقاط حساسية في الصراع بسبب المخاطر النووية المحتملة.
- منطقة خيرسون
رغم انسحاب القوات الروسية من مدينة خيرسون في نوفمبر 2022، فإن موسكو لا تزال تسيطر على الضفة الشرقية لنهر دنيبرو، وعدة مناطق ساحلية جنوبية. وذكرت تقارير "رويترز" أن القتال مستمر على طول الجبهة النهرية، وسط محاولات أوكرانية لاستعادة مواقعها عبر هجمات محدودة.
ويعتبر معهد دراسة الحرب أن خيرسون تمثل خط الدفاع الروسي الأول عن القرم، لذا توليها موسكو أهمية استراتيجية قصوى.
- منطقة خاركيف
في شمال شرق أوكرانيا، تمكنت القوات الأوكرانية العام الماضي من استعادة معظم أراضي خاركيف، غير أن المعارك تجددت في محاور محددة قرب الحدود الروسية. وتشير بيانات معهد دراسة الحرب إلى أن روسيا أعادت الانتشار مؤخرًا في قرى بوروفسكايا أندريفكا ومناطق قريبة من كوبيانسك وإيزيوم.
وتبقى خطوط التماس هناك متقلبة، مع تسجيل هجمات متبادلة وعمليات إجلاء للمدنيين، وفق ما أكدته وكالة "رويترز" في تقاريرها الميدانية الأخيرة.
- مناطق سومي ودنيبروبيتروفسك
في الشمال الشرقي والوسط، تنفذ القوات الروسية هجمات متقطعة داخل أطراف منطقتي سومي ودنيبروبيتروفسك، لكنها لا تسيطر عليها بشكل كامل. ووفقًا لمعهد دراسة الحرب، تتركز العمليات هناك على القصف المدفعي والاستطلاع، مع محاولات متكررة لاختراق الدفاعات الحدودية الأوكرانية.
ويصف الخبراء هذه الجبهات بأنها "متحركة وغير مستقرة"، حيث تسعى موسكو إلى تشتيت القوات الأوكرانية عن الجبهات الجنوبية.
0 تعليق