أعقب عرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حوافز موسكو لبلوغ تسويةٍ سياسية محاولةً جديدة ــ بحسب تقارير ــ تقوم على "التذكير بالقوة": تزويد أوكرانيا بصواريخ كروز من طراز "توماهوك" لكن هل يمكن لهذا الخيار العسكري أن يصبح فعلًا نقطة تحول تُنهي القتال أو تُجبر الكرملين على القبول بتسوية؟.
من هو "توماهوك" وكيف يعمل؟
صاروخ كروز منخفض الارتفاع بطول نحو 18 قدمًا، يُطلق عادة من غواصات وطرادات البحرية الأمريكية والبحرية الملكية. يميّزه مدى كبير يصل إلى نحو 1،500 ميل ودقة ضرب عالية ورأس حربي ذا قدرة تدميرية معتبرة، ما يجعله سلاحًا يمكن توظيفه لضرب أهداف برية استراتيجية داخل عمق الخصم.
لماذا يُنظر إليه كـ"عصا" دبلوماسية؟
بحسب التقرير، سيمنح "توماهوك" كييف قدرة على استهداف بنية القوة الروسية: مصانع أسلحة، مواقع إطلاق صواريخ كروز والطائرات من دون طيار، مراكز القيادة والسيطرة، وحتى منشآت تكرير النفط الحيوية. عرض مشهدٍ لوجود هذه الصواريخ يقوّي من موقف الولايات المتحدة ويُقلّص من احتمال اعتقاد صقور الكرملين بوجود "نصر سهل"، ما قد يدفع القيادة الروسية إلى النظر بجدّية أكبر في مقترحات تسوية جزئية.
حقيقة التوفر والقيود التقنية
رغم الحديث عن أعداد متاحة، تبقى الصورة غير واضحة: البنتاغون اشترى عبر السنوات نحو 8،000 صاروخ توماهوك ويمتلك حاليًا ما يزيد قليلًا عن 4،000. تقديرات الخبراء اختلفت بين "مئات" قد تُخصّص لأوكرانيا، وبين تقديرات أكثر تحفظًا تقول إن ما قد يُتاح لا يتجاوز نحو أربعين صاروخًا. كما أن توماهوك صُمِّم أساسًا لإطلاقه من منصات بحرية، ما يطرح سؤالًا عمليًا حول كيفية نشره وتشغيله من قِبل القوات الأوكرانية.
ثغرات وإشكالات استراتيجية
إلى جانب مسألة الكمية ووسائل الإطلاق، تبرز مخاوف متصلة بالتصعيد: ضرب أهداف داخل الأراضي الروسية قد يفتح أبواب ردّ أوسع من موسكو، ويغيّر ديناميكية الصراع بعيدًا عن حدود أوكرانيا. كما أن نجاح توجيه ضربات استراتيجية يتطلب معلومات استخباراتية دقيقة، وقدرة تشغيلية متكاملة بين القدرات الأوكرانية والحليف الأمريكي.
أداة ضغط لا حلّ سحري
قد تكون صواريخ "توماهوك" وسيلة فعّالة للضغط العسكري والاستعراض الرادع، لكنها ليست حلًا سحريًا لإنهاء الحرب. تأثيرها الحقيقي يعتمد على توفر أعداد كافية، على القدرة التقنية لتشغيلها، وعلى التقييم السياسي لمخاطر التصعيد. وفي نهاية المطاف، تبدو مسألة السلام في أوروبا معقّدة بما يكفي لتتطلّب أكثر من "جزرة" أو "عصا" منفردة ــ إذ ستحتاج إلى دبلوماسية مركبة تجمع بين الحوافز والضغوط والضمانات الأمنية.
0 تعليق