جاء عام 2025 متميزا في أداء الاقتصاد المصري، ومطمئن باستمرار التعافي التدريجي، فعقب فترة لا يستهان بها من التوترات الجغرافية-السياسية وتداعياتها على استمرار حالة عدم اليقين.
في هذا السياق أكد تقرير اقتصادي شامل أعده مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، أن العالم أخذ يتنفس الصعداء بالاستقرار النسبي وإجراءات تعزيز التعافي الاقتصادي، فقد تعرض مسار نمو الاقتصاد العالمي لتقلبات حادة خلال العام، فحتى نهاية مارس كان أداء الاقتصاد العالمي قريبًا جدًا من توقعات المؤسسات الدولية للعام، مع استقرار في التقديرات، ومع تصاعد التوترات التجارية بين الاقتصادات الكبرى في أبريل وارتفاع حالة عدم اليقين بشأن السياسات المضادة التي قد تتبعها الدول.
الاقتصاد المصري يحقق استقرار ونمو مناسب
كما سادت احتمالات التباطؤ، وبحلول مايو تراجعت توقعات النمو العالمي لعام 2025 بمقدار 0.4 نقطة مئوية، ومع تراجع تأثير صدمة التعريفات الجمركية استعاد النمو الاقتصاد توقعاته المتفائلة، مدعوما بالتطورات في الأسواق المالية وأسواق السلع وارتفاع أسواق الأسهم، ومن ثم يتوقع صندوق النقد الدولي أن يصل معدل نمو الاقتصاد العالمي في 2025 إلى 3.2 %، بزيادة قدرها 0.2 نقطة مئوية عن تقديراته السابقة، ويأتي هذا النمو مدفوعا بشكل أساسي باقتصادات الأسواق الناشئة، مع استمرار الاتجاه النزولي لمعدل التضخم العالمي ليقترب من مستهدفات البنوك المركزية، مدعوما بتراجع أسعار النفط مع ترقب انتهاء الحرب في أوكرانيا وانخفاض تضخم الأسعار العالمية للسلع الغذائية.
وأضاف التقرير، أن الأوضاع العالمية انعكست على أداء الاقتصاد المصري الذي عانى استمرار تداعيات الأزمات العالمية وتبعات الصدمات الخارجية المتوالية واستمرار المخاطر الجيوسياسية، مما فرض تحديات جسيمة على الأوضاع الداخلية، إلا أن جهود الحكومة المـصرية والإصلاحات النقدية والهيكلية ساعدت على تحقيق الاستقرار الكلي ودفع عجلة النمو وتحقيق العديد من المستهدفات التنموية.
المؤسسات الدولية تشيد بمصر
وقد كانت هذه الجهود موضع تقدير من مختلف المؤسسات الدولية، حيث بدأت بعثة صندوق النقد الدولي عملها في القاهرة في إطار أعمال المراجعتين الخامسة والسادسة للبرنامج، وسط توقعات متفائلة استنادا إلى كفاءة أداء العديد من المؤشرات الاقتصادية.
كما أشار الصندوق إلى أن مرونة سعر الصرف حققت نتائج إيجابية، تمثلت في غلق الفجوة السعرية مع السوق الموازية، وإنهاء تراكمات طلبات الاستيراد، إلى جانب التدفق القوي للإيرادات السياحية وتحويلات العاملين بالخارج، وأظهرت التقديرات الأولية للبنك الدولي استمرار تعافي الاقتصاد المصري خلال الربع الثالث من عام 2025، بنمو مقداره نحو خمسة في المئة مدفوعًا بالصناعات التحويلية غير البترولية وقطاع السياحة.
كما جاءت مصر الدولة الأولى عربيًا في مؤشر القوة والتأثير لعام 2025، والذي يصنف قدرة 142 دولة حول العالم على التأثير في السياسات والنتائج الاقتصادية العالمية، عبر سبعة ركائز، وهي: الاستقرار السياسي، والنفوذ الاقتصادي، وميزانية الدفاع، والتسلح، والتحالفات العالمية، والقوة الناعمة، والقوة العسكرية، واحتلت المركز 12 عالميًا بدرجة بلغت 92.55 نقطة، تلتها المملكة العربية السعودية في المركز الثاني عربيًا والـ 14 عالميًا بدرجة 92.31 نقطة، ثم الإمارات العربية المتحدة في المركز الثالث عربيًا والـ 23 عالميًا بدرجة 89.83 نقطة.
وفيما يلي نعرض لقراءة شاملة لأداء الاقتصاد المصري خلال عام 2025 سواء على مستوى أداء مختلف قطاعات الاقتصاد الحقيقي، أو على مستوي صنع السياسات الاقتصادية الكلية وتبعاتها على مختلف المؤشرات الاقتصادية.
كما سيتم رصد وتحليل أداء الاقتصاد الحقيقي ومعدل النمو الاقتصادي.
شهد معدل النمو الاقتصادي تحسنا تدريجيا في ظل تراجع المخاطر الجيوسياسية وجنى ثمار الإصلاحات الهيكلية، حيث ارتفع الى 3.53% خلال الربع الأول من العام المالي 2024/ 2025، ثم إلى 4.3% في الربع الثاني، وليحقق 4.77% في الربع الثالث وهو أعلى معدل نمو ربع سنوي تحققه البلاد منذ ثلاث سنوات، مقارنة بـ 2.2% فقط خلال الفترة نفسها من العام المالي السابق.
وخلال الربع الرابع سجل 5%، مقارنة بمعدل النمو المتواضع الذي تحقق في الربع المناظر من العام المالي السابق والبالغ 2.4%، مما أسفر عن رفع معدل النمو السنوي للعام المالي 2024/2025 ليسجل نحو 4.4%، مقابل 2.4% في عام 2023/2024، متجاوزًا بذلك معدل النمو المستهدف للعام والبالغ 4.2%.
ويعكس هذا التحسن الواضح تعافيًا ملحوظًا في قطاعات حيوية تتميز بالاستدامة، ومن الأنشطة شهد معدلات نمو موجبة في الربع الرابع، السياحة بنسبة 19.3%، والصناعة التحويلية غير البترولية 18.8%، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات 14.6%، والوساطة المالية (12.16%)، والنقل والتخزين (7%)، والتأمين (5.6%)، والكهرباء (5.3%)، والخدمات الاجتماعية (4.7%)، والتشييد والبناء (4.1%).













0 تعليق