شارك مجلس الكنائس العالمي، إلى جانب نحو عشرين منظمة دينية ومجتمعية وأكاديمية تقودها مجتمعات اللاجئين، في جلسة حوارية عُقدت ضمن فعاليات مراجعة التقدم في منتدى اللاجئين العالمي 2025، وركزت الجلسة على تعزيز القيادة الفاعلة للاجئين وعديمي الجنسية، وعلى تطوير شراكات متعددة الأطراف تربط بين الجهود الإنسانية والتنموية وأجندة السلام.
مشاركة واسعة في مراجعة منتدى اللاجئين العالمي
أكد المشاركون أن السلام المستدام يصبح أقرب عندما يُدمج اللاجئون والعائدون وعديمو الجنسية في صناعة القرارات، لا باعتبارهم أطرافًا تُستشار فقط، بل كقادة مؤثرين في صياغة الحلول.
وقالت ليليانا جوبيلوت، الرئيسة المشاركة للشبكة الأكاديمية العالمية متعددة التخصصات، إن المشاركة “يجب أن تكون جوهرية وتحولية”، مشددة على ضرورة إزالة الحواجز الهيكلية مثل التنافس الاقتصادي والمعايير الجندرية والتجارب الصادمة لضمان حوار فعّال.
تمكين القيادة المحلية ودور المبادرات المجتمعية
وشهدت الجلسة عرض مبادرات قاعدية يقودها أشخاص مرّوا بتجربة النزوح، تسهم في بناء الثقة ومنع النزاعات قبل تفاقمها، وخلق مساحات آمنة للحوار بين مختلف المكونات الدينية والعرقية والاجتماعية.
وشدد بيتر موزوليفسكي، ممثل برلمان اللاجئين في سويسرا، على أن “المعرفة المحلية والمشاركة المحلية والقيادة المحلية ليست مجرد شعارات، بل هي الأساس الحقيقي للتغيير المستدام”.
الفاعلون الدينيون جسور بين الإغاثة والتنمية والسلام
وأكدت كارلا خيجويان، المسؤولة عن برامج بناء السلام في الشرق الأوسط بمجلس الكنائس العالمي، أن الحلول المحلية تصبح أكثر استدامة عندما تعزز التعايش السلمي. وأضافت أن القيادات الدينية قادرة على مواجهة السرديات التي تزرع الانقسام، ومعالجة التوترات قبل تفاقمها، وفتح مساحات للحوار بين الفئات المختلفة.
وقالت خيجويان إن التعاون بين الأديان يحول التنوع الديني من “خطر مُتصوَّر” إلى “رصيد عملي للسلام”، مشيرة إلى أن المجلس يساهم في ربط الأطر الدولية بالواقع المحلي.
تجارب ملهمة: من تغيير القلوب إلى علاج العقول
واستعرض القس جاك أميك، ممثل لجنة الإغاثة الميثودية، تجربة منح “بذور الخردل” للكنائس المحلية لتشجيعها على إطلاق مبادرات مع اللاجئين. وقال: “هذه المبادرات لا تساعد اللاجئين فقط، بل تغيّر القلوب… وعلينا تغيير القلوب أولاً”.
وأشارت جين داوود، مؤسسة مبادرة ”Peace Therapist”، إلى أن إعادة بناء السلام تتطلب أيضًا علاج العقول المتأثرة بالصدمات: “السلام لا يُبنى فقط في المعاهدات والبرلمانات، بل في غرف العلاج والمدارس والعائلات، وفي قلوب من يستعيدون الثقة من جديد”.
المدن في خط المواجهة مع أزمات النزوح
من جانبه، لفت جمال حداد، عضو مجلس بلدية رام الله ولاجئ سابق، إلى أن المدن تتحمل العبء الأكبر في استقبال النازحين، إذ إن “واحدًا من كل 70 شخصًا في العالم مُهجّر قسريًا، و80٪ منهم يلجؤون إلى المدن بحثًا عن الأمان والكرامة… ورغم ذلك تستمر المدن في القيام بدورها”.
تحويل الحوار إلى التزامات… ثم إلى فعل
واتفق المشاركون على أن تحويل الأمل إلى “منفعة عامة مشتركة” يتطلب استثمارًا حقيقيًا في قيادة اللاجئين، وفي الصحة النفسية بوصفها ركيزة أساسية لإعادة الإعمار. ومع تزايد أهمية تنفيذ الميثاق العالمي من أجل اللاجئين، بات التحدي الأساسي هو تحويل الحوار إلى التزامات، ثم إلى خطوات ملموسة تعيد بناء المدن… والقلوب والعقول معًا.
واختُتمت الجلسة بتأكيد أن بناء السلام يبدأ حيث تُستعاد الثقة، وأن هذه المهمة يجب أن تبدأ الآن دون تأخير.












0 تعليق