إفيه يكتبه روبير الفارس "وأنا مالي يا لمبي"

البوابة نيوز 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

سوف يظل فيلم "الناظر" لعلاء ولي الدين، تأليف أحمد عبد الله، وإخراج شريف عرفة، كنزًا استراتيجيًا للإفيهات المعبرة بقوة عن واقع أسود، أشد سوادًا من عقل البهيم والليل البهيم معًا. ومن أقوى وأقسى إفيهات الفيلم التي تعبّر عن اللحظة المنياوية الخانقة، إفيه "وأنا مالي يا لمبي"، ليكون منطوق المقهور الذي تعرّض لعقاب جماعي بلا ذنب ولا جريرة، على إثر شائعات عن قصة حب لطفلين – لم يبلغا سن الرشد بعد – بين مختلفي الديانة.

ويُعرف العقاب الجماعي بأنه فرض عقوبة على مجموعة من الناس بسبب أفعال ارتكبها فرد واحد منهم أو عدد قليل من الأفراد، وهو محظور بموجب القانون الدولي. هذا النوع من العقاب ينتهك مبدأ المسؤولية الفردية، حيث يُستهدف أبرياء بسبب تصرفات غيرهم. والعجيب والغريب أن هذا الأسلوب من العقاب لا يُمارس حتى في الغابات.

أذكر مشهدًا ظل عالقًا بذهني منذ قرأته لأول مرة في كتاب رائع بعنوان "في بلاد العبابدة" للدكتور سمير محمد خواسك، والصادر عن سلسلة "اقرأ" عام 1980. حيث كتب في صفحة 82:
"كنت في أحد الأودية، ووجدت ثعبانًا، فضربته بحجر ثقيل سقط على رأسه فقتله لتوه، وفوجئت بزوجته تنقض عليّ، فولّيت الأدبار، وعجبًا أنني وجدت الثعبان يجري في الوادي بسرعة كبيرة رافعًا رأسه بغضب، مصممًا على الفتك بي. وجرت ساقاي بسرعة لم أعهدها، وكأنها تدفع بمحرك قوي من الفزع، وكانت المسافة ثابتة بيني وبين الثعبان، وهو من الإصرار والتوعد بشكل يؤكد أنني هالك لا محالة. ووصلت إلى السيارة وأدرت المحرك وتحركت، والثعبان ينقض على بابها، ونظرت إليه فرأيته يسقط فجأة، فعدت بالسيارة ومشيت إلى جواره حذرًا لأعرف ماذا حدث له، فوجدته «فرقع» من الغيظ".

أي إن الثعبان نفسه حدّد من قام بالجريمة وطارد القاتل، وعندما فشل في الوصول إليه مات مقهورًا. لم يقرر أن يعض كل من يقابلهم من البشر الذين ينتمي إليهم قاتل زوجته! هذا الثعبان أدرك حكمة "وهم مالهم يا لمبي" التي لم تصل بعد إلى تلك القرية في الربع الأول من القرن الحادي والعشرين، والتي لم تكتفِ بذلك، بل أكملت خنق المقهورين واقعيًا، والأقل عددًا، بأحكام عرفية جائرة. فيهجر جدّ وأب ذلك الطفل، ويدفعون غرامة "غرام"، دون أن يتحدث أحد عن الطرف الآخر من تلك القصة، أو يطرح أحد الأسئلة غير المقبولة هنا حول ماذا لو عكسنا أوضاع أديان أبطال تلك الواقعة؟

إنه واقع يقودنا لأن نموت "مفرقعين" من الغيظ، مثل هذا الثعبان الحكيم العادل.

إفيه قبل الوداع


خذوا الحكمة من أفواه المجانين،
ومن أفعال الثعابين أيضًا.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق