رحلة حجّ مسكونية إلى أديرة وادي النطرون تكشف التراث الروحي للكنيسة القبطية الأرثوذكسية

البوابة نيوز 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

 انطلقت وفود المشاركين في المؤتمر العالمي السادس للجنة الإيمان والنظام التابعة لمجلس الكنائس العالمي، في رحلة حجّ مسكونية إلى أديرة وادي النطرون التاريخية، مهد الرهبنة المسيحية وأحد أهم رموز التراث الروحي في مصر والعالم.

جاءت الزيارة تتويجًا لأيام المؤتمر المنعقد في مركز لوغوس البابوي التابع للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، بمشاركة ممثلين عن كنائس العالم من مختلف الطوائف والتقاليد، الذين حملوا في قلوبهم شوقًا لاكتشاف عمق الروحانية القبطية التي أضاءت مسيرة الإيمان عبر القرون.

المحطة الأولى: دير السيدة العذراء "برموس" 

بدأت الجولة من دير السيدة العذراء برموس، أحد أقدم وأشهر أديرة وادي النطرون، حيث استُقبل الوفد بحفاوة روحية تعبّر عن أصالة الضيافة القبطية.
رافق الزائرين في جولتهم الراهب مكاري البراموسي، الذي استعرض تاريخ الدير منذ تأسيسه في القرن الرابع الميلادي على يد القديس الأنبا مقار الكبير، ودوره الرائد في تكوين الحياة الرهبانية بمصر والعالم.

تجوّل الحجاج بين الكنائس الأثرية والقلّايات القديمة، واستمعوا إلى روايات عن الآباء القديسين الذين عاشوا في هذه البرية المقدسة، قبل أن تتوحد أصواتهم في صلاة مشتركة عبّرت عن الإيمان الواحد والرجاء المشترك بين الكنائس في جسد المسيح.

المحطة الثانية: دير القديس أنبا مقار 

توجّه الوفد بعد ذلك إلى دير القديس أنبا مقار الكبير، الذي تأسس عام 360م ويُعدّ أحد أبرز مراكز الرهبنة الأرثوذكسية في العالم.
كان في استقبالهم الأب مرقوريوس المقاري، الذي قدّم كلمات مؤثرة عن تاريخ الدير وحياة الرهبان الذين يكرّسون أيامهم للصلاة والعمل والخدمة، وعددهم نحو 120 راهبًا يعيشون في وحدة المحبة داخل المجمع الرهباني، إلى جانب عدد من المتوحدين في مغارات خارج الدير.

زار المشاركون كنيسة القديس أنبا مقاريوس، وتباركوا من رُفاته المقدسة، وتأملوا في جمال الصمت الرهباني الذي يفيض سلامًا عميقًا.
وكتب عدد منهم انطباعاتهم حول التناغم المدهش بين البساطة الإنسانية والعمق الروحي الذي يميز الحياة داخل الدير منذ نشأته.

المحطة الثالثة: بيت الأنافورا 

في ختام الرحلة، توجهت الوفود إلى بيت الأنافورا الذي أسّسه الأنبا توماس أسقف القوصية ومير بأسيوط ليكون مساحة للحوار والإيمان والتعليم المشترك بين الكنائس.
رافقهم في الجولة الأب كيرلس المقاري، الذي شرح فلسفة المكان ومعناه، موضحًا أن كلمة "الأنافورا" تعني الارتفاع نحو الله والشكر الدائم، وهي جوهر روح البيت.

استكشف الحجاج المساحات الخضراء والمشاغل اليدوية في الأنافورا، وتعرّفوا على أسلوب الحياة البسيط القائم على الصلاة والعمل، حيث يتحول الإيمان إلى فعل حب ملموس تجاه الإنسان والطبيعة.
واختتمت الزيارة بتأمل جماعي حول الشركة والوحدة التي تجمع الكنائس رغم اختلافاتها، وتجديد الالتزام بخدمة المصالحة بين المسيحيين في العالم.

خاتمة الرحلة: لقاء مع روح الكنيسة القبطية

عاد المشاركون إلى مركز لوغوس البابوي وهم يحملون في قلوبهم تجربة روحية لا تُنسى، تفيض بعمق اللقاء مع الكنيسة القبطية الأرثوذكسية وبأثر الوجوه الرهبانية التي احتضنتهم بمحبة وصمت ناطق بالإيمان.

وقال أحد المشاركين معبّرًا عن اختباره: “لم نزر أديرة فقط، بل التقينا بروح الكنيسة القبطية التي ما زالت تشهد للمسيح في صمت الصحراء ونور القديسين.”

واختُتمت الرحلة بحسٍّ من الامتنان والسلام، إذ تحوّل الحج المسكوني إلى جسر روحي يربط بين الماضي والحاضر، وإلى شهادة حيّة على أن مصر لا تزال منارةً للروحانية المسيحية التي تفيض بنور المسيح على العالم.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق