حققت زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي الهامة والناجحة إلى بروكسيل والاتحاد الأوروبي ثمارًا ممتازة بتوقيع عدة اتفاقيات لزيادة التعاون، منها حزمة لدعم الاقتصاد متناهي الصغر بقيمة خمسة مليارات يورو، لخلق بيئة أعمال واعدة وجذب المزيد من الاستثمارات.
ولكن ما لفت انتباهي التصريح المهم للغاية وسط تصريحات كثيرة لرئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بقولها نصًا "إن الاتحاد الأوربي سيتيح لمصر الوصول إلى مصانع الذكاء الاصطناعي في أوروبا".. هذا التصريح الهام لا بد أن نقف أمامه ولا يعبر مرور الكرام لأهميته القصوى لمستقبل الذكاء الاصطناعي في مصر ويمثل خطوة مهمة ونقطة فارقة في مستقبل بلادنا لو أُحسِن استغلاله.
هذا التصريح الهام في هذا التوقيت الذي تنطلق فيه مصر بقوة نحو هذا الملف يؤكد أمرين:
أولًا: يؤكد الدور الكبير الذي يقوم به الرئيس السيسي في هذا الملف وإرادة الرئيس بدفع مصر نحو الذكاء الاصطناعي بكافة المجالات، لتكون من ضمن الدول الكبار في هذا المجال.
ثانيًا: هذا التصريح سيفتح لمصر آفاقًا مذهلة ومهمة لتطوير منظومة الذكاء الاصطناعي في مصر على كافة المجالات والاستفادة من الخبرات الأوروبية في هذا المجال.
أوروبا قارة الذكاء الاصطناعي
المتابع لملف الذكاء الاصطناعي الأوروبي سيجد أن الاتحاد الأوروبي اتخذ خطوات هامة حتى تصبح "أوروبا قارة الذكاء الاصطناعي"، حيث قدّم الاتحاد الأوروبي في أبريل الماضي خطةً جديدة ومتطورة لتعزيز صناعة الذكاء الاصطناعي لديه ومساعدته على منافسة الولايات المتحدة الأمريكية والصين بقوة أكبر.
كما اتخذت المفوضية الأوروبية، الهيئة التنفيذية للاتحاد الأوروبي، خطوات نحو تحويل الصناعات التقليدية القوية في أوروبا إلى محركات قوية للابتكار وتسريع وتيرة الذكاء الاصطناعي، وبناء شبكة من مصانع الذكاء الاصطناعي، وإنشاء مختبرات متخصصة مصممة لتحسين وصول الشركات الناشئة إلى بيانات تدريب عالية الجودة، بحسب تقرير نشره موقع "CNBC"، ويُعرّف الاتحاد الأوروبي هذه "المصانع" بأنها منشآت ضخمة تضم رقاقات متطورة ضرورية لتدريب وتطوير أكثر نماذج الذكاء الاصطناعي تطورًا.
وعلى المستوى التشريعي والقانوني، أعلن الاتحاد الأوربي في أغسطس الماضي أول تشريع قانوني كامل "قانون الذكاء الاصطناعي" وهو الأول من نوعه على الصعيد العالمي بتطبيق قانون متكامل يعمل على حماية المستخدمين وحوكمة حقيقة لتقنية الذكاء الاصطناعي.
دور رئيس الوزراء بعد زيارة الرئيس
الآن الكرة في ملعب رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي والمجلس الوطني للذكاء الاصطناعي برئاسة وزير الاتصالات النشيط الدكتور عمرو طلعت بضرورة اتخاذ خطوات فعالة وسريعة والتوجه إلى أوروبا لتفعيل بروتوكولات تعاون مثمرة وقوية في كافة المجالات من أهمها ملف التدريب التي تستهدفها الاستراتيجية الوطنية المصرية للذكاء الاصطناعي والاستفادة من العلاقات القوية للرئيس السيسي حاليًا مع الاتحاد الأوربي وتحقيق أكبر قدر من المكاسب اللوجستية لتطوير منظومة الذكاء الاصطناعي في مصر.
حيث أكد الرئيس في رسالة الشكر الذي وجهها لملك بلجيكا أن العلاقات بين مصر والاتحاد الأوربي بلغت مستوى غير مسبوق من التوافق، وأن هناك قمة ستعقد بين مصر والاتحاد الأوروبي ستستضيفها مصر عام ٢٠٢٦. ومن هنا نقترح الآتي:
• ضرورة توجه رئيس المجلس الوطني للذكاء الاصطناعي إلى الاتحاد الأوربي في أسرع وقت للاستفادة من التجربة الأوروبية على نحو رسمي طبقًا لنتائج القمة الأخيرة والاستفادة من الجانب التشريعي والقانوني والتدريب بملف الذكاء الاصطناعي المصري.
• التعاون مع الاتحاد الأوروبي، وخاصةً فرنسا، في ملف تطوير سوق الذكاء الاصطناعي والشركات الناشئة بمصر باعتبار فرنسا هي عاصمة أوروبا في سوق الذكاء الاصطناعي.
• الاستفادة من الاتحاد الأوربي والتعاون معه حول آليات نشر ثقافة الذكاء الاصطناعي وحماية الأطفال والشباب من مخاطر التقنيات الحديثة.
• التعاون مع الاتحاد الأوربي في نقل الخبرات حول ملف تدريب الكوادر المصرية وإنشاء مركز لوجستية بالمحافظات للاستفادة في هذه الكوادر في تدريب المواطنين والموظفين في المحافظات ضمن مبادرات نشر ثقافة الذكاء الاصطناعي بالمحليات.
• توقيع بروتوكولات مع الاتحاد الأوروبي حول حوكمة الذكاء الاصطناعي.
• التعاون المشترك مع الاتحاد الأوروبي لإنشاء مصانع رقاقات متطورة في مصر في المستقبل القريب.
وبعد.. إن خطوة الانفتاح على أوروبا في ملف الذكاء الاصطناعي ستشكل كثيرًا من الهوية المصرية بملف الذكاء الاصطناعي بشكل متطور وحديث خاصةً على مستوى التدريب ونقل الخبرات.
أخيرًا الأهم، ونحن نتجه إلى أوروبا بملف الذكاء الاصطناعي، نتمنى أن يكون لدى الحكومة الإرادة والرؤية والرسالة لتفعيل كل ذلك على أرض الواقع، وليس زيارات وبروتوكولات بدون تنفيذ فعلي، من أجل مستقبل مصر الذي نريده جميعًا أفضل وأقوي.
*باحث في مجال الذكاء الاصطناعي











0 تعليق