أكدت الدكتورة داليا حنفي، أستاذ حضارة وتاريخ مصر والشرق الأدنى القديم بجامعة المنصورة، أن المرأة في مصر القديمة حظيت بمكانة متميزة لا تضاهيها مكانة المرأة في أي من الحضارات القديمة الأخرى.
وقالت في تصريح خاص لـ"البوابة نيوز"، إن المصري القديم نظر إلى المرأة نظرة احترام وتقدير، واعتبرها شريكة الرجل في الحياة العامة والخاصة، مشيرة إلى أن هناك نصوصًا ونقوشًا أثرية تؤكد أن المرأة المصرية تمتعت بحقوق اجتماعية وقانونية واقتصادية كاملة، وكان لها حضور بارز في مجالات الدين والسياسة والفن.
وأضافت "حنفي" أن المرأة المصرية القديمة تمتعت بمكانة اجتماعية راقية، حيث كانت تُعامل باحترام سواء كانت زوجة أو أمًا أو ابنة. وقد انعكس هذا التقدير في الأدب المصري القديم، إذ نجد نصائح الحكماء مثل "بتاح حتب" تحث على احترام الأم والزوجة وحسن معاملتهما. وكانت المرأة تُلقب داخل البيت بلقب "سيدة المنزل"، وهو ما يعكس مسؤوليتها ومكانتها داخل الأسرة.
وأوضحت الباحثة أن المرأة المصرية القديمة كان لها حق الميراث والتصرف في ممتلكاتها بحرية تامة، كما كان من حقها رفع الدعاوى القضائية بنفسها دون حاجة إلى وصي، لافتة إلى أن هناك وثائق قانونية تثبت أن النساء كن يبرمن العقود ويوقّعنها بأسمائهن، سواء في البيع أو الشراء أو الزواج أو الطلاق، وكان عقد الزواج يضمن للزوجة حقوقها المادية والشرعية بوضوح.
وأشارت "حنفي" إلى أن الأسرة كانت نواة المجتمع المصري القديم، وقامت العلاقة بين الزوجين على المودة والاحترام، حيث تُظهر مناظر المقابر في الدولة الحديثة مشاهد الحنان والتفاهم بين الزوج والزوجة، كما في مقبرتي "رخميرع" و"مننا". وكانت المرأة مسؤولة عن تربية الأبناء وغرس القيم والأخلاق فيهم.
وفيما يتعلق بدور المرأة في الحياة الدينية، أوضحت الدكتورة داليا حنفي أن النساء شغلن مناصب كهنوتية مهمة مثل "كاهنة الإلهة حتحور" و"كاهنة الإلهة إيزيس"، كما برز منصب "الزوجة الإلهية لآمون" الذي جمع بين السلطة الدينية والنفوذ السياسي، وبلغ أوج أهميته في الدولة الحديثة. كما شاركت النساء في تقديم القرابين والمواكب الدينية المقدسة.
أما عن دور المرأة في حكم مصر، فأكدت "حنفي" أن التاريخ المصري القديم شهد نساءً بارزات في ميدان الحكم والسياسة، استطعن ترك بصمة واضحة في تاريخ مصر، مشيرة إلى أن بعضهن تولين عرش البلاد وأدرن شؤون الدولة بحكمة واقتدار، أبرزهن:
• الملكة حتشبسوت:
التي جلست على عرش مصر في الدولة الحديثة، وأدارت البلاد بحكمة وازدهر في عهدها الاقتصاد والتجارة.
• الملكة نفرتيتي:
والتي شاركت زوجها إخناتون في الثورة الدينية لعبادة آتون، وظهرت معه في النقوش الملكية رمزًا للمشاركة والمساواة.
و الملكة تي:
زوجة أمنحتب الثالث، وكان لها تأثير قوي في الحياة السياسية والدبلوماسية.
وتتابع أن الفنانون المصريون القدماء ابدعوافي تصوير المرأة بجمال وأناقة؛ فكانت تُصوَّر بثياب رقيقة وملونة وزخارف جميلة تعكس أنوثتها واهتمامها بالنظافة والزينة. كما جسدت النقوش المرأة في مشاهد الحياة اليومية مثل الرقص والعزف على الموسيقى، أو تقديم القرابين، أو الجلوس بجانب زوجها في المحبة والسكينة.
أميرة مصرية من الأسرة الرابعة
وتضيف" حنفي" أنه لم تقتصر أدوار النساء على المنزل أو المعبد، بل شاركن في مجالات متعددة مثل الغزل والنسيج وصناعة العطور والموسيقى. وبعض النساء كن يعملن في الإدارة أو في التعليم داخل البيوت الثرية. وقد أظهرت البرديات أن بعض النساء كن يمتلكن مزارع أو ورش إنتاج خاصة بهن.
وأشارت إلى أن دراسة مكانة المرأة في مصر القديمة تكشف عن مدى رقي هذه الحضارة الإنسانية، التي سبقت غيرها في الاعتراف بحقوق المرأة ومساواتها بالرجل. فقد كانت شريكة في بناء الدولة، وفي إدارة شؤونها الدينية والسياسية والاجتماعية. وتبقى المرأة المصرية القديمة رمزًا للقوة والعطاء والذكاء في التاريخ.














0 تعليق