تستحوذ الزيارة الأولى للرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى آسيا في ولايته الثانية على اهتمام واسع، إذ تتركز الأنظار على كيفية تفاعله مع رئيسة الوزراء اليابانية الجديدة سانا تكايتشي. وسيتوجه ترامب مساء /الجمعة/ إلى آسيا لزيارة ماليزيا واليابان وكوريا الجنوبية وسيعقد محادثات مع الرئيس الصيني شي جين بينج، وذلك وفق ما نقلته وكالة أنباء كيودو اليابانية.
ومن المقرر أن يبدأ ترامب زيارة رسمية إلى اليابان يوم الاثنين تستمر ثلاثة أيام، وذلك بعد أقل من أسبوع على انتخاب تكايتشي كأول امرأة تتولى رئاسة الوزراء في البلاد. ويُنظر إلى التعامل مع ترامب، الذي أصبح أكثر خبرة سياسية من فترته الأولى، باعتباره تحديًا لأي زعيم أجنبي.
وفي عالم الدبلوماسية، تلعب العلاقات الشخصية دورًا محوريًا، وهذا ينطبق بشكل خاص على ترامب.
ومع محدودية الوقت المتاح أمام تكايتشي للتحضير لأول لقاء مباشر بينهما، تواجه مهمة صعبة لبناء علاقة عمل مع الرئيس الأميركي وضمان استقرار العلاقات الثنائية بين البلدين.
وقالت كريستي جوفيلا، كبيرة المستشارين ورئيسة برنامج اليابان في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، إن تكايتشي "تملك مقومات لبناء تفاهم مع ترامب بفضل تشابه مواقفهما المحافظة"، مضيفةً أن بإمكانها أن تسير على نهج رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني التي نجحت في توطيد علاقتها بترامب انطلاقًا من تقارب أيديولوجي مشابه.
وفي السياق، شددت بوني جلاسر، المديرة التنفيذية لبرنامج المحيطين الهندي والهادئ في صندوق مارشال الألماني بواشنطن، على أن "أهم ما يجب أن تسعى إليه رئيسة الوزراء اليابانية الجديدة هو إقامة علاقة جيدة مع الرئيس ترامب"، مشيرةً إلى أن الأخير "يحترم القادة الأقوياء ذوي المواقف الواضحة"، داعيةً تكايتشي إلى عرض رؤيتها لمستقبل اليابان والتحالف الأمني مع واشنطن خلال لقائهما في طوكيو.
ويرى محللون أن صلة تكايتشي الوثيقة برئيس الوزراء الأسبق شينزو آبي تمنحها ميزة خاصة قد تساعدها في كسب ودّ ترامب، إذ كان آبي من بين أكثر الزعماء انسجامًا مع ترامب خلال ولايته الأولى. وتُعرف تكايتشي بمواقفها المحافظة المتشددة واهتمامها الكبير بقضايا الأمن والدفاع، وقد منحت مناصب بارزة لعدد من السياسيين المقربين من آبي، مؤكدة رغبتها في مواصلة نهجه الاقتصادي والدفاعي.
وخلال مؤتمرها الصحفي عقب توليها المنصب، استخدمت تكايتشي عبارات مشابهة لخطاب آبي، متعهدة بـ"استعادة الدبلوماسية اليابانية التي تزدهر في مركز المسرح العالمي".
ومن المقرر أن يغادر ترامب اليابان الأربعاء متوجهًا إلى كوريا الجنوبية، المحطة الأخيرة في جولته الآسيوية التي تشمل أيضًا لقاءً مرتقبًا مع الرئيس الصيني شي جين بينج قبل قمة منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ (أبيك).
وفي ظل تجدد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، لا يتوقع المراقبون تحقيق اختراق كبير في العلاقات بين البلدين. ويركّز ترامب حاليًا على القضايا التجارية والتكنولوجية مع بكين أكثر من تركيزه على الملف الأمني أو قضية تايوان.
وترى جلاسر أنه رغم قلة حديث ترامب عن تايوان، فمن المرجح أن يثير شي الموضوع خلال لقائهما، محاولةً منه الحصول على تأكيد من الرئيس الأميركي على معارضة استقلال الجزيرة. وأضافت أن لقاء ترامب المرتقب مع تكايتشي قد يمنح الأخيرة فرصة لعرض مخاوف اليابان ودول المنطقة بشأن أمن تايوان واستقرار مضيقها الحيوي.
أما في ما يتعلق بالحرب التجارية بين واشنطن وبكين، فقد واصل ترامب نهجه التصعيدي، ملوّحًا بفرض رسوم إضافية بنسبة 100% على السلع الصينية اعتبارًا من الأول من نوفمبر ردًا على قيود بكين الجديدة على صادرات المعادن النادرة.
وقالت جوفيلا، التي تشغل أيضًا منصب أستاذة للعلاقات الدولية في جامعة أكسفورد، إن ترامب "سيستغل جولته الآسيوية لتأكيد صورته كصانع صفقات عالمي"، مضيفةً أن "الرحلة، بغض النظر عن نتائجها الملموسة، ستشكل فرصة له لإبراز دوره المركزي في رسم ملامح السياسة الإقليمية والدولية".




0 تعليق