في حادثة غريبة أثارت جدلاً في الأوساط الطبية، أدخل رجل في الستين من عمره إلى المستشفى بعدما أصيب بتسمم حاد وحالة من الذهان، إثر اتباعه نظامًا غذائيًا خاليًا من الملح، بناءً على نصيحة قال إنها جاءت من برنامج للذكاء الاصطناعي، ورغم أن تقليل استهلاك الملح يُعد خطوة صحية في كثير من الأحيان، فإن ما فعله هذا الرجل تجاوز حدود الأمان، إذ استبدل كلوريد الصوديوم المستخدم عادة في الطعام بمركب كيميائي آخر هو بروميد الصوديوم، معتقدًا أنه بديل صحي، قبل أن يتبين لاحقًا أنه سمّ بطيء.
طفح جلدي
ووفقا لـ healthline هذا الخطأ أدى إلى إصابته بطفح جلدي، وتشنجات عضلية، واضطرابات عقلية تمثلت في الذهان البارانويدي، ما استدعى إخضاعه لعلاج نفسي إلزامي دام ثلاثة أسابيع في المستشفى، ويُذكر أن أملاح البروميد كانت تُستخدم في بدايات القرن العشرين ضمن بعض الأدوية التي تُباع دون وصفة طبية لعلاج القلق والأرق، قبل أن تُحظر لاحقًا في الولايات المتحدة عام 1975 بعد ثبوت سُميّتها.
وتشير السجلات التاريخية إلى أن ما بين 5 و10 في المئة من حالات الدخول إلى المصحات النفسية في تلك الحقبة كانت نتيجة لما يُعرف بـ التسمم بالبروميد أو “البروميزم”، ورغم اختفاء هذه الظاهرة تقريبًا لعقود، فإنها عادت للظهور في السنوات الأخيرة بعد دخول البروميد مجددًا في بعض المكملات والمهدئات غير المنظمة، بالتزامن مع تزايد اعتماد البعض على برامج الذكاء الاصطناعي للحصول على نصائح غذائية أو طبية.
مراقبة نفسية مشددة
ووفق تقرير نشرته مجلة Annals of Internal Medicine، وصل الرجل إلى قسم الطوارئ وهو يعتقد أن أحد جيرانه دس له السم، ولم يُصرّح في البداية بتناوله أي أدوية أو مكملات. جاءت فحوصاته الحيوية طبيعية، لكن حالته النفسية بدأت تتدهور سريعًا، ويقول الأطباء إن المريض أبدى خلال الساعات الأولى من دخوله علامات متزايدة من الارتياب والهلوسة السمعية والبصرية، ما اضطر الطاقم الطبي إلى وضعه تحت مراقبة نفسية مشددة بعد محاولته الهروب من المستشفى.
وبعد سلسلة من الفحوصات واستشارات مركز مكافحة السموم، خلص الأطباء إلى أن حالته ناتجة عن التسمم بالبروميد، خصوصًا بعد اكتشافه أنه كان يتبع حمية صارمة خالية من الصوديوم تمامًا، ويصنع ماءه المقطّر بنفسه في المنزل، رافضًا شرب الماء الذي يقدمه له الطاقم الطبي بدعوى أنه “ملوث”.
أضرار الملح على الصحة
خلال فترة علاجه التي استمرت عدة أيام باستخدام السوائل الوريدية وتعويض الأملاح والعلاج بمضاد الذهان “ريسبيريدون”، بدأت حالته بالتحسّن، وبدأ يروي تفاصيل ما حدث. فقد أوضح أنه قرأ كثيرًا عن أضرار الملح على الصحة، وأراد التخلص منه كليًا. لكن عندما بحث عن بدائل عبر الذكاء الاصطناعي، تلقى – بحسب قوله – اقتراحًا باستخدام البروميد بديلاً للكلوريد، فالتزم بذلك لأكثر من ثلاثة أشهر.
الذكاء الاصطناعي
ويرى الأطباء أن الرجل ربما أساء فهم إجابة النظام الذكي أو صاغ سؤاله بطريقة خاطئة، ما جعل البرنامج يقدّم البروميد في سياق مختلف تمامًا، وربما لأغراض أخرى غير غذائية، مثل التنظيف أو الاستخدام الصناعي، ويشير معدو التقرير إلى أنهم عندما حاولوا تكرار سؤاله في التجربة، حصلوا على إجابة مشابهة تذكر البروميد من دون تحذير صحي واضح، مؤكدين أن الذكاء الاصطناعي لا يمتلك بعد القدرة على تقييم المخاطر كما يفعل الطبيب البشري.
انتهت رحلة المريض بالشفاء الكامل بعد ثلاثة أسابيع من العلاج، واستعاد وعيه واتزانه النفسي. ويأمل الأطباء أن تكون هذه الحادثة بمثابة تحذيرٍ واضح من مخاطر الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في الأمور الطبية الحساسة، مؤكدين أن النصيحة الآمنة تبقى دائمًا في أيدي المختصين من البشر.
















0 تعليق