«مصر عادت شمسك الذهب».. مهرجان «الموسيقى العربية» نجم يسطع في سماء القاهرة.. تاريخ طويل منذ عام 1932

البوابة نيوز 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

من قلب قاهرة المعز وحتى جميع أنحاء العالم، يأتي مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية في دورته الـ 33 حاملاً اسم سيدة الغناء العربي «أم كلثوم»، وكأننا نُعيد لمصر شمسها الذهب من جديد، فلن تقف ثومة بمفردها بل ستبنى قواعد المجد بالجميع من مفكرين وباحثين وعلماء في الموسيقى من شتى ربوع الوطن العربي والعالم.

نعود بالزمن إلى بداية التفكير في مهرجان الموسيقى العربية، وبالتحديد في عام 1932 حين فكرت وزارة المعارف وقتها في تأسيس مؤتمر يهدف إلى إحياء الموسيقى الشرقية والعربية ولكن بشكل علمي مستعينين بالخبراء من كافة أنحاء العالم، فهكذا كانت مصر تفكر خلال فترة بناء النهضة المصرية، فبدأت بإنشاء معهد الموسيقى الشرقية في عام 1913 والذي عكف على إحياء الموسيقى العربية وتنظيمها لتقوم على أساس فني كما قامت الموسيقى الغربية، وذلك للارتقاء بالموسيقى المصرية، وتصل بها إلى مرتبة عالية. 

معهد الموسيقى الشرقية الفريد من نوعه في الشرق الأوسط

مصر هي أولى الدول وصاحبة الريادة في مجال الموسيقى العربية بلا أدني شك في ذلك، فهي صاحبة أول بصمة في التاريخ في مجال الموسيقى والذي يمكن تراه بعين اليقين حينما تطأ قدماك في أي معبد من معابدها القديمة وترى سجلًا تاريخيًا لأهمية الموسيقى في الحضارة المصرية القديمة، فنجد جدران معابد منطقة سقارة الأثرية والتي رسم عليها العازفين والمغنيين والراقصين، حتى افتتح مقر معهد الموسيقى الشرقية في 26 ديسمبر عام 1929، وفي ذكرى الاحتفال بافتتاحه وتدشينه كان التفكير في مؤتمر علمي كبير يهدف إلى ترسيخ مبادئ الموسيقى العربية ونظمها بشكل علمي على الطريقة الأوروبية، وعلى أسس متينة سواء من الناحية العلمية أو الناحية الفنية، شارك فيه الخبراء من جميع أنحاء العالم من العلماء والمشتغلين بالموسيقى، ليخرج المؤتمر البحثي بوسائل تطوير والحفاظ على الموسيقى العربية.

جاء التصديق على إقامة المؤتمر الأول للموسيقى العربية من الملك فؤاد الأول على أن تنعقد اللجنة في مارس عام 1932، والذي استمرت أعماله قرابة الثلاثة أسابيع، وتولى الدكتور محمود أحمد الحفني مسؤولية سكرتير عام المؤتمر ورأس المؤتمر محمد حلمي باشا وزير المعارف العمومية، وتم تعيين البارون «رودلف دي أرلنجر» نائب الرئيس الفني للجنة تنظيم المؤتمر، وشارك بالمؤتمر وبأعمال لجانه التي قسمت إلى سبعة لجان عدد كبير من كبار المشتغلين بالفن في مصر وفي الدول العربية، ومن أبرز تلك اللجان لجنة المقامات والإيقاعات والتأليف،  ولجنة السلم الموسيقى والتي اختصت بالإثبات والتدوين، لجنة الآلات، لجنة التسجيل، ولجنة التعليم الموسيقى، لجنة تاريخ الموسيقى والمخطوطات.

معارض الخط العربي والفنون التشكيلية تصاحب الفعاليات لتجعل من المهرجان مساحة تتجاور فيها النغمة مع الحرف والصوت مع الصورة، في مشهد يؤكد دور مصر وهيبتها الثقافية

وخرج المؤتمر بعدة توصيات هامه ومنها إقرار السلم الموسيقى، وتقرير الرموز التي تكتب بها الأنغام، وتنظيم التأليف الصامت والناطق (الغنائي والآلي)، بالإضافة إلى دراسة الآلات الموسيقية الصالحة، وتنظيم التعليم الموسيقى، وتسجيل الأنغام والأغاني القومية في كل الأقطار، وبحث المؤلفات الموسيقية سواء كانت مطبوعة أو مخطوطة.

كما خرج المؤتمر بأعمال بحثية ونقاشات لعل أهمها أن يكون المؤتمر حدثًا سنويًّا، إلا أن هذا الحلم قد توقف عند تلك اللحظة، وظل حلم عالقًا في الهواء .

 

 

47630e48fb.jpg
شارة لجان مؤتمر الموسيقى العربية عام 1932

 

21fcf54809.jpg
متابعة بدايات مؤتمر الموسيقى، مجلة كل شيء والعالم، العدد 330، 5 مارس 1932
fb694b388d.jpg
د. محمود الحفنى
255d9f8ede.jpg
المؤتمر الموسيقي، مجلة المقتطف، المجلد 80، الجزء 4، إبريل 1932
4b95074d0f.jpg
الإعداد للمؤتمر الموسيقي، مجلة "المصور"، العدد 389، 25 مارس 1932

عودة الروح.. حلم يعود من جديد بعد مرور ستين عامًا

وبعد مرور ستين عامًا وبالتحديد في عام 1992، عادت فكرة إقامة مؤتمر ومهرجان الموسيقى العربية مرة أخرى على يد الدكتورة رتيبة الحفني، أول عميدة للمعهد العالي للموسيقى العربية وابنة الدكتور محمود الحفني، سكرتير مؤتمر الموسيقى العربية الأول، ليتحقق حلم الأب وهو إقامة مؤتمر ومهرجان للموسيقى العربية سنويًّا، حيث عرضت على وزير الثقافة وقتها الفنان فاروق حسني خلال الاحتفال باليوبيل الفضي على إطلاق فرقة الموسيقى العربية، والتي قدمت  أولى حفلاتها على مسرح سيد درويش بالهرم، عام 1968، والتي تُعد صرحاً من صروح الفن والتراث الثقافي الموسيقى ليس في مصر وإنما في الوطن العربي أجمع، وهو الأمر الذي قوبل بالترحيب الشديد وبدأ التجهيز للمؤتمر حتى انطلقت فعاليات الدورة الأولى للمهرجان في 23 نوفمبر 1992، بافتتاح وزير الثقافة فاروق حسني، وشارك فيه 42 باحثًا من 13 دولة عربية وأجنبية لمناقشة البحوث والموضوعات التي تتعلق بالموسيقى العربية، على مدار 6 أيام.

أكبر منصة موسيقية في العالم العربي تؤكد أن القاهرة ما زالت العاصمة الثقافية التي تُصدر النغمة وتصوغ الذوق وتُعيد للحن العربي اعتباره

وعملت اللجان الفنية للمؤتمر في عدة لجان، وهى لجنة المؤتمرات وتوحيد المصطلحات برئاسة حسن عريبي من ليبيا، ولجنة المقامات والإيقاعات الموسيقية برئاسة أحمد باقر من الكويت، ولجنة التربية والثقافة الموسيقية برئاسة سمحة الخولي من مصر، ولجنة التراث العربي والمقطوعات الموسيقية برئاسة محمود القرفي من تونس، ولجنة فايكنج ترند الموسيقي برئاسة إيزيس فتح الله من مصر، ولجنة الآلات والفرق الموسيقية برئاسة سعد الله آغا القلعة من سوريا. 

وخرجت جلسات المؤتمر في دورته الأولى بعدة توصيات أهمها اعتبار التربية الموسيقية من الحقوق الأساسية للطفل، وتنظيم مهرجان موسيقي دوري مخصص للأطفال مع مسابقات للطلاب والملحنين لعرض الأعمال الفنية، جمع اللهجات الموسيقية العربية، والحفاظ على التراث الفلسطيني من السرقة، وتثبيت السلم الموسيقي العربي بواسطة خبراء متخصصين، استخدام الآلات العربية الأصيلة، مثل الطنبور، في الأوركسترا.

2e9c736b01.jpg
فاروق حسنى

ميلاد جديد يسطع فى سماء القاهرة 

وعلى مدار ثلاثة عقود، ولد في قلب القاهرة، مهرجان الموسيقى العربية بشكله الحالي، وهو الذي أعاد للموسيقى العربية ذاكرتها، وللروح المصرية مكانتها، فكان ميلاد مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية في أوائل التسعينيات بمثابة نهضة حقيقية في عالم الموسيقى، وتحمست له الدكتورة رتيبة الحفني التي  آمنت بأن الفن يمكن أن يكون فعلاً من أفعال النهضة لا مجرد متعة عابرة.

مرحلة حرجة

شهدت فترة التسعينيات من القرن العشرين ثورة كبيرة في عالم الموسيقى، من ظهور أنماط موسيقية متباينة بين الإيقاعات السريعة والفيديو كليب وموضة شرائط الكاسيت. وظهور هذا النمط كان يمكن أن يجب ما تركه لنا كبار النجوم من ملحنين ومطربين من إرث موسيقي كبير ومتفرد، ليأتي المهرجان ليُعيد الاعتبار للموسيقى العربية ويُعيد ذائقة المجتمع المصري والعربي لفنون الطرب الأصيل والرصين، بعد تغير الذائقة الموسيقية وباتت تتأرجح بين التجاري والسريع، واختار المهرجان أن يقف بثبات، كجسر يربط بين الماضي والمستقبل، ويُعيد اكتشاف القيم الجمالية التي صنعت مجد الموسيقى العربية، ويمنح الأجيال الجديدة فرصة أن تتصل بأصولها من خلال المعرفة الحقيقية، لا التقليد.

ففي نسخته الأولى، كان الحلم بسيطاً لكنه طموح، على أن تُقام حفلات لأعذب الأصوات العربية، وأن تُعقد ندوات علمية تناقش الموسيقى بوصفها علماً وثقافة وهوية. ومع مرور السنوات، تحول المهرجان إلى أكبر منصة موسيقية في العالم العربي، يجتمع فيها الفنانون والباحثون من مختلف الأقطار، ليؤكدوا أن القاهرة ما زالت العاصمة الثقافية التي تُصدر النغمة، وتصوغ الذوق، وتُعيد للحن العربي اعتباره.

 

 

44 باحثاً من أكثر من 15 دولة عربية وأجنبية يناقشون قضايا الفن في زمن التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي ومفهوم التعليم الموسيقي في ظل الطفرة التكنولوجية

وخلال اثنتين وثلاثين دورة متتالية، ظل المهرجان شاهداً على أزمنة الفن، يكرم رموزه ويقدم الجديد دون أن يتخلى عن الأصالة، وكانت كل دورة بمثابة فصل من حكاية طويلة، تتقاطع فيها الأسماء مع الذكريات، أعمال عبد الحليم حافظ ووردة ورياض السنباطي، وأم كلثوم ومحمد عبد الوهاب، ونجاة وسعاد محمد ومحمد عبد المطلب وغيرهم الكثير عادت أغنياتهم بأصوات شابة ساحرة، حتى جاءت الأصوات الجديدة الرصينة مثل أنغام وعلى الحجار ومحمد الحلو وهاني شاكر ومدحت صالح مما تربوا على أسس الموسيقى الحقة ليجدوا في المهرجان معناه الحقيقي وهو الانتماء الفني.

بانوراما على أعمال الدورة الـ33 من المهرجان 

في الدورة الثالثة والثلاثين، يعود مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية ليضع أم كلثوم في قلب الاحتفاء، لا بوصفها مطربة وحسب، بل باعتبارها رمزاً لزمنٍ كان فيه الفن فعلاً وطنياً ووجدانياً معاً. خمسون عاماً مرت على رحيلها، لكن صوتها لا يزال يعلو فوق الضجيج، كأنه دعوة للعودة إلى الجذور، وإلى اللحظة التي كان فيها الغناء التزاماً وصدقاً وبهاء.

المهرجان أعاد للموسيقى العربية ذاكرتها وللروح المصرية مكانتها 

انطلق المهرجان يوم الأربعاء الماضى 16 أكتوبر وتمتد لياليه لعشرة أيام متتالية حتى 25 من أكتوبر 2025، بمشاركة نحو ثمانين فناناً من مصر والعالم العربي، بينهم أصوات رسخت حضورها في المشهد الغنائي، وتحمل ملامح المستقبل من الجيل الجديد، وتشمل ليالى المهرجان 41 حفلاً غنائياً وموسيقياً بمشاركة 83 فناناً هم آمال ماهر، مدحت صالح، وائل جسار، هانى شاكر، الموسيقار عمر خيرت، محمد الحلو، ريهام عبد الحكيم، على الحجار، مروة ناجى، محمد ثروت، مى فاروق، سوما، صابر الرباعى، سهيلة بهجت، فؤاد زبادى، نادية مصطفى، حنين الشاطر، حسام حسنى، كنزى، فرح الموجى، أسماء كمال، عمرو سليم، آيات فاروق، محمد حسن، مؤمن خليل، رحاب مطاوع، أحمد عفت، إيناس عز الدين، مى حسن، منار سمير، حنان عصام، نهاد فتحى، رحاب عمر، محمد الطوخى، نهى حافظ، وليد حيدر، ياسر سليمان، غادة آدم، محمود عبد الحميد، عبير أمين، عصام محمود، داليا عبد الوهاب، آية عبد الله، يحيى عبد الحليم، أحمد سعيد، هند النحاس، إبراهيم رمضان، ريم حمدى، حنان الخولى، وغيرهم الكثير من نجوم دار الأوبرا المصرية.

كل هؤلاء النجوم من قلب القاهرة وكأنها تستعيد بهذه الليالي دورها التاريخي كمنبر للفن الراقي، ومكان تلتقي فيه اللهجات العربية على أرضٍ واحدة، في نغمة واحدة.

077d63f0f2.jpg
ملصق مهرجان هذا العام

المؤتمر العلمي

ولأن المهرجان لم يكن يوماً مجرد عروض غنائية، يصاحبه مؤتمر علمي تشارك فيه أكثر من 15 دولة عربية وأجنبية، يناقش فيه الباحثون قضايا الفن في زمن التحول الرقمي، ففي هذه الدورة والتي تأتي بمشاركة 44 أكاديميًا ومتخصصًا في الموسيقى حيث تتجه البوصلة نحو المستقبل، وحيث يطل الفكر الموسيقي العربي على أفق مغاير تماماً، أفق تصنع ملامحه التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي. فالقضية الأولى التي يطرحها المؤتمر هي سؤال الوقت الراهن وهو كيف يمكن للموسيقى العربية أن تحافظ على روحها وجمالها الأصيل في عصر تحكمه الخوارزميات والأدوات الذكية؟ في محاولة جادة لفهم التوازن بين ما هو إنساني وما هو تقني، بين العفوية التي تميز الإبداع الفني وبين الصنعة الرقمية التي أصبحت جزءاً من حياتنا اليومية.

ويأتي المحور الثاني ليعيد النظر في مفهوم التعليم الموسيقي داخل المجتمعات العربية، في ظل الطفرة التكنولوجية التي فتحت آفاقاً جديدة للتعلم والتدريب. لم يعد المعلم وحده هو المصدر، بل صارت المنصات الرقمية والأدوات التفاعلية جزءاً من التجربة الفنية والتعليمية، وهو ما يدفع نحو إعادة التفكير في طرائق التدريس وأساليب إعداد الأجيال الجديدة من الفنانين.

أما المحور الثالث فيستحضر الذاكرة، ليعيد قراءة ما أنجزه مؤتمر القاهرة للموسيقى العربية عام 1932، تلك اللحظة التاريخية التي أرست أسس البحث العلمي في الموسيقى الشرقية، ويعود المؤتمر في دورة هذا العام ليطرح سؤال التوثيق من جديد: كيف يمكن حفظ هذا التراث الغنائي والموسيقي الضخم في عصر الثورة الرقمية؟ وكيف يمكن للمنصات الحديثة أن تكون جسراً بين الماضي والمستقبل، تحفظ ذاكرة الأجيال دون أن تجمدها؟

أما المحور الرابع فيناقش جوهر الإبداع ذاته، متأملاً تحديات الإنتاج الموسيقي في زمن تتبدل فيه أدوات الصياغة والتوزيع والنشر. فبين التلحين والتأليف والأداء، تواجه الموسيقى العربية اليوم اختباراً حقيقياً، إذ لم يعد الإنتاج الفني رهناً بالمسارح أو شركات التسجيل فقط، بل أصبح فضاءً مفتوحاً على الإنترنت، وهو ما يطرح أيضاً تساؤلات حول القيمة والجودة والاستمرارية.

وبهذه المحاور يظل مؤتمر الموسيقى العربية في دورته الثالثة والثلاثين مساحة فكرية تجمع بين التأمل في الماضي والتطلع إلى المستقبل، محاولاً استشراف الطريق الذي ستسلكه الموسيقى العربية في عالم سريع الإيقاع.

المكرمون 

وفي كل عام، يُكرم المهرجان نخبة من المبدعين والموسيقيين الذين تركوا أثراً في وجدان الأمة، فيجمع بين الأحياء والراحلين في ذاكرة واحدة، كأن كل دورة تقول: «إن الفن الحقيقي لا يموت، بل يتجدد في قلوب من يؤمنون به».

وخصص مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية في دورته الثالثة والثلاثين لحظة وفاء وعرفان لعدد من الأسماء التي أثرت المشهد الموسيقي والغنائي في مصر والعالم العربي، تقديرًا لما قدموه من جهود حقيقية أسهمت في ترسيخ مكانة الفن العربي والارتقاء بذائقة جمهوره.

ففي حفل الافتتاح الذي يقام على مسرح النافورة بدار الأوبرا المصرية، سيتم تكريم أحد عشر شخصية من بين أبرز المبدعين الذين تركوا بصماتهم في مسيرة الموسيقى والغناء، وهم: الدكتور هشام شرف من الأردن، واسم الفنانة نعيمة سميح من المغرب، واسم الشاعر الكبير الهادي آدم من السودان، وعازف الكولة المتميز إبراهيم فتحي من مصر، والدكتورة شيرين عبد اللطيف أستاذة الموسيقى العربية وعميد كلية التربية الموسيقية بجامعة حلوان، واسم الموسيقار وعازف الجيتار جلال فوده، والمايسترو حسن فكري، والشاعر وائل هلال، والملحن خالد عز، والمطرب القدير محمد الحلو، والمطربة آمال ماهر التي تمثل جيلًا جديدًا وامتدادًا للأصوات الأصيلة في الأغنية المصرية.

ويأتي هذا التكريم كتعبير عن الامتنان لمن جعلوا من الموسيقى رسالة حضارية وجسر تواصل بين الأجيال، واستمروا في حمل روح التراث بروح من التجديد والإبداع.

«عودة الروح» واستعادة الجوهر للفن المصري

لا يُعد مهرجان الموسيقى العربية مجرد حدث موسمي، بل إنه فعل استعادة لجوهر الفن المصري، ودليل على أن القاهرة ما زالت قادرة على أن تجمع بين الأصالة والتجديد، بين البحث العلمي والعطاء الإبداعي، بين صوت أم كلثوم وأحلام الجيل الجديد.

إن المهرجان اليوم لا يحتفي بالفن فحسب، بل يحتفي بمصر ذاتها، بتاريخها الموسيقي الممتد، وبقدرتها على أن تجمع بين الأجيال والأصوات والمدارس في تناغم واحد. فمنذ أول نغمة في حفل الافتتاح وحتى آخر وتر يُعزف في الختام، تبدو الأوبرا كأنها تكتب فصلاً جديدًا من تاريخنا الثقافي، فصلاً عنوانه »عودة الروح إلى الموسيقى العربية«.

وفي أروقة دار الأوبرا المصرية، يمتد الجمال إلى ما هو أبعد من الغناء، فمعارض الخط العربي والفنون التشكيلية تصاحب الفعاليات لتجعل من المهرجان مساحة تتجاور فيها النغمة مع الحرف، والصوت مع الصورة، في مشهد يعيد لمصر هيبتها الثقافية التي كانت يوماً منارة للشرق، حيث يشهد المؤتمر معرضاً لفنون الخط العربي  للفنان يسرى المملوك، بقاعة صلاح طاهر، إلى جانب معرض شباب الخطاطين الذي سيقام اعتباراً من الغد 19 أكتوبر حتى 22 أكتوبر بقاعة زياد بكير بالمكتبة الموسيقية.

مسابقة المهرجان صون الهوية 

تتجلى روح المهرجان هذا العام في الحرص على إحياء التراث الموسيقي العربي عبر الأجيال الجديدة، وذلك من خلال المسابقة الرسمية التي تُعد من أبرز فعاليات مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية.

تنقسم المسابقة إلى ثلاثة أقسام، تحمل جميعها رسالة المهرجان في اكتشاف المواهب، وصون هوية الغناء والموسيقى العربية.

يأتي القسم الأول باسم الدكتورة رتيبة الحفني، المؤسسة الأولى للمهرجان وصاحبة الفضل في وضع لبناته الأولى، ويُخصص للغناء العربي للشباب من سن 17 إلى 40 عامًا، وقد قسمت إلى ثلاث جوائز بإجمالي 120 ألف جنيه، ويشترط على المتسابق أداء عمل من أعمال كوكب الشرق أم كلثوم إلى جانب أغنية من اختياره، تأكيدًا على استمرارية التراث المصري الأصيل في أصوات الأجيال الجديدة.

أما القسم الثاني، فيُكرّس لفن التخت العربي، للفئة العمرية من 18 إلى 45 عامًا، على أن يتكون التخت من خمسة إلى سبعة عازفين يقدمون عملًا من أحد قوالب الموسيقى العربية مثل السماعي أو الدور أو اللونجا كاختبار إلزامي، بالإضافة إلى عمل آخر من اختيارهم، مع تخصيص 70 ألف جنيه كجائزة للتخت الفائز، احتفاءً بالموسيقى الجماعية وروح التناغم بين العازفين.

بينما يحمل القسم الثالث أيضًا اسم الدكتورةرتيبة الحفني، ويخصص هذه المرة للغناء العربي للأطفال من سن 6 إلى 12 عامًا، لإتاحة الفرصة أمام الأصوات الصغيرة للتعبير عن حبها للموسيقى العربية، وقد رصدت جوائز للفائزين بإجمالي 90 ألف جنيه، مع شرط أداء أحد أعمال أم كلثوم إلى جانب أغنية يختارها المتسابق، لتنشئة جيل جديد يتذوق الفن الأصيل منذ طفولته.

d1f25badf1.jpg
د. سمحة الخولى
362a71ca35.jpg
د. رتيبة الحفنى

 

 

 

أخبار ذات صلة

0 تعليق