يُعد نقص “فيتامين د” من الحالات الصحية المنتشرة والخطيرة، خصوصًا لدى كبار السن، إذ يؤثر بشكل مباشر في صحة العظام والعضلات ووظائف الجسم الحيوية، وقد كشفت الدراسات وجود ارتباط واضح بين انخفاض مستويات هذا الفيتامين وزيادة احتمالية الإصابة بهشاشة العظام، ومع ذلك ما زالت الحاجة قائمة لإجراء أبحاث وتجارب علمية دقيقة لتحديد مدى قدرة "فيتامين د" على الوقاية من أمراض الشيخوخة المزمنة، مثل الزهايمر والاكتئاب وأمراض القلب والضغط والسكري والسرطان، أو تحسين مسارها عند المصابين بها.
ووفقا لـ healthline تشير تقارير علمية حديثة إلى أن نتائج الدراسات حول فعالية فيتامين (د) ما زالت متباينة؛ فبعضها أظهر فائدة واضحة في دعم صحة الجهاز المناعي والعظام والقلب، بينما لم تؤكد دراسات أخرى هذه النتائج بشكل قاطع. لذلك، لا يمكن حتى الآن الجزم بفعالية مكملات فيتامين (د) في الوقاية من جميع تلك الأمراض، ومع تزايد أعداد كبار السن في مجتمعاتنا، تبرز الحاجة إلى وضع معايير واضحة لفحص نقص فيتامين د وعلاجه، مع تحديد القيم المناسبة لكل فئة عمرية أو حالة صحية. كما أن الأبحاث الجارية حول الجرعات المثالية من الفيتامين للوقاية من أمراض الشيخوخة ستكون ذات أهمية بالغة للأجيال القادمة.
نقص “فيتامين د” وعلاقته بالأمراض لدى كبار السن
1. الخرف والزهايمر
• أثبتت الدراسات أن انخفاض فيتامين (د) لدى المسنين يرتبط بزيادة خطر الإصابة بالخرف ومرض الزهايمر.
• يُعتقد أن للفيتامين دورًا في حماية الخلايا العصبية وتحسين وظائف الدماغ من خلال تنظيم المناعة العصبية والعوامل المؤثرة في الأعصاب.
2. الاكتئاب
• النقص الشديد في فيتامين (د) يرتبط بارتفاع معدلات الاكتئاب بين كبار السن.
• يرجع ذلك إلى تأثيره المباشر في تنظيم المواد الكيميائية العصبية التي تؤثر على المزاج والذاكرة.
3. هشاشة العظام
• يؤدي نقص فيتامين (د) إلى ضعف امتصاص الكالسيوم، مما يجعل العظام أكثر عرضة للكسر والسقوط.
• كما يسهم في زيادة إفراز هرمون الغدة جار الدرقية، الذي يرفع من معدل دوران العظام ويُضعفها بمرور الوقت.
4. أمراض القلب والأوعية الدموية
• يرتبط نقص فيتامين (د) بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتات الدماغية، خاصة لدى النساء.
• وقد تعود هذه العلاقة إلى تأثير الفيتامين في ضبط الالتهابات وتنظيم خلايا العضلات الملساء داخل الأوعية.
5. ارتفاع ضغط الدم
• لوحظ أن انخفاض مستويات فيتامين (د) يرافقه ارتفاع في ضغط الدم، نتيجة اضطراب في نظام الرينين–أنجيوتنسين المسؤول عن تنظيم ضغط الدم والسوائل في الجسم.
6. داء السكري من النوع الثاني
• يرتبط نقص فيتامين (د) بارتفاع مستويات سكر الدم ومقاومة الأنسولين.
• وتشير بعض الدراسات إلى أنه يعزز حساسية الخلايا للأنسولين ويحسن إفرازه من البنكرياس.
7. السرطان
• تشير الأدلة إلى أن انخفاض فيتامين (د) قد يزيد من خطر الإصابة بسرطانات القولون والمستقيم والبروستاتا، خاصة الأنواع المتقدمة منها.
• ويُعتقد أن آلية الحماية تكمن في قدرته على ضبط نمو الخلايا وتقوية الاستجابة المناعية ضد الخلايا السرطانية.
الشيخوخة الجسدية ودور فيتامين د
تشير الأدلة الحديثة إلى أن تراجع مستويات فيتامين (د) يسهم في تسريع مظاهر الشيخوخة وظهور أمراضها الشائعة، مثل هشاشة العظام وأمراض القلب والسكري والسرطان. ولهذا، تتجه الأبحاث الطبية اليوم إلى دراسة جدوى مكملات فيتامين (د) في الوقاية من هذه الأمراض وتحسين نوعية حياة كبار السن.
هشاشة العظام وعلاقة “فيتامين د” بها
يعاني ما يقرب من 10 ملايين شخص فوق سن الخمسين من هشاشة العظام، بينما يعاني أكثر من 30 مليون آخرين من ضعف في كثافة العظام. وعلى الرغم من أن المرض يصيب كلا الجنسين، إلا أن النساء يشكلن نحو 80% من الحالات، خاصة بعد انقطاع الطمث.
وتتعدد أسباب الإصابة، منها قلة الكالسيوم وفيتامين (د)، وقلة النشاط البدني، والتدخين، والعوامل الوراثية.
يلعب فيتامين (د) دورًا جوهريًا في امتصاص الكالسيوم ودعم قوة العظام. فعندما ينخفض مستواه، يقل امتصاص الكالسيوم في الأمعاء، مما يؤدي إلى ارتفاع هرمون الغدة الدرقية، وبالتالي ضعف البنية العظمية.
وقد أكدت أبحاث متعددة أن نقص فيتامين (د) يرتبط بزيادة احتمالات السقوط والكسور والضعف العضلي عند كبار السن.
أظهرت مراجعات علمية واسعة أن تناول أكثر من 400 وحدة دولية يوميًا من فيتامين (د) يقلل من خطر كسور الورك والكسور غير الفقرية بنسبة تقارب 20%. كما أثبتت دراسات لاحقة أن تناول جرعات أعلى — تصل إلى 800 وحدة دولية يوميًا — يوفر حماية إضافية للأشخاص فوق 65 عامًا.
فيتامين (د) وجهاز المناعة
يتراجع أداء الجهاز المناعي مع التقدم في العمر، وهي عملية تعرف بـ”الشيخوخة المناعية”، مما يجعل كبار السن أكثر عرضة للعدوى والأمراض.
يساعد فيتامين (د) في تعزيز المناعة الطبيعية عبر تحفيز إنتاج بروتينات مثل الكاثليسيدين التي تهاجم الميكروبات والفيروسات، كما يساهم في توازن الاستجابة المناعية لتجنب الالتهابات المفرطة.
دور فيتامين (د) في الوقاية من السرطان
تشير البيانات الوبائية إلى أن المستويات الكافية من فيتامين (د) قد تخفض خطر الإصابة بسرطانات الثدي والبروستاتا والقولون. ويعود ذلك إلى تأثير الفيتامين في ضبط نمو الخلايا ومنع تحولها إلى خلايا سرطانية، إضافة إلى دوره في الحد من الالتهاب والإجهاد التأكسدي.
وقد أظهرت دراسة واسعة شملت أكثر من 36 ألف امرأة بعد سن اليأس انخفاض خطر الإصابة بسرطان الثدي بنسبة تتراوح بين 14% و20% لدى من تناولن مكملات فيتامين (د) والكالسيوم. بينما أشارت تحليلات أخرى إلى أن الدمج بين فيتامين (د) والكالسيوم أكثر فاعلية من تناول الفيتامين وحده.
وفي دراسات أُجريت على الرجال، تبين أن ارتفاع مستويات فيتامين (د) ارتبط بانخفاض خطر الإصابة بسرطان البروستاتا القاتل بنسبة 57%.
كما بينت تحاليل مستقبلية شملت آلاف الحالات أن فيتامين (د) يقي من سرطان القولون والمستقيم، خصوصًا النوع المستقيمي.
ورغم هذه النتائج الإيجابية، لا تزال هناك حاجة إلى مزيد من التجارب السريرية واسعة النطاق مثل دراسة VITAL لتحديد الجرعات المثلى من فيتامين (د) ودوره الدقيق في الوقاية من السرطان.
0 تعليق