قرر الاتحاد الإفريقي، اليوم الأربعاء، تعليق عضوية مدغشقر في جميع مؤسساته بمفعول فوري، وذلك غداة إعلان الجيش توليه السلطة وإطاحته بالرئيس أندري راجولينا، في خطوة أثارت قلقًا واسعًا داخل القارة الإفريقية والمجتمع الدولي بشأن استقرار البلاد ومسارها الديمقراطي.
وأعلن رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي محمود علي يوسف، في بيان رسمي، أن قرار التعليق جاء استنادًا إلى مبادئ الاتحاد التي ترفض أي تغيير غير دستوري للحكم في الدول الأعضاء، مؤكدًا أن هذا الإجراء يهدف إلى "الحفاظ على الشرعية الدستورية وتشجيع العودة السريعة للنظام الديمقراطي في مدغشقر".
وكانت وحدة خاصة في جيش مدغشقر، بقيادة الكولونيل ميكاييل راندريانيرينا، قد أعلنت أمس الثلاثاء استيلاءها على السلطة بعد أن صوتت الجمعية الوطنية على عزل الرئيس راجولينا، الذي يُعتقد أنه غادر البلاد إلى جهة غير معلومة. وأكد البيان العسكري أن هذه الخطوة جاءت لـ"حماية استقرار البلاد بعد أزمة سياسية متصاعدة".
ويُعد هذا التحرك العسكري أحدث انقلاب تشهده القارة الإفريقية خلال الأعوام الأخيرة، حيث شهدت عدة دول مثل النيجر ومالي وبوركينا فاسو انقلابات عسكرية مشابهة أدت إلى تعليق عضويتها أيضًا في الاتحاد الإفريقي.
وقال محمود علي يوسف إن الاتحاد "يدين بشدة أي استيلاء غير شرعي على السلطة"، مطالبًا الجيش في مدغشقر بضمان سلامة الرئيس المعزول وأعضاء حكومته، والدعوة إلى حوار وطني شامل يمهد لعودة النظام الدستوري في أسرع وقت.
وأضاف رئيس المفوضية أن الاتحاد الإفريقي سيواصل مراقبة الأوضاع عن كثب بالتنسيق مع المجموعة الإنمائية للجنوب الإفريقي (سادك) والأمم المتحدة، مشيرًا إلى أن المجلس السلمي والأمني للاتحاد سيعقد جلسة طارئة لبحث الخطوات التالية، بما في ذلك إمكانية فرض عقوبات دبلوماسية أو اقتصادية على القادة العسكريين في حال رفضهم إعادة السلطة للمدنيين.
وفي العاصمة أنتاناناريفو، سادت حالة من الترقب والهدوء الحذر، وسط انتشار مكثف للقوات العسكرية في الشوارع الرئيسية ومحيط المباني الحكومية. وأفادت تقارير إعلامية محلية بأن الجيش سيطر على مقر الرئاسة ومبنى البرلمان، فيما أُغلقت العديد من المؤسسات العامة والبنوك تحسبًا لأي اضطرابات أمنية.
وتعاني مدغشقر، وهي جزيرة تقع في المحيط الهندي وتعد من أفقر دول إفريقيا، من أزمات سياسية متكررة منذ استقلالها عام 1960، إذ شهدت عدة محاولات انقلاب وصراعات داخلية بين الجيش والنخب السياسية. وكان الرئيس أندري راجولينا قد عاد إلى الحكم في عام 2019 بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية، متعهدًا بإطلاق إصلاحات اقتصادية وتنموية، لكن حكومته واجهت احتجاجات متزايدة خلال الأشهر الماضية بسبب تدهور الأوضاع المعيشية واتهامات بالفساد وسوء الإدارة.
ويرى مراقبون أن تعليق عضوية مدغشقر قد يعمق عزلتها الإقليمية ويؤثر على الدعم الاقتصادي والمالي الذي تتلقاه من المؤسسات الإفريقية والدولية، خصوصًا في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد.
ويؤكد الاتحاد الإفريقي أن عودة مدغشقر إلى صفوفه ستظل مشروطة بوضوح بخارطة طريق واضحة نحو انتخابات حرة ونزيهة، وعودة الحكم المدني وفقًا للمعايير الديمقراطية المنصوص عليها في ميثاق الاتحاد.
0 تعليق