أصبحت مصر رسميًا أول دولة في المنطقة تنتج هواتف سامسونج من الفئات الرائدة، بعد موافقة الشركة الكورية الجنوبية على نقل جزء من خطوط إنتاج سلسلة Galaxy S إلى مجمع مصانعها بمحافظة بني سويف، عقب مفاوضات استمرت نحو عامين بين الطرفين، أسفرت عن اعتماد تقنية دقيقة تُعد من الأصعب عالميًا في صناعة الهواتف الذكية.
وتضع هذه الخطوة مصر ضمن قائمة ضيقة جدًا لا تشمل سوى كوريا الجنوبية وفيتنام، الدولتين المعتادتين على تصنيع هواتف سامسونج الأعلى أداءً والأكثر تعقيدًا، في مؤشر واضح على ثقة الشركة في الصناعة المصرية.
خطوة استثنائية تغير خريطة التصنيع الإقليمي
من المعروف أن سامسونج لا تنتج سلسلة Galaxy S إلا في مواقع محدودة للغاية، نظرًا لحساسيتها التقنية واعتمادها على خطوط إنتاج شبه أوتوماتيكية. ونقل إنتاج Galaxy S25 Ultra إلى مصر يُعد استثناءً نادرًا يعكس مستوى الثقة في المصنع المصري.
وكشفت مصادر مطلعة أن موافقة الشركة الأم جاءت بعد مفاوضات امتدت لعامين بسبب المعايير الفنية الصارمة التي تفرضها سامسونج على أي مصنع يتولى إنتاج الهواتف فائقة التطور.
مصنع بني سويف.. أول منشأة لسامسونج في الشرق الأوسط وأفريقيا
يُعد مصنع سامسونج في كوم أبو راضي ببني سويف أول مصنع للشركة في الشرق الأوسط وأفريقيا، وواحدًا من 14 مصنعًا فقط على مستوى العالم. ويضم المصنع خطوط إنتاج متكاملة تشمل تصنيع البوردات الإلكترونية، خط حقن البلاستيك، مركز صيانة الإسطمبات، خطوط تجميع متقدمة، ومستودعات ذكية للخدمات اللوجستية.
وتبلغ الطاقة الإنتاجية للمجمع 6 ملايين وحدة سنويًا، فيما تصدر الشركة 90% من إنتاج شاشات التلفزيون إلى أكثر من 55 دولة، ما جعلها تتصدر صادرات القطاع الهندسي المصري منذ عام 2015 وحتى اليوم.
استثمارات ضخمة لتوسعات الهواتف
ضخت سامسونج أكثر من 700 مليون دولار منذ بدء عمل المصنع في 2013، بينها 85 مليون دولار بين 2022 و2024 لتطوير خطوط إنتاج الهواتف والتابلت. كما خصصت الشركة 55 مليون دولار لإنشاء مبنى جديد لإنتاج الهواتف المحمولة على مساحة تتجاوز 9 آلاف متر مربع، يضم أحدث المعدات الأوتوماتيكية لتقليل تدخل العنصر البشري، وتم تصميمه خصيصًا لاستيعاب تصنيع الفئات الرائدة.
إشراف كوري مباشر وتقنيات تصنيع متقدمة
يخضع خط تصنيع Galaxy S25 Ultra في مصنع بني سويف لإشراف مباشر من مهندسي سامسونج في كوريا الجنوبية لضمان مطابقة المنتج للمعايير الدولية نفسها المعتمدة في المصانع الرئيسية. وتعتمد خطوط الإنتاج على معدات عالية الدقة ونظم فحص إلكترونية تقلل تدخل العمالة البشرية، مع تدريب العاملين المصريين في مصانع سامسونج في كوريا الجنوبية وروسيا وماليزيا، ما رفع كفاءة العمالة المحلية لتصنيع المنتجات الأكثر حساسية وتقنيًا.
دعم حكومي وحوافز استثنائية
جاء قرار نقل تصنيع الفئة الرائدة إلى مصر مدفوعًا بخطة حكومية شاملة لتوطين الصناعات التكنولوجية المتقدمة، عبر حزمة واسعة من الحوافز شملت تسهيلات استثمارية وإعفاءات جمركية لمستلزمات الإنتاج، وإدراج المصنع ضمن الشركات المرشحة للاستفادة من برنامج رد الأعباء التصديرية بقيمة 45 مليار جنيه خلال العام المالي 2025/2026، يخصص منها 7 مليارات جنيه للصناعات التكنولوجية وعلى رأسها الهواتف الذكية والشاشات والمكوّنات الرقمية.
وأكدت الحكومة أن سامسونج تعد من أبرز الشركات المؤهلة للاستفادة من البرنامج نظرًا لارتفاع نسب التصدير واعتمادها المتزايد على المكون المحلي.
ثقة عالمية في الصناعة المصرية
أشارت سامسونج إلى أن اختيار مصر لتصنيع سلسلة S غير مسبوق، خاصة وأن الشركة تشتهر بصرامتها في اختيار مواقع تصنيع الهواتف الرائدة. ويعود ذلك إلى جودة خطوط الإنتاج بعد التوسعات الأخيرة، وسمعة المصنع المصري كمركز تصديري محوري، ونجاح تجارب الإنتاج السابقة دون مشكلات تقنية، بالإضافة إلى أهمية السوق المصري كنقطة توزيع إقليمية.
وأوضحت الشركة أنها لا تعتمد أي خط إنتاج للفئة الرائدة إلا بعد اجتيازه اختبارات جودة دقيقة، مشابهة لتلك التي دفعتها سابقًا لسحب أجهزة Note 7 من الأسواق العالمية في أسبوع واحد فقط عقب اكتشاف خلل.















0 تعليق